لم تكن نتائج المنتخب السعودي التي ختم بها مشاركته في "خليجي21" وحدها "المخيبة"، إذ طالت خيبة الأمل من يحسبون على "الإعلام الرياضي"، والذين وجدت بهزلهم بعض الفضائيات وجبة دسمة لإظهار صورة يراها بعض المراقبين لا تعبر عن الواقع الإعلامي بشكل عام. السكوت عن هذه الظاهرة، يصفه الخبير والإعلامي التلفزيوني عبدالله المقحم ب"الجبن"، مطالبا وزارة الثقافة والإعلام بالتدخل. وقال المقحم "للأسف، أصبحنا كإعلاميين نخجل من أنفسنا لئلا يعتقد المشاهد الخليجي أن كل الإعلاميين السعوديين بهذا المستوى من الطرح والعقلية الضحلة التي يظهر عليها بعضهم في القنوات الفضائية بصورة المهرجين الذين يسيئون إلى بلادهم والمهنيين فيها". واعتبر أن "ما يقدمه بعض الإعلاميين السعوديين في بطولة الخليج بجميع نسخاتها هو مسرحية هزلية تسيء إلى سمعة الوطن والمواطن". ويفسر الزميل صالح الطريقي، ما يحدث على شاشات التلفزة الخليجية بين الإعلاميين السعوديين، بأنها محاولة لإظهار الآخرين بصورة مختلفة. وقال "هناك من لا يستطيع أن يبدو حكيماً إلا باستضافة "المجانين"، مشددا على أهمية أن يؤمن الجميع ب"الحرية" كمبدأ، مشير إلى أهمية القبول ب"الرأي" و"الرأي الآخر". حفلت أيام "خليجي 21" المقامة حاليا في البحرين بفصول من الصراع والردح الذي مارسه إعلاميون ومحللون رياضيون على شاشات الفضائيات، عبر فصول من الاختلاف فيما بينهم، وفيما بينهم وبين اللاعبين، في مشاهد مؤسفة تناقلها كثيرون، واعتبرت إساءة إلى سمعة الرياضة السعودية والمنتمين إلى المهنة. وفي وقت رأى البعض أن ما يحدث يعبر عن حرية الرأي التي يفترض ألا تصادر، طالب آخرون بضرورة تدخل وزارة الثقافة والإعلام لوقف هذه المهازل، التي باتت أشبه بمسرحية كوميدية أبطالها "مهرجون سعوديون". وشدد الزميل صالح الطريقي، على أنه "يؤمن بالحرية، وأنه على كل من يؤمن بالحرية أن يتحمل حتى ما لا يراه مناسبا بالنسبة إليه". ويضيف "المشكلة لا تحدث سوى بين اثنين، وهنا علينا كمجتمع يؤمن بالحرية ألا ننظر إلى أي فوارق في الجنسية، يجب ألا نتخذها قضية مجتمع، فهي شتيمة بين شخصين، والحرية تفرض علينا القبول بكل ما نعتقد أنه غير إنصاف، فيجب الدفاع عن الحرية حتى لو كان رأي الآخر ساذجا". ويشير الطريقي إلى أهمية تقبل أن هناك من لا يستطيع أن يبدو حكيما إلا باستضافة "المجانين"، فيقول: "عندما لا يستطيع البعض أن يبدو حكيما ويقدم ما يطور الناس، فلا بد من جلب "مجانين" حتى يظهر أمام الناس أنه عاقل". ويضيف "أتابع ردود فعل المتابعين، فأجد أن منهم من يرى أن البرامج تمنحهم الضحك، وهنا أعتقد أن هذه البرامج لا تريد حرمانهم الابتسامة، لكن الوقت يفرز من جاء ليضحك الناس، ومن أتى ليحل أزمة، هؤلاء مثل النكتة التي تضحك عندما تسمعها لأول مرة، ثم تصبح سخيفة". وتابع "أنا ضد القمع ومطالبة وزارة الثقافة والإعلام أن تتدخل، لإيماني بأهمية الحرية، وأرى أن للجميع الحق في حرية الرأي، لينكشفوا بأقوالهم فنعرف المعيب من الحسن". وعن إعلاميي بطولة