رأت "أم عادل" أن السبيل إلى تحصين ولدها من الانحراف هو إتمام زواجه من بنت أخيها، خاصة في ظل المغريات العديدة التي يواجهها ابنها في كل وقت ومكان. وعن مدى نجاح هذه المقولة التي تصبح أحيانا مراهنة بمستقبل فتيات لا ذنب لهن، تقول أم عادل: "ظننت أن الزواج أفضل طريقة لتهذيب سلوك ابني الذي عجزت ووالده من الحد من تصرفاته المتهورة، واعتقدت أن ارتباطه وتكوينه لأسرة سيجعل منه رجلا حقيقيا يهتم لمستقبله، ولكن حلمي تحول إلى حقيقة مرة، فقد جعلت من بنت أخي ضحية لفكرة ذلك الزواج الخاطئ. ومن زاوية أخرى، استغربت "أم خلود" من الطلب الذي تقدمت به شقيقتها، وهو تزويج ابنتها لابنها، تقول: "لم تعِ شقيقتي بأن الزواج مسؤولية، فغير المبالي كيف له أن يعي ويتحمل مسؤولية بيت وزوجة، "فهل يستقيم الظل والعود أعوج". وتابعت قائلة: "استأت كثيرا من طلب أختي، وتعجبت كيف لها أن تتوقع بأن ولدها سيتغير، ويعقل بعد الزواج، وسيتحول إلى إنسان راشد يعي المسؤولية؟". وأوضحت قائلة: "لا يمكنني المخاطرة بمستقبل ابنتي، فهذه مجازفة غير محسومة النتائج، وقد نسيت شقيقتي بأننا في حال الموافقة سنتلاعب بحياة ومستقبل أسرة بأكملها". وهكذا يتسبب ربط "العقل بالزواج" الذي يتم أحيانا في بعض المجتمعات العربية في مشكلات اجتماعية. في ذات السياق، تقول الطالبة الجامعية منار الصقري: "الزواج ليس صفقة، وإنما هو توافق وشعور واختيار، وكل فتاة تحلم بأن يكون شريك حياتها متمتعا بالاتزان، ورجاحة العقل، وحسن التصرف، والفتاة العاقلة لايمكن أن تراهن بمستقبلها، وتقبل مثل تلك الزيجات، وبالنسبة لي لا يمكنني القبول بمثل تلك الزيجة، فلست حقلا للتجارب". وتابعت قائلة: "طلب والدي مني الزواج من ابن عمي بحجة خوفه على ابن أخيه من الانجراف وراء مغريات العصر، خاصة بعد قراره في إكمال دراسته في الخارج، فرفضت وبشدة، وما زلت أتذكر معاناة زميلتي التي دفعت الثمن من راحتها واستقرارها الأسري جراء مقولة "زوجوه يعقل". وتقول أم ياسر: "كان ولدي ياسر مستهترا، حياته عبارة عن مغامرات طائشة، نصحتني إحدى زميلات العمل بقولها بأن معظم الشباب بعد الزواج يعقلون ويتخلون عن طيشهم، معللة السبب في ذلك بأن الحياة الزوجية ستجعل منه رجلا مسؤولا، وبالفعل استجبت لنصيحتها وزوجته من إحدى القريبات للأسرة، ولكني لم أتركه، وكانت نصائحي مرافقة له على الدوام إلى أن شعر بالمسؤولية، وتخلى عن الطيش، واللا مبالاة، ونجح الزواج، ورزق بابنتين جميلتين". من جانبها، أكدت أخصائية التربية الأسرية مسفرة الغامدي، أن "الحياة الزوجية لاتقبل المراهنة، ولا بد للمقبل على الزواج من صفات يتصف بها، ومنها تحمل المسؤولية، والاتزان، والاحترام المتبادل، فالزواج عملية ليست بسهلة، ومن هذا المنطلق تقع المسؤولية كاملة على الأبوين في ضرورة اختيار الزوج المناسب لابنتهم، لأن مستقبل الفتاة لا يقبل المجازفة بتزويجها برجل غير صالح، ولعل النسب المرتفعة في الطلاق خير دليل على ذلك، حتى إننا بتنا نقف على أمر في غاية الخطورة، وهو الطلاق المبكر قبل الدخول، أو بعد فترة الزواج بمدة قصيرة، ولا يمكننا أن نلقي باللوم على الرجل وحده، بل إن هناك فتيات غير مؤهلات أصلا للزواج". وأوصت الغامدي الآباء والأمهات بالتخلي عن فكرة تزويج أولادهم وبناتهم في حال كانوا غير مستعدين نفسياً أو ناضجين عقلياً لتحمل مسؤولية الزواج ورعاية أسرة، فمن غير المعقول أن يكون الزواج حلاًّ لمشكلة عدم النضوج، وقالت: "في حال اعتمدت بعض الأسر على مقولة "زوجوه يعقل" فإننا بذلك قد نسهم في خلق مشاكل أكثر تعقيداً".