تشكل الواجهات البحرية والمتنزهات بالمملكة نقاط جذب للزوار طوال أيام السنة، مما جعلها مزدحمة بصفة دائمة، لكن ذلك المشهد الجميل لا يخلو من المنغصات التي تزعج عادة المتنزهين، وأول تلك المنغصات، بعض السلوكيات الخاطئة من تحرش ومضايقات للنساء والفتيات من قبل بعض محدودي الثقافة والوعي. وقد فجرت تلك المضايقات لدى الكثيرين، خاصة السيدات إحساسا بضرورة وجود دوريات أمن راجلة، لمنع تلك التصرفات السلبية قبل وقوعها والحفاظ على راحة الأسر، وهي تختلف كثيرا عن الدويات الأمنية التي يقتصر عملها على الطرق التي تمر بها والمخالفات الظاهرة. "الوطن" استطلعت آراء مرتادي الواجهة البحرية في كل من الجبيلوالخبر لرصد مستوى حضور تلك السلوكيات السلبية، لتقف خلال ساعتين بواقع ساعة لكل متنزه تقريبا على 17 حالة تحرش، وخدش للحياء، واستهانة بالذوق العام، استهدفت أغلبها نساء بدون مرافق، وقعت 10 منها بالواجهة البحرية بالخبر و7 في الجبيل. والملفت أيضاً اصطحاب بعض الشباب للكلاب والقطط التي يستغلها البعض للفت الأنظار إليه، وأحيانا يقدم بعض أصحاب تلك الحيوانات على تصرفات صبيانية لإخافة المتنزهين باستثارتها والتحرش بالفتيات. ونظرا لخصوصية المجتمع، وحساسية الحالات المرصودة فقد تم الاكتفاء بالرمز للمتحدثات ل"الوطن" حيث تساءل أغلبهن عن غياب دوريات الأمن الراجلة. تقول (ح. ع) تشكل المنطقة الواقعة ما بين المسرح الروماني حتى منطقة الفنادق على امتداد شاطئ الفناتير بالجبيل الصناعية نقطة تجمع ل"منزوعي الإحساس وقليلي الوعي والتربية من الشباب- حسب وصفها-" الذين اعتادوا مضايقة النساء بشكل عام والفتيات على وجه الخصوص، ويسير هؤلاء في مجموعات مرعبة، ويتطفلون على المارة من النساء دون وازع من دين أو رادع. فيما تقول "شيماء": تعتبر هذه المنطقة امتدادا للممشى الذي يمارس النساء فيه رياضة المشي، مما يعني أنها حيوية لهن وضرورية، ما يجعل بعض ضعاف النفوس يستغلون هذا الأمر لإيذاء النساء، ومضايقتهن بأساليب سخيفة، فالبعض يتلفظ ألفاظاً خادشة للحياء، وآخرون يهمزون ويلمزون المحصنات دون إحساس، فالأمر مؤلم للغاية ونطالب بوجود دوريات أمن راجلة توقف تزايد هذه السلوكيات حتى لا يحدث ما لا تحمد عقباه. وتساءلت المتنزهة على الواجهة البحرية بالخبر"غادة" عن أسباب عدم وجود دوريات الأمن الراجلة على الشواطئ وبالمتنزهات، مؤكدة أن النساء لا يسجلن بلاغاتهن عن التحرش خوفا من المشاكل وطلباً للستر، لأن الشك سيطالها ويشوه سمعتها، فتفضل السكوت على الألم بدلا من الشكوى. وتقول "د. ص" بنفس الواجهة البحرية سيارات الأمن بالمواقف أو بالمرور المحلي المحاذي للواجهة وكل المخالفات السلوكية تحدث عند المسطحات الخضراء المخصصة للجلوس، أو في ممرات المشي البعيدة عن الطريق، وبالتالي فهي بعيدة عن عيون رجال الدوريات الأمنية الراكبة، أو حتى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقالت نحن نطالب بوجود فعلي وحسي وحضور جسدي لرجل الأمن يسير على قدميه بين المتنزهين، كي يراه العابثون فيهابونه ويسود الأمن وتقل أو تختفي هذه السلوكيات السيئة. "الوطن" نقلت هذه المطالب إلى الناطق الإعلامي لشرطة المنطقة الشرقية العقيد زياد الرقيطي، فقال: تعد بلاغات التحرش محدودة جدا إذا ما تمت مقارنتها بقضايا جنائية أخرى، أما المضايقات فقد تكثر بالفعل في مثل تلك الأماكن العامة، وترجع لثقافة الشخص الذي يقوم بهذه التصرفات والذي يجب توجيهه لاحترام الغير، وإذا وجد البعض ممن يقوم بهذا التصرف فهناك آخرون يحترمون خصوصيات الناس، ويقدرون تعاملهم مع الشخص الآخر. ويتم التعامل مع بلاغات التحرش إن وجدت أو المضايقة و المعاكسات التي يتم تمريرها من قبل جهات الضبط في حينه، وفق الإجراء المناسب، وقد تتضمن إجراءات بعض الحالات إحالة الشخص المضبوط لهيئة التحقيق والادعاء العام، متى كان الجرم المرتكب يتطلب ذلك، أو في حال رغب المدعي في ذلك. ويضيف العقيد الرقيطي تعنى دوريات الأمن وجهات الضبط الإداري التابعة للشرطة بمدن ومحافظات المنطقة الشرقية بإعداد الخطط التشغيلية اللازمة، والتي تراعي الانتشار الميداني لدوريات الأمن بأنواعها، الظاهرة وغير الظاهرة للأماكن العامة، والمنشآت التجارية والسكنية، وفقا لما يتطلبه الأمر ومتى ما دعت الحاجة لتسيير دوريات راجلة، فيتم العمل على تأمين ذلك بالمواقع والأوقات المحتاجة لذلك. كما تساند دوريات الأمن في تغطية المواقع العامة والمتنزهات والواجهات البحرية جهات أخرى، تعنى بالأمر نفسه مثل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودوريات الأمانة ودوريات الأمن الصناعي. أما فيما يتعلق برصد 17 حالة تحرش ومضايقة موزعة على الخبروالجبيل على مدى ساعتين، فرصد وتصنيف القضايا الجنائية لا يمكن الاعتماد فيه على عنصر المشاهدة والتخمين، والأمر يتطلب رصد وتسجيل فعلي للوقائع بعناصرها للاستناد إلى ذلك في إحصاء القضايا الجنائية بأنواعها، بما في ذلك قضايا التحرش وما ينطوي تحتها من تحرش لفظي و جسدي وخلافه، وكذلك قضايا الإزعاج والمضايقات والمعاكسات.