الخليج، قال: "إعلاميو الخليج لا يفرقون بين النقد والشتيمة، فمن حقي أن أعتبر أن أي عمل أو فعل هو سيئ، إنما ليس لي الحق أن أتحدث عن الفاعل وأتهمه بالسوء، والمشكلة في الأزمة أنك لا تستطيع التعبير عن الرأي دون مهاجمة الآخر". ويختم "أنا ضد التأليب، فكل منا حر، ويعرف مصلحة جهة عمله، ويجب عدم المساس بالآخر حتى لو كان هذا الآخر عدو الحرية". وفي المقابل، يعد الإعلامي التلفزيوني عبدالله المقحم، أن ما يقدمه بعض الإعلاميين السعوديين في بطولة الخليج بجميع نسخاتها هو مسرحية هزلية تسيء إلى سمعة الوطن والمواطن. وقال: "في كل بطولة خليجية يحقق الإعلام السعودي ببعض المنتمين إليه عنوة وهم ليسوا منه المركز الأول في التهريج والسخف، حتى أصبحنا كإعلاميين نخجل من أنفسنا لئلا يعتقد المشاهد الخليجي أن كل الإعلاميين السعوديين بهذا المستوى من الطرح والعقلية الضحلة، التي يظهر عليها البعض في القنوات الفضائية بصورة المهرجين الذين يسيئون إلى بلادهم والمهنيين فيها، ممن يجب ألا نتقبلهم؛ لأنهم يشوهون صورة الوطن والمواطن السعودي". ويطالب المقحم أن تتخلى وزارة الثقافة والإعلام عن هذا السكوت عليهم، وتتدخل سريعا لمنعهم من الظهور معتبرا أن "من الجبن ألا تفعل"، كما طالب وزارة الداخلية ألا ترضى باستمرار هؤلاء إذا لم تتدخل وزارة الإعلام وتوقفهم فورا. ويقول: "لا أتخيل أن تقبل وزارة الدفاع مثلا بظهور محلل عسكري بصورة سيئة، أو تقبل وزارة الصحة أن يظهر طبيب بشكل نشاز في الإعلام، فلماذا تقبل "الثقافة والإعلام" بظهور بعض الإعلاميين ليسيئوا إلى بلد بأكمله". ويضيف "لا أستطيع أن أضع اللوم على "الفضائيات" كونها تستقطبهم لأسباب معينة ترى فيها مصلحتها، ولكن من الواجب على "الثقافة والإعلام" أن تعرف أن هذا الأمر لم يعد محتملا، وألا تعد هذا العمل حرية رأي؛ لأنه تجاوز هذه الحرية بالإساءة إلى سمعة الوطن والمواطنين، وأن تسن أنظمة وقوانين تردع مثل هؤلاء "الأراجوزات"، الذين يستعرضون في القنوات التلفزيونية للحصول على الشهرة أو المال، ويسيئون إلى المواطن وإلى المهني الإعلامي". ويتساءل المقحم، "لم لا نرى إعلاميا قطريا أو كويتيا أو إماراتيا أو عمانيا يهرج بهذا الشكل المسيء، بل نجدهم يحترمون بلدهم وأنفسهم، كما أنني متأكد من أن وزارات الإعلام في الدول الخليجية لا تقف ساكتة أمام إعلاميين يسيئون إلى الدول، بل إنها ستتدخل سريعا لمنعهم من الظهور التلفزيوني إذا ما حدث". ويتابع "ربما ترى وزارة الثقافة والإعلام السعودية أن هؤلاء يتبعون مؤسسات صحفية يعملون بها ككتاب، وهنا أتساءل أيضا، لم لا يتدخل رؤساء التحرير في إيقافهم لأنهم يسيئون إلى الصحف التي يرأسونها". ويوضح "لا أطالب بمنع حرية الرأي أو الوصاية على أحد، بل أنادي بأن يكون هناك تنظيم للحفاظ على سمعة البلد والمهنيين فيه". ويختم "ظهرت صراعات مخزية ومحرجة بين إعلاميين سعوديين، تنم عن تعصب لمجرد اختلافهم مع لاعبين أو أندية، أكدت أننا كإعلام سعودي، نقدم كل يوم وفي كل بطولة مسرحيات مضحكة على أنفسنا".