سعت المملكة إلى إعادة تصحيح وضع مخالفي نظامي الإقامة والعمل بحملة شاملة لوضع حد لكل مخالف، إما بالتصحيح أو المغادرة طوعا، ومن هنا ظهرت حقيقة أكثر من مليون ومئتي ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل. وكانت وزارة العمل أطلقت مع هذه الحملة مجموعة من القرارات والبرامج التي تساعد المقيم والمواطن لتسهيل كافة الإجراءات الرسمية لهم، وكثفت جهودها لخدمتهم في كل مناطق المملكة بجعل العمل في جميع فروع الوزارة على فترتين، ومع قرب انتهاء الموعد المحدد للحملة جاء أمر خادم الحرمين الشريفين بالتمديد لهم حتى يتمكن الجميع مع تحقيق مبتغاهم، وكان آخر يوم في عملية التصحيح بتاريخ 30/12/1434. واعتبارا من بداية العام الهجري الجديد انطلقت الحملة الأمنية المشتركة من وزارة العمل ووزارة الداخلية بالتفتيش وترحيل كل المخالفين. وقال الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالبنوك السعودية طلعت حافظ في حديثه ل"الوطن": إن المملكة تعاني من العمالة المخالفة لمدة امتدت ل 4 عقود. وقد يعتقد البعض أن تصحيحها في ستة أشهر غير كاف، لكن الحكومة أكدت أن التصحيح مستمر ولم ينته طالما أن هناك وافدا غير نظامي على أراضي المملكة، وهذا بطبيعة الحال حق سيادي، وحق مشروع للمملكة وغير المملكة. وفيما يتعلق بالانعكاس على الاقتصاد الكلي أو الجزئي لهذه الحملة قال حافظ: لا أعتقد أن هناك انعكاسا سلبيا على الاقتصاد بفرعيه الكلي والجزئي، لعدة اعتبارات، أولا ما تم تصحيح وضعه من العمالة المخالفة أو ترحيله، علما أن ما تم ترحيله قارب حوالي مليون من جنسيات مختلفة، والترحيل كان طوعيا وليس بأمر من الحكومة إلا في العمالة المتسللة، فقد استثناهم النظام من التصحيح وأوجب ترحيلهم، كونهم غير نظاميين، وعليه فتأثيرها على الاقتصادين الكلي والجزئي بسيط، لكون السوق مفتوحا وكبيرا ولا يمكن تأثر وضع الاقتصاد برحيل مليون عامل. كما أن العمالة غير النظامية كانت تعمل في الخفاء، وبالتالي لم يستفد منها الاقتصاد كما يجب ولا الناتج المحلي الإجمالي، كونها لا تدخل في حسابات الناتج المحلي أساسا، لأن هذه العمالة تعمل تحت مظلة الاقتصاد الخفي، فلا يوجد لها أي تأثير عكسي، بل إن تأثير ترحيلها أو ترتيب أوضاعها وقانونيتها يكون بالعكس أفضل على الاقتصاد لعدد من الاعتبارات بسبب خلق فرص متكافئة سواء للعمالة السعودية أو الأجنبية، فهناك الآن فرص متكافئة.. عمالة أجنبية مع أجنبية نظامية، وأيضا عمالة أجنبية مع سعودية. أيضا ذلك سيخلق فرص عمل للشباب السعودي، باعتبار أنه قد رحل من المملكة ما يقارب المليون عامل، وهذا يعني استحداث مليون وظيفة للشباب السعودي، هنا يأتي المحك الحقيقي، وهو مدى قدرة الشباب السعودي على أن يشمر عن سواعده ويقود فعلا سوق العمل بكل اقتدار وجدارة، وأن يستغل هذه الفرصة التصحيحية الإيجابية العظيمة التي وفرتها الدولة له ليغوض في الأعمال التي تركها المخالفون لمن خلفهم بعد أن تم ترحيلهم. وأكد حافظ أن الاقتصاد السعودي يعيش اليوم ورش عمل، وهو مقبل على مشاريع تنموية، لعل أبرزها محطات السكك الحديدية، ومشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام وغيره من المشاريع التنموية في القطاعين الخاص والعام، وبالتالي هذا يتطلب عمالة متخصصة، وبالذات السكة الحديد ومترو الرياض، فإننا بحاجة ملحة إلى العمالة الأجنبية الوافدة الماهرة التي لا توجد لدينا اليوم، وبالذات إذا تكلمنا عن مشاريع في الطاقة المتجددة وغيرها من المشاريع المتطورة المحتاجة للعمالة الوافدة. وقال حافظ: لا أعتقد أن أي رجل أعمال يبخل على الشاب السعودي أو الشابة السعودية، وسيجدهم جادين في العمل، مشيرا إلى أن نسبة التوطين والسعودة في القطاع المصرفي تجاوزت 90% ، بل إنها تجاوزت في بعض البنوك ال 95% ، وهذا ناتج عن الجدية والالتزام بأخلاقيات العمل وعمل رجال الأعمال. من جهته أكد الاقتصادي فضل البوعينين ل"الوطن" أنه كان من المفترض أن تطبق عملية التصحيح قبل هذا الوقت، ليس من الجانب الاقتصادي فحسب، بل هو موثر سلبي في الأمن القومي، لذلك يجب أن تنتبه إلى البعد الأمني. وذكر أن هذه الحملة حققت الهدف الجزئي، وليس الكلي، كون هذه العمالة هامشية وسوف توفر فرصا استثمارية، عليه لا يوجد أي إيراد للحكومة من هذه العملية التصحيحية، بل كانت نفقات على الحكومة من حيث التسفير وتأمين المسكن والوجبات الغذائية وغيرها من المصرفات. وأوضح أن قرارات وزارة العمل تسعى إلى خلق وظائق للسعودة، والدليل أن هذه الحملة حققت 450 ألف اشتراك جديد في التأمينات الاجتماعية، ولكن هل هذا الرقم يؤمن وظيفة حقيقية أم سعودة وهمية؟ ولذلك يجب أن يكون التسجيل في التأمينات عملاً وليس وهما.