"ما إن تحقق الحلم المؤجل طويلا لعائلتي بامتلاك منزل، والهروب من الإيجار الشهري، حتى وجدت نفسي أقع في مغبة بحر من الدين اللامنتهي، وما إن اكتملت الفرحة حتى استيقظت على كارثة ستستمر معي طيلة سنوات شهريا، ودونما انقطاع، وظهرت النتائج في الشهر الثاني من سداد الأقساط المستحقة للبنك، فكرت في النهوض مرة أخرى، فلجأت إلى المديونيات بالأقساط الشهرية أيضا، وها أنذا أصبحت أعالج الدين بالدين، وأصبحت شبيها بالكسير المجروح الذي يعاني من الألم مرتين". عبارة انطلقت من الخمسيني أبو عادل، والسبب كما ذكر ل"الوطن" هو الفرحة الموقتة التي لم يخطط لعواقبها، بعد أن أصبح يعالج الدين بآخر، حتى يستطيع الوفاء لأصحاب الحقوق، إضافة إلى تلبية متطلبات أسرته. وتقول أم سعد "بعد عامين متواصلين استطعت بصعوبة سداد القرض البنكي، وتطلب ذلك أخذ مديونية من أحد المكاتب قيمتها 200 ألف ريال، وتطلب ذلك سداد المبلغ على أقساط شهرية قيمة الواحد منها عشرة آلاف ريال، كنت أدفعها من راتبي أنا وزوجي". وتابعت: "قمت مع زوجي بالتخطيط لكيفية ترتيب مصاريفنا قبل لجوئنا لهذا السداد، وعلمنا أن الأمر يتطلب الكثير من التدبير، وتقليل النفقات المالية، فلم يكن أمامنا سوى هذا الخيار، ورغم ذلك وصلنا لما نحن عليه الآن، قرض يتلو الآخر لسداد الالتزامