شدد عدد من الفنانين على أهمية التراث كركيزة لكل حضارة إنسانية، باعتباره الهوية التي ننتمي إليها، والتاريخ الذي يجسد مسيرة الإنسان وحضارته جيلاً بعد جيل، وذهبوا في حديث إلى "الوطن" إلى أن التعرف على حضارات الشعوب وأنماط حياة الأمم، ومستويات نهضتها وتميزها عن غيرها من الحضارات والثقافات الأخرى، يتأكد من خلال التراث، ملقين بالمسؤولية على الفن في الحفاظ عليه من خلال توثيقه عبر أدواته المختلفة، كالفن التشكيلي، والمسرح، والفلكلور، وفن التصوير الضوئي وغيرها من الفنون. الفنانة صفاء الجنبي قالت: إن الفنون التشكيلية دعمت التراث جداً، ووثقت حقبة تاريخية، ففي السابق لم يكن الاعتماد بشكل مباشر على التصوير كما هو الآن، فتعرفنا بشكل بصري جميل على تراثنا سواء باستخدام المدرسة الواقعية التي نقلت لنا التراث بكل دقة أم المدرسة السريالية التي بينت إحساس الفرد خلال هذه الفترة، وأيضا المدرسة التجريدية التي توضح جمال التراث وانتمائنا له. الفنان التشكيلي إبراهيم السعيد يقول: ما زلنا ننتظر بعض فناني المناطق لتقديم تراثهم فبعض فناني المملكة في بعض المناطق قدموا تراثهم كالفنان عبدالله حماس بمنطقة عسير، ومنير الحجي في المنطقة الشرقية، وسعيد العلاوي وتقديمه رواشين الحجاز، آملا أن نرى بقية مناطق المملكة في تقديم التراث ليس في التراث المعماري فقط، بل في الزي والألعاب والأواني. وقالت الفنانة التشكيلية أنوار الشيوخ: نعم الفنون التشكيلية وثقت التراث في بلادنا بأكثر من طريقة ولكل فنان طريقته في توثيق التراث، كما أن له دورا كبيرا في تقديم التراث إلى الأجيال الجديدة، يمكننا أن نعبر عن التراث بحبنا له فقد نجسده في لوحة تحكي عن الماضي. وتتفق معها الفنانة زينب مهنا في أن الفن نقل قصص وتراث الشعوب، مثل تراث الفراعنة في مصر عن طريق النحت، والتراث الفارسي عن طريق منمنماته المبدعة، إلا أن الشعوب الخليجية مع الأسف مقلة في توثيق تراثها عن طريق الفن التشكيلي المباشر. بينما تؤكد أميرة الأمير أن الشعوب الخليجية اتجهت بنشر فنها عن طريق المباني وزخرفتها بأجمل النقوش، لكن هذا الفن اندثر الآن، وأصبحت الزخارف الأندلسية هي الغالبة، فالعباءات الرجالية مثلا تحتوي تقريبا على 5 أنواع من الغرز وكل واحدة من هذه الغرز فن بذاته لأنها مستوحاة من البئية، وهو فن اتجه إليه الخليجيون وجسدوه لكن ليس عبر اللوحات الفنية، بل في المباني والملبوسات. ويعبر الفنان التشكيلي سامي العطا الله عن تجربته في هذا السياق قائلا: اتجهت للتجريد من خلال تجسيد الزخارف الشعبية لبعض المناطق وإدراج بعض الخامات، ولا ننكر أن كثيرا من الفنانين تناولوا التراث في أعمالهم إلا أن هذه الأعمال كانت لبعض جوانب التراث، فنجد الفنان الراحل محمد الصندل مجسدا لكثير من الجوانب الشعبية في الأحساء كالعادات والجلسات الشعبية، وفي الكويت الفنان الراحل أيوب حسين، جسد كثيرا من الشعبيات كالألعاب والأزياء. العطا الله طالب الفنانين بالبحث وتقديم الجانب التراثي في الفن التشكيلي والتصوير الضوئي وحتى النحت من خلال المجسمات الفنية التي تجسد الجوانب التراثية.