تنصلت جهتان حكوميتان في نجران أخيرا، من مشكلة انتشار "الحجامة" بشكل عشوائي في المنطقة، ففي حين أكد المتحدث المكلف باسم أمانة نجران أحمد آل حارث ل"الوطن"، أن الأمانة لم تصدر أي تراخيص لمحلات الحجامة، ولا تقوم بأية جولات عليها، وأن إصدار التراخيص من مسؤوليات وزارة الصحة، نفى المتحدث باسم صحة المنطقة محسن الربيعان ذلك، قائلا إن دور الشؤون الصحية يتمثل في منع مزاولة هذا النشاط داخل المنشآت الصحية الخاصة فقط. يأتي ذلك في ظل اتجاه الكثيرين إلى الطب البدليل طمعا في الشفاء من الأمراض التي لا يجدون لها علاجا سريعا في المستشفيات أو لتلافي مواعيد المراجعات الطويلة. وتهدد "الحجامة" وهي الأكثر طلبا كطب بديل، بحدوث فوضى علاجية وانتشار الأمراض، خاصة في ظل عدم وجود جهات معينة تتابع هذا النوع من العلاج المربح لمزاوليه. وفي ظل تنصل أمانة وصحة المنطقة من مسؤولياتهما تجاه هذا النشاط، بات جليا أن المستفيد من ذلك هو المنتفعون من دخل الحجامة الذين انتشروا في محلات عشوائية، وحرص الكثيرون منهم على اختيار مواقع بعيدة عن الأنظار، في ظل انقسام المجتمع بين فئة تؤيد ممارسة هذا النشاط وأخرى ترفضه. وقال المواطن صالح سعيد إنه من المؤيدين لوجود الحجامة وإن خبرته ساعدته كثيرا في تمييز من يتقنون الحجامة بشكل محكم. وأضاف: "بالنسبة لي أعرف فوائد الحجامة الصحية، فأنا أذهب إلى أحد المستوصفات الصحية الخاصة حسب تواريخ محددة للحجامة، وأتمنى أن يتم تخصيص مراكز متكاملة بأطقمها وأن يتم منعها في المحلات العشوائية المخالفة غير المرخصة". أما المواطن فيصل سعد، فيعتقد أن الحجامة أصبحت من الماضي، وأن الطب الحديث جاء بالبدائل، بالإضافة إلى أن انتشار الأمراض المعدية بسبب الأدوات المستخدمة في الحجامة يجعل منها "شبحا" يهدد حياة الناس. من جهته، قال أحد العاملين في مهنة الحجامة ويزاولها في مستوصف صحي خاص- وطلب عدم ذكر اسمه- إنه حاصل على شهادة في الطب البديل، وإن الحجامة تتميز بفوائد كثيرة، مشيرا إلى أن هناك مراكز طبية تقوم بعمليات الحجامة وذلك باتباع خطوات فحص طبي قبل العملية لضمان سلامة المحتجم، وذلك لخطورتها في بعض الأحيان لأن هناك تفاصيل دقيقة جداً لمن يشتكي من مشاكل صحية مزمنة ولا بد من اتخاذ بعض الاحتياطات قبل البدء في العملية. وأضاف أن بعض العاملين في محلات الحجامة العشوائية قد يمتلكون الخبرة ويقتنع بهم الآخرون، إلا أنه تنقصهم الأدوات النظيفة والمعقمة وأجهزة الفحص الطبي. أحد الممارسين للحجامة أكد أنه ورث المهنة من والده، وأنه يمارسها منذ 43 عاماً في نجران، وقال "كنا نمارسها قديماً باستخدام قرون المواشي كالبقر بوضعها في المكان المراد حجامته ومن ثم نقوم بسحب الدم عن طريق الشفط بواسطة الفم، أما الآن فنحن نستخدم أدوات طبية وأجهزة تساعدنا في هذا النوع من العمليات". وعندما سألت "الوطن" هذا الممارس عن كيفية التخلص من الدماء والأدوات المستخدمة كالأكواب والمشارط قال: "بعد انتهاء عمل يوم كامل نتلفها في أحد الأودية".