تنوعت الآراء حول "أسئلة القصيدة السعودية" في الورشة النقدية التي عقدتها جائزة السنوسي الشعرية بجازان صباح أمس، بمشاركة محمد العباس، ومحمد الحرز، وعبدالله السفر، وعالي القرشي، وتحدث العباس في الندوة التي أدارها الشاعر محمد حبيبي، حول الوعي الشعري بين ثنائية القرية والمدينة، وممارسة الشعري بينهما، مضيفا أن قصيدة النثر تعاني مأزقا لهزيمة الشعر من داخله وليس من بعض الأجناس الأدبية الأخرى، وقال "إن القصيدة النثرية لم تنحسر بسبب الاهتمام بالقصيدة العمودية ولكن لأن الشعر تضاءل بسبب خيبات الشعراء أنفسهم"، مشيرا إلى أن كل الشعراء تقريبا تورطوا في صراع الحداثة والقدامة وأنه شيء مطلوب إذ لا ينهض مشهد ثقافي إلا على الاختلاف"، وأضاف "إن تحديث المعجم الشعري أو تغيير شكل النص لا يعني إنتاج رؤية خاصة للوجود"، كما ذكر أن القصيدة التقليدية وقعت في فخ الجوائز والمهرجانات وبرامج الترويج الشعري الساذجة، وأنها استفادت من الغطاء الاجتماعي والمؤسساتي والديني في التمدد.فيما تحدث عالي القرشي عن أسئلة الشعر ومستويات الرمزية فيه، موضحا أن القصيدة الجديدة تجترح حدودا كثيرا ولا يدخلها سؤال الشكل أو الوعي الشعري، وأن تلك الأسئلة قادرة على تجاوز الذات وما ورائها. ورأى الحرز أن الشعر يدرّب المخيلة وأنه أكثر استقراء للوجود، وأن ثنائية القرية والمدينة ليست شيئا مهما، وأنه لا يؤمن بقصيدة النثر وأن الأصل المؤسس للتاريخ هو القصيدة النثرية وله شواهد تاريخية كما في الكتابات اليونانية القديمة والسومريين، وذكر أن الشعر العربي ما زال منمطا على عكس الشعر الغربي، وذكر أن القصيدة الحديثة يجب النظر إليها من ناحية الأرض والطبيعة وليس مما سماه "وهم القرية والمدينة"، وذكر "أنه ينبغي التفريق بين الناقد كمؤرخ للشعر أو للأدب، وبين الناقد كباحث عن حقيقة معناه في الحياة من خلال الشعر كما فعل هيدجر مع هولدرين، أو سارتر مع فلوبير، أو هنري ميلر مع مارسيل بروست"، وتابع "الحديث عن الشعر داخل الحقب التاريخية هو بالضرورة منقطع عن حياتنا، بينما الحديث عنه داخل حياتنا الآن وهنا مستمر بالضرورة". وتطرق السفر للقصيدة في مواقع التواصل الاجتماعي، ووصفها بأنها قصيدة تشتعل في الفضاء الحر وأنها لم تعد رهن القيود ولم تعد حبيسة الأدراج واستطاعت التحرر من قيد الرقيب بشتى أنواعه، وأن البيئة الإبداعية صارت مواتية للإنتاج، وأن البيئة الإبداعية تغيرت، حيث التواصل بين الشاعر والمتلقي لا يفصل بينهم إلا ضغطة زر، وأن الحرية هي العنوان الذي تكتب في ضوئه القصيدة الجديدة، وأن مواقع التواصل باتت هي المنصة، وتصوّر "أن القصيدة الجديدة بهجرة مبدعيها إلى الإعلام الجديد في أشكالها المتعددة إلكترونا قد عثرت على عوالم جديدة لا متناهية وحافلة بالدهشة والمباغتات الجمالية وتجاوزها للتقليدية"، واتخذ إبراهيم الحسين نموذجا لورقته.فيما تساءل الدكتور عبدالله الوشمي، في مداخلة عن الفصل بين الإبداع واللغة وهل شرط الإبداع لا علاقة له باللغة؟ كما تساءل عن العلاقة بين أن يكون الشاعر ناقدا وكون الشاعر ناقدا يؤدي إلى تنظيره لمفهومه ولما يكتبه؟ كما ذكر أن المبدعين صاروا أكثر عددا ولكنهم ليسوا أكثر شهرة. أما الشاعر عبدالرحمن الشهري، فتوقف عند ما ذهب إليه العباس عن إمكانية كتابة قصيدة النثر بشرط المدينة ووعيها، وقال: قصيدة النثر مغامرة في المجهول، وكتابة النص الشعري عبر مواقع التواصل تتم بشكل تقليدي ثم ينشر. وقال الدكتور محمد حبيبي: إن الصراع في القصيدة هو صراع بين الماضي والمستقبل، ولا يمكن التركيز على ثنائية القرية والمدينة خصوصا في العصر الحديث الذي انتشرت فيه التقنية.