"القهوة أكسير الأدباء".. حين يشربونها تتسلل ذراتها بدفء عبوراً إلى أنوفهم ثم عقولهم، حينها تدور ماكينة أفكارهم، كما أنها تضبط "مزاج" أهل الكيف، وتجسد صورة الكرم والطيب. وفي مقهى حرفة النسائي في مهرجان ربيع بريدة 35 كان الاهتمام بأهل القهوة وعاشقات اللمة حيث تلتقي الأديبات والشاعرات والقاصات والمتذوقات وذات الهوايات، فيما يذيب دخان القهوة تقطيبة الجبين بابتسامات الانتعاش والاسترخاء، فتأتي انشغالات البال وأخبار الصحف والتعليقات بل وسوالف الأمهات والجدات رغم أن القالب الحالي يمتاز بألوان الديكورات وبإنارات خافتة. وفي أحد أركان هذا المقهى الذي يتوسط الصحراء، ارتسمت على محيا أم محمد البالغة من العمر 61 عاماً البسمة والسرور، وهي تحتسي فنجانا من القهوة، لتقول إن مثل هذه المقاهي النسائية أخذت بذاكرتها لتلك الأزمان الماضية حينما كانت الاجتماعات النسائية تقام في البيوت وسط أجواء يسودها الحب والصفاء وقلوب يندمج معها الإخلاص والبساطة، لافتة إلى أن هذه المقاهي التي يميزها الطابع التراثي أوجدت للمرأة خصوصيتها، وحافظت على التراث الوطني، وطورت الحرف اليدوية. وتابعت بعفوية: المقهى جمع بيني وبين بناتي وأحفادي وجعلنا نتعايش ونتسامر وسط الحاضر، ولكن بقالب شعبي جميل ومناخ عائلي ملائم. من جانبها، تقول المدير العام لجمعية "حرفة" بمدينة بريدة هند الحربي: إن مشاركة "حرفة" في مثل هذه المهرجانات الهادفة تهدف إلى محاكاة الماضي ودمجه بالحاضر من خلال تهيئة الأجواء الخصوصية للنساء وسط أذواق متعددة من المأكولات والمشروبات المختلفة، وذلك بهدف الحفاظ على التراث الوطني وتطوير الحرف اليدوية، مشيرة إلى أن خدمة المجتمع وتوفير مناخ عائلي ملائم لاجتماع الفتيات والسيدات يتسم بالقيم الدينية والمجتمعية، يعطي انطباعا مثاليا ومميزا يرضي جميع الأذواق.