أكد محللون واقتصاديون أن الريال السعودي أثبت قدرته على مواجهة التحديات الاقتصادية وظل صامدا أمام الهزات التي عصفت باقتصاد وقدرات بعض دول العالم. وأوضح وكيل وزارة المالية عضو مجلس الشورى سابقا الدكتور عبدالعزيز العريعر أن استقرار سعر الصرف للعملة السعودية "الريال" أمر هام ويعكف عليه القائمون على المؤسسات المالية والنقدية باقتدر ويفيد استقرار سعر الريال مقابل سعر الدولار اقتصاديا لارتباط سعر الدولار بالمملكة. وبرر الدكتور العريعر نجاح الريال في المحافظة على استقراره لفترة طويلة وتجاوزه الهزات الاقتصادية العالمية، على الرغم مما يواجهه من تحديات إلى تأمين ملاذات آمنة انتهجتها المملكة وأثبتت هذا الانعكاس على سوق المال المستقر بربط سعر صرف الدولار بالريال. وقال إن الإصلاحات الاقتصادية التي دفعت بها حكومة خادم الحرمين تعد إحدى ركائز الاستقرار لصرف العملة المحلية زيادة على توفر الاحتياطي المالي، وأن ربط الريال عند معدل 3.75 مقابل الدولار ساريا من عام 1986 إلى 2014، وهذا يخفف من تدهور الأسعار أو ارتفاعها بالأسواق، ويمثل الإصلاح الاقتصادي بالمملكة وانضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية خطوة رائدة، حيث دعم هذا استقرار نظام سعر الصرف وقيمة العملة المحلية، وهو أمر في غاية من الأهمية للقائمين على السياسة النقدية والمالية، ويعد الاقتصاديون استقرار العملة المحلية من العوامل المهمة لنمو الاستثمار المحلي وجذب الاستثمارات الأجنبية. وبين أنه حين يهتز سعر الصرف لأي عملة يفقد المستهلكون والشركات الوطنية والأجنبية العاملة في الداخل والخارج والمستثمرون المحليون والأجانب ثقتهم ومصداقيتهم بالعملة المحلية، حيث تنتابهم حالة من الشك حول استقرار العملة؛ الأمر الذي ينعكس سلبًا على الاستثمار المحلي والأجنبي، ونجت المملكة من كل هذه الاشكالات بحكمة ودقة. الريال ونظام الدولرة ويشرح المستشار الاقتصادي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور زيد بن محمد الرماني معنى "الريال ونظام الدولرة"، قائلا إن هناك نكتة قديمة تقول إن أسئلة الامتحانات التي ترد في مادة الاقتصاد تظل ثابتة كل سنة، وإن الإجابات فقط هي التي تتغير. ومن المؤكد أن النقاش حول أفضل الأسعار أسعار الصرف، بَيْدَ أن هناك إجابات جديدة تظهر بشكل مستمر، وأحدث إجابة عن السؤال الذي يثار عن نظام أسعار الصرف الذي ينبغي أن تختاره البلدان هي "لا شيء" وهذا يعني أن على البلدان أن تتخلى تماماً عن استخدام عملتها الوطنية وأن تتخذ كعملة رسمية لها عملة أجنبية مستقرة تكون في الغالب هي الدولار. وذكر أن هناك نقاشاً واسع النطاق يدور حول الدولرة الكاملة للاقتصاد، أي ربطه ربطاً كاملاً بالدولار، كسبيل لتمكين البلدان النامية من التغلب على مشكلة عدم استقرار النقد وسعر الصرف، متسائلأ عن ما هية تكاليف عملية الدولرة والفوائد التي ينتظر أن تعود منها على البلدان النامية؟ وأوضح أنه في العام الماضي، أولت حكومات عديدة اهتماماً جاداً لعملية الدولرة، وأخذ بعض علماء الاقتصاد البارزين يسوقون حججاً تدعو لأن تطبق جميع البلدان النامية نظام الدولرة. على أن البلدان النامية ليست هي فقط التي تفكر في الدولرة. وقال "لقد أدت سمتان مميزتان لعقد التسعينات إلى تغيير فحوى النقاش، السمة الأولى أن مشكلة التضخم تراجعت بشكل ملحوظ. والثانية أن درجة حراك رأس المال وحجم تدفقات رأس المال زادا زيادة حادة. وزاد بالمثل تواتر أزمات النقد وحدتها الظاهرة. وكان الكثير من مرامي هجمات المضاربة الشرسة تلك ينصب على الإبقاء على شكل من أشكال ربط أسعار الصرف. وذكر أنه بسبب تلك الأزمات، أثارت فكرة الدولرة الكاملة اهتماماً كبيراً. وبزغ الرأي القائل بأنه في عالم يسوده حراك رأس المال بدرجة عالية تعد عمليات ربط أسعار الصرف دعوة إلى هجمات المضاربة، وتصبح الخيارات القصوى وحدها، ربط العملة بأخرى على نحو ثابت مثلاً بإنشاء مجلس للعملة أو نظام للتعويم الحر للعملة، هي الخيارات التي تتوافر لها مقومات النجاح. سعر صرف العملة المحلية من ناحيته قال أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور مقبل الذكير إن استقرار سعر الصرف للعملة المحلية من العوامل المهمة لاستمرار الاقتصاد والتنمية ويعزز ثباته من ثقة المستثمرين والمستهلكين، مرجعا هذا الاستقرار إلى ما توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين من اهتمام بالغ لاقتصاد المملكة، لافتا إلى أن سعر الصرف يحدد من قبل السلطات النقدية بالبلد وتعود قوة الريال السعودي في السنوات الأخيرة لارتفاع عوائد النفط والتي دعمت استمرار سعر الريال مقابل العملات الأجنبية الأخرى، لافتا إلى أن قوة أي عملة في العالم تستمد من اقتصادها القوي وتنتج قوتها بشكل ملحوظ من خلال ما تصدره وتستورده من منتجات أو معدات. فيما أشارت سيدة الأعمال والمحاضرة بجامعة الملك عبدالعزيز كارولين الهاشمي إلى أن بيان صندوق النقد الدولي الأخير اعتبر أن المملكة هي الأفضل أداء في مجموعة العشرين في السنوات الأخيرة ، وأن الاقتصاد السعودي واصل نموه بنسبة تفوق 5.1% في ظل الأزمات التي تعيشها اقتصادات الدول الكبرى مؤخرا. وذكرت أن الاستقرار الاقتصادي الذي تعيشه المملكة لم يكن نابعا من فراغ، لكنه يعود للسياسات المالية والنقدية الرشيدة التي تقرها حكومتنا في ظل الاستقرار الاقتصادي والأمني والسياسي الذي تنعكس آثاره الإيجابية على كافة القطاعات. وقالت الهاشمي "يمكننا تلخيص بعض أسباب ثبات الريال السعودي والاستقرار الاقتصادي في المملكة، إلى ربط سعر صرف الريال السعودي بالدولار الأميركي الذي أدى إلى استقرار الريال السعودي، وهو الأمر الذي ساهم في تقليص الضغوط التضخمية، الأمر الذي ساهم في تعزيز ثقة المدخرين والمستثمرين بالعملة المحلية، إضافة إلى تحفيز التدفقات لرؤوس الأموال من الخارج ووجود النفط كأحد أهم الموارد الاقتصادية وكمصدر أساسي للدخل في المملكة والتي تحوي أراضيها على ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم، قد ساهم وبشكل كبير في التقليل من تأثر اقتصاد المملكة بالهزات الاقتصادية العالمية، من حيث توفير السيولة النقدية اللازمة من خلال ضخ كميات أكبر من النفط، إضافة إلى قدرة المملكة على الإنتاج عند مستويات أسعار متدنية. وشددت على أن متانة وقوة هيكلة القطاع المصرفي من حيث رأس المال والسيولة التي انعكست إيجابيا بارتفاع نسبة الودائع سنويا ب 17% وارتفاع الأصول الأجنبية لدى البنوك بنسبة 13.5%، إضافة إلى السياسات الوقائية التي اتبعتها مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) وتنويع الإيرادات وجودة الائتمان، الأمر الذي أدى إلى حماية هذا القطاع من الأزمات المالية العالمية التي بدأت منذ 2008 وأطاحت بالعديد من بنوك العالم. وأوضحت أنه زيادة على توجه المملكة في السنوات الأخيرة للتركيز على إنتاجية القطاعات غير النفطية وحجم مساهمتها في الناتج المحلي بهدف التقليل من الاعتماد على القطاع النفطي كأحد أهم مصادر الدخل للمملكة. وتشير التوقعات لميزانية المملكة للعام 2014 إلى نمو متوقع قدره 6,99٪ لمساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي للمملكة للعام القادم. الاقتصادان السعودي والعالمي وقال العضو السابق باللجنة المالية بمجلس الشورى عبدالله أبو ملحة إن الاقتصاد السعودي يشكل جزءا من الأقتصاد العالمي ويشكل استقرار المملكة اقتصاديا وأمنيا قوة وركيزة أساسيه في حفظ قيمة الريال السعودي والذي ظل صامدا أمام الهزات العالمية ووفق الله الجهات المسئولة بالسعودية لجعل المملكة محط أنظار العالم، والذين وفقوا لجعل الاقتصاد السعودي من أقوى وأفضل الأنشطة العالمية. وأضاف: لذا نجد أن الريال السعودي يمثل وجها للاستقرار الذي تعيشه المملكة، مرجعا هذا للسياسة النقدية المالية التي تنتهجها المملكة ووقوف حكومة خادم الحرمين الشريفين لدعم الاقتصاد ومنعه من السقوط بتقديم الدعم الكبير خلال الفترات التي انهارت فيها اقتصادات بعض دول العالم. ونوه إلى أن التجارب السابقة خلال الفترة الماضية التي تهاوى فيها اقتصاد بعض الدول ظل الريال السعودي قائما ومهما، وأثبتت حكمة من يحملون المسئولية، وأشار إلى أن نحاج أي دولة يقاس بقدرتها على مواجهة التحديات، ويأتي هذا بضخ مشاريع تنموية تعمل على رفع قدراتها الاقتصادية.