ما إن أعلنت المملكة أمس عن موازنتها لعام 2013 وتقديرات موازنة 2014، حتى عادت مطالب التقييم والمراقبة والمحاسبة إلى الأضواء، وسط رغبة كبيرة بالتركيز على مشاريع الدولة التنموية في كل القطاعات وتفعيل الدور الرقابي لها، في ظل تزايد حجم الإنفاق الذي لقي هو الآخر انتقاداً إذا ما استمر على هذه الوتيرة في ظل تسجيل إخفاقات في متابعة خطط وبرامج الدولة التنموية. أستاذة الاقتصاد بكلية دار الحكمة ريم أسعد دعت في حديثها ل"الوطن"، إلى التخفيف من حجم الإنفاق الحكومي على المشاريع، حتى يتبين وضع تنفيذها وتقييم ما تحقق وما لم يتحقق منها، مشيرة إلى ضرورة فعالية الإنفاق الحكومي حتى ينعكس على قطاعات الدولة مثل التعليم الذي تذهب له الحصة الكبيرة من الميزانية، مؤكدة أن التعليم هدف أساسي لبناء المواطن والاستفادة من الخريجين في سوق العمل. وفي الوقت الذي سجل فيه الهدر في مشاريع الدولة منذ 2005 حتى نهاية 2012 نحو 964.4 مليار ريال، في حين ما زالت مخصصات المشاريع ترتفع عاما بعد عام، طالبت أسعد بمزيد من الدفع لتحقيق التكامل بين الوزارات بما يحقق متابعة مشاريع الدولة وقياس أداء التنفيذ على أساس ما تم تخصيصه من إنفاق لضمان سير المشاريع بالشكل الصحي. وأتى حديث أسعد في وقت شدد فيه مراقبون على ضرورة المحاسبة والمتابعة للمصروفات التي تم تخصيصها في الإنفاق الحكومي، حيث إن هناك مشاريع تعثرت بسبب سوء التخطيط لها وتنظيمها بالشكل المطلوب، لافتين إلى أن الإنفاق الحكومي خلال السنوات الماضية أنجز منها البعض ولكن ليس بالشكل المرجو أو المتوقع. وكان من ضمن المطالبات التي تسعى لتقييم مشاريع الدولة وما خصص لها من إنفاق، إلزام الوزارات بتقارير نصف سنوية لمنجزات وإخفاقات البرامج والمشاريع المدرجة في خططها، لكي تتم عملية المتابعة بشكلها الصحيح، وتتمكن الجهات الرقابية في الدولة مثل ديوان المراقبة ومجلس الشورى وهيئة مكافحة الفساد، من أداء عملها على أساس صحيح، وأرقام حقيقية، الأمر الذي يؤكد على أهمية إيجاد آليات تكامل بين وزارات الدولة، إذ إن فقدان التكامل يؤدي إلى فشل جميع خطط التنمية على أساس أن كل مشروع من مشروعات التنمية تهتم به وزارة محددة، ولكن هذا المشروع يفترض أن يكون على علاقة بوزارات أخرى، فإذا لم يكن هناك تنسيق وتكامل بين هذه الوزارات فمصير كل خطط التنمية الفشل. وهنا يبرز دور أساسي تضطلع به وزارة الاقتصاد والتخطيط التي لم تقم بدورها المفروض عليها فيما يتعلق بتحسين مستوى التنسيق بين الوزارات والتكامل فيما بينها، والعمل الجماعي على رؤية مستقبلية محددة بأهداف، ومدعمة بخطط مشتركة. وفي ظل بعد وزارة الاقتصاد والتخطيط عن متابعة مشاريع الدولة وتقييمها والتنسيق بين الوزارات حول خطط التنمية، طالت الانتقادات الوزارة في تحقيق الأهداف التنموية التي تعتمد على التخطيط السليم وسد ثغرة تفكك الوزارات وتنافرها، إذ لا بد من تكاملها وتحقيق رؤية الحكومة على المدى البعيد. وبناء على تقديرات ميزانية العام المقبل 2014 الذي قدرت فيه وزارة المالية الفائض بالرقم صفر، بعد فوائض الميزانية المتتابعة منذ أكثر من 7 سنوات، وتراكمات في الاحتياطات المالية التي لم يستفد منها حتى الآن"، قإنه من الضرورة بمكان المراجعة والمحاسبة لجميع المشاريع المتعثرة والمتأخرة، إلى جانب القصور الذي لحق بأداء وزارات خدمية لم تحقق أهداف الدولة بالشكل الكامل، الأمر الذي يفرض وبشكل عاجل وضع نظرة استراتيجية وتكاملية.