انقلب الحال، طالب الإعلاميون لفترة بتحديد سقف رواتب وعقود اللاعبين، لكن اللاعبين يطالبون اليوم بتحديد سقف للحرية التي تسببت في احتقان الوسط الرياضي، وقادت كثيراً من قضاياه إلى أروقة القضاء ودوائر إمارات المناطق. آخر التصاريح الفضائية التي أثارت جدلاً في الشارع السعودي أطلقها الناقد الرياضي عدنان جستنية الذي وصف لاعب النصر الحالي محمد نور بأنه "سرطان الاتحاد"، وذلك على القناة الرياضية السعودية، ما دفع اللاعب لرفع دعوى ضد جستنية في المحكمة الجزائية بجدة قبل أيام. وقبيل تصريح جستنية، أطلق رئيس النصر الأسبق الأمير ممدوح بن عبدالرحمن بن سعود اتهامات بحق لاعبي المنتخب السعودي والهلال سالم الدوسري ونواف العابد دارت حول "الكذب أو التخاذل" وتم إنهاؤها في إمارة الرياض. ويرى كثير من اللاعبين أن التصريحات التي تطلق بحقهم تأتي وكأنها في إطار حروب تشن ضدهم كلاعبين، مطالبين بضرورة تدخل جهات بعينها لوضع ضوابط تحد من انفلات الألسن، بعدما وصل اللاعبون إلى مرحلة عدم الثقة بالإعلام، وحرم الأخير بدوره من إمكانية التواصل معهم بارتياح، في وقت يرى فيه إعلاميون أن الوازع الداخلي هو الذي يجب أن يتدخل ويفرض عليهم انتقاء الألفاظ بذوق وأدب. رقابة يؤكد مقدم البرامج الرياضية في القنوات الرياضية السعودية، الزميل رجاء الله السلمي ضرورة وجود رقيب ذاتي للإعلامي الرياضي يمنحه القدرة على الإدلاء بالرأي بمنتهى المصداقية والوعي والبعد عن الانحياز. ويوضح "يجب أن تنتهي أولاً ظاهرة وجود مراسلي الأندية في الصحف، حيث يجب أن يكون هناك مراسلون للصحف في الأندية، ثم تفرض المؤسسات الإعلامية رقابة على العاملين في هذا المجال، كما يجب أن يكون لدى هؤلاء أيضاً رقيب ذاتي على أنفسهم، فمن غير المعقول أن نطالب جهة معينة بوضع ضوابط لأن النظام يعتمد على العقوبات، والعقوبات قد تفرض مرات عدة، ولكنها لا تستطيع أن تمنع هذه المعضلة من الظهور". ويضيف "الرقيب هو الإعلامي ذاته فهو من يمنح لنفسه الحق في تقديم المعلومة الصحيحة التي يمارس فيها المصداقية أو تقديم المعلومة المغلوطة وفقاً لأهوائه الشخصية، والإعلامي الحقيقي في داخله رقيب يوجهه باحترام الآخرين، وهناك آليات للانحياز حددتها جمعية رؤساء تحرير الصحف الأميركية في ميثاق واحد استناداً على ستة معايير من أهمها تغييب الطرف الآخر والنظر بعين الميول والانتماء، ونحن في المملكة نعاني من مشكلة في الميثاق الإعلامي". من جانبه، يرى مقدم برنامج كورة على روتانا خليجية الزميل تركي العجمة أنه ليس من الضروري وجود سلطة معينة لمحاسبة الإعلاميين بل يجب على كل إعلامي أن يوجد بداخله رقيب ذاتي على ما يقول بدلاً من توجيه الاتهامات والشتائم. ويضيف "هناك حدود معروفة في المجتمع لكل إنسان وعمل وقول، ويوجد حد أدنى للقبول، فلا يمكن أن يتقبل المشاهد رأياً من ناقد يخرج عن الأدب والذوق العام استناداً على مبدأ الحرية. ولا أعني هنا عدم الإدلاء بالقول الصادق أو الصريح، ولكن استخدام الألفاظ المناسبة باللطف وعدم الإساءة أمر مطلوب. يجب أن نعي كيفية الإدلاء بالرأي الحقيقي دون الإساءة إلى الآخرين واختيار الكلمات اللائقة بالذوق العام في المجتمع، والجميع يعرف حدود التعبير، كما أن المطالبة بالذوق واللطف والأدب لا تعني تقييد الحريات". ويوضح العجمة أن العمل على الهواء مباشرة في الفضائيات التلفزيونية يتطلب مهارة في السيطرة على الضيف الذي يتحدث بكلمات أشبه بالرصاص لأنه لا يقبل التراجع، وهنا يبرز دور مقدم البرنامج الذي يجب أن يتدخل لوقف هذا النوع من الضيوف ويطالبهم بالاعتذار. ويؤكد أن السبب وراء انفلات البعض إعلامياً هو لفت الانتباه لا أقل ولا أكثر. لا أحبهم من جهته، كشف لاعب فريق الاتحاد سابقاً صالح الصقري عدم حبه للإعلاميين بقوله "لا أحب الإعلاميين لأنني مررت بمواقف كثيرة معهم.. كل منهم للأسف يبحث عن مادة تثير الرأي العام وتمنحه الشهرة، وسبق أن شكوت أحد الصحفيين لمدير المنتخب السعودي بسبب نشره حديثا "مفبركا" وتم تغريمه 10 آلاف ريال، كما أن بعض الصحفيين يعيبهم عدم الاستفسار من اللاعب عن أمر ما، بل يكيلون له النقد والتهكم في صحفهم، وبعضهم يضع عناوين مثيرة لا علاقة لها بالمضمون". ويؤكد الصقري أن بعض الصحفيين كانوا سبب نكسة الكرة السعودية لأنهم اتهموا لاعبين بشرفهم ومنهم من خاض في حياة اللاعبين الخاصة، وقال "أرى أنه يمكن السيطرة على الصحف لكن الأمر أصعب في الإعلام المرئي، وأعتقد أن اتحاد القدم نفسه وليس فقط اللاعبين فقد الثقة بالإعلام، وأتمنى أن يكون هناك تنسيق بين الطرفين لمصلحة الكرة في المملكة". تركيز وعدم مساس من جانبه، يرى لاعب الفريق الكروي الأول بالنادي الأهلي معتز الموسى أن من الصعب على أي لاعب تقبل الإعلام في المملكة، إلا إذا ركز هذا الإعلام في عمله على اللعبة دون المساس بالآخرين أو التدخل في شؤونهم الخاصة. ويقول "كلاعب لا أحتاج إلى الإعلام لأنه لا يقدم لي أي فائدة سوى بعض النقد الهادف والبناء وهذا غير متوافر كثيراً لهذا لا أظهر كثيراً فيه". ويضيف "الإيجابيات التي يقدمها الإعلام السعودي للاعب أقل بكثير من السلبيات التي يفرزها طوال العام، وبالتالي من الأفضل أن يبتعد اللاعب عن الإعلام حتى لا يشقى به.. كما أن بعض الإعلاميين يوجهون أسئلة واستفسارات تتعلق بعلاقتنا مع الإدارة والمدرب وهذه أمور لا يصح أن نتحدث عنها".