دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، إلى تضافر الجهود للقضاء على ظاهرة البطالة في العالم العربي، معتبرا إياها واستراتيجيات القضاء عليها محور اهتمام تجمع المنتدى العربي الثاني للتنمية والتشغيل، إذ لا يمكن لجهود منفردة أن تحقق النتائج المرجوة في التعامل مع قضايا التنمية والتشغيل، دون مشاركة الجميع، خاصة الاقتصاديين والاجتماعيين وغرف التجارة والصناعة والاتحادات العمالية، وأصحاب الفكر المستنير. ونقل وزير العمل المهندس عادل فقيه، في بداية أعمال المنتدى أمس في الرياض، تمنيات الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، في تحقيق ما تصبو إليه شعوب المنطقة العربية، التي تتطلع باهتمام لاجتماعنا هذا، باعتباره أملا ننشده جميعا في تحقيق تنمية مستدامة وحماية اجتماعية شاملة، فتلك قضية من أهم القضايا التي تهم بلداننا، مضيفا: "ومن هنا تأتي أهمية المنتدى العربي الثاني للتنمية والتشغيل؛ لأنه وسيلة لتحقيق أهداف وطموحات أبناء الأمة وشبابها". وتضمنت كلمة خادم الحرمين الشريفين إلى المنتدى، تقدير المملكة للجهود الحثيثة والدور المحوري الذي تقوم به منظمة العمل العربية في توحيد الجهود، ومبادرتها بعقد هذا المنتدى، وحشد الدعم العالمي له، المتمثل في هذا العدد من المسؤولين عن صناعة القرار في الوطن العربي، والمنظمات الدولية والمؤسسات العربية والعالمية. من جهته، قال مدير عام منظمة العمل العربية أحمد لقمان، إن مختلف التجارب أثبتت أن البطالة مسألة شديدة التعقيد، تتجاوز في أبعادها ومُسبباتها صلاحيات وقدرات تدخّل وزارة بعينها، مضيفا: "لذا أقررنا منذ أواخر عام 2007 فكرة هذا "المنتدى"؛ لإخراج مقاربة التشغيل من بوتقته الضيقة إلى مقاربة أوسع تشمل الأبعاد الاقتصادية والتنموية والاجتماعية والتعليمية". وأضاف أن فكرة "المنتدى" تتمثل في الربط بين "التنمية" و"التشغيل" على مستوى المضامين والخطط والبرامج، وفق منظور تتكامل فيه كل المكونات، كما أنه يمثل إطارا أوسع للشراكة بين كل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين ومنظمات أصحاب العمل والعمال، ومؤسّسات المجتمع المدني لمعالجة قضايا التشغيل والبطالة وفق رؤية تشاركية، تضامنية، مكتملة الأبعاد. وقال لقمان إن الحراك الشعبي كشف منذ نهاية 2010 عن مدى حدة البطالة خاصة في بعض الدول العربية، مضيفا: "فإنّ البطالة في المنطقة عموما مشكلة مزمنة ومتراكمة تعود إلى العديد من الأسباب نُجملها باختصار شديد في العوامل الدّيموغرافية التى تتسم بارتفاع معدل النمو السكاني (بالرغم من تراجُعه تدريجيا) المقدّر ب 2.4% سنويا، وهو ما يفسّر في جانب آخر ارتفاع معدل الإعالة للشريحة العمرية دون 15 سنة التي تمثل 33.8%؛ كما تتسم أيضا بتواصل نمو القوى العاملة بمعدل 3.1% سنويا بحكم التزايد السكاني المرتفع في الأعوام الماضية، وهو ما يزيد من الضغوط على سوق العمل. هذا إضافة إلى التطوّر المتنامي لمعدّل نشاط المرأة المقدّر في المتوسّط العام ب 20% بحكم توسّع التعليم والارتقاء بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة. إلا أن حصة المرأة في سوق العمل ظلت متواضعة حيث تقدّر ب 32%. وذكر لقمان أن العوامل الاقتصادية لم تساعد على تنمية التشغيل والحد من البطالة؛ نظرا لتواضع معدل الاستثمار الإجمالي، إذ لا يتجاوز 23.5% من الناتج المحلي الإجمالي في 2011 وفق تقرير صندوق النقد العربي للعام 2012 (مقابل 38% في دول شرق آسيا)، واستقرار معدل الاستثمار الخاص في حدود 14% نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي (مقابل 29% في دول شرق آسيا مثلا). وأضاف: "ومن ضمن العوامل الاقتصادية غير المساعدة على النهوض بالتشغيل تقلبات معدل النمو الاقتصادي الذي لم يتجاوز في المعدّل العام 5% منذ سنة 2000. وقد تراجع هذا المعدّل في 2011 إلى 2.4%. وهذه النّسب غير قادرة على توليد فرص العمل المطلوبة المقدّرة ب5 ملايين سنويا لاستيعاب الدّاخلين الجُدد إلى سوق العمل، وامتصاص مخزون البطالة، ومما يلاحظ أيضا على المستوى الاقتصادى في علاقته بالتشغيل محدودية قدرة جلّ الاقتصاديات العربية على توفير فرص عمل تتناسب مع التطور النوعي لتركيبة قوّة العمل بحكم ارتفاع معدّل الالتحاق بالتعليم العالي المقدر ب25.8%، وهي نسبة أعلى من المتوسط في المناطق النامية، أما المجموعة الثالثة ذات العلاقة بالتشغيل فهي تتمثل في العوامل التعليمية، ومنها على وجه الخصوص عدم الملاءمة بين مخرجات التعليم والتدريب واحتياجات سوق العمل ومتطلبات الرّيادة الاقتصادية التي باتت من أقوى المداخل لمعالجة بطالة الشباب وتوسيع قاعدة الإنتاج والمشاركة فيه.