السُخط والتذمر العام حول التدريب التقني والمهني في المملكة لم يعد مستغرباً، فلم تبق وسيلة إعلامية إلا وتناولت بالنقد البناء جدوى برامج التدريب التقني والمهني خصوصا في السنوات العشر الأخيرة، بل إن مجلس الشورى ومن خلال أكثر من جلسة وجه انتقادات صريحة وواضحة للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، وانتهاء بمنسوبي المؤسسة نفسها من مدربين وإداريين وحتى مديري إدارات عامة لم يتوانوا في شرح بعض ما يعتقدون أنه خلل. إذن الجميع يتفق على شيء واحد، وهو وجود الخلل.. ولكن ما هو بالضبط هذا الخلل؟ يحق لنا جميعاً السؤال.. أين يكمن الخلل؟ هل يكمن في مناهج المؤسسة، أم تجهيزاتها أم طبيعة التدريب وطرقه أو تأهيل منسوبيها وتطويرهم أو في عدم وجود شروط قبول عند التسجيل بها لاختيار المتدربين بناء على قدراتهم أم في الطريقة الأحادية التي تدار بها المؤسسة من قبل مسؤوليها؟ لو تأملنا في دعم الدولة لهذا القطاع لاكتشفنا حقيقة واحدة وهي أن هناك هماًّ مشتركا يجمع المواطن البسيط مع أولياء الأمر وكأن هذا الهم تثيره نفس الأسئلة التي تتكرر دائماً، متى سنرى ثمار كلياتنا ومعاهدنا التقنية والصناعية التي تسقيها الدولة بمليارات تصل لميزانيات دول؟! متى ستسهم مخرجاتها في تقليص المليارات المهاجرة إلى خارج الوطن؟! متى سيبني المواطن صناعة بيده ومتى سيشد الوطن بسواعد أبنائه؟! وما يثير الحيرة أكثر لدى المواطن هو عدم إعادة تقييم برامج المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني من قبل جهة محايدة مثل (هيئة التعليم العالي) للتأكد من أسباب تأخر جني هذه الثمار والتي يجب أن يشترك فيها عدد من المهتمين والخبراء الوطنيين من وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم وأعضاء من مجلس الشورى ذوي العلاقة وعدد من الشركات الوطنية ذات التجربة الرائدة في التدريب. لن أقول أو أنادي بما يزعج مسؤولي المؤسسة بضم كلياتها ومعاهدها لوزارة التعليم العالي أو حتى بإنشاء جامعة تقنية جديدة تضم تحتها هذه الوحدات المبعثرة، ولكني أرى أن تكون للتعليم العالي وجهة نظره في برامجها لا سيما وأن الأخيرة إلى تاريخه لا تعترف بكثير من الساعات التي تدرب عليها خريجي المؤسسة عندما يرغبون بالالتحاق بجامعاتها لإكمال الدراسة. كما أنه يجب على مسؤولي المؤسسة التأكد من أن كل من انتقدها وبرامجها فهو محب لوطنه ويغار عليه، خصوصا حين يرى دولاً فقيرة سبقتنا بخطوات كبيرة في مجال التدريب التقني والمهني، فلا تجعلوا همكم الرد على من انتقدكم بل عليكم الاستفادة والتعديل والمراجعة، والمؤمن مرآة أخيه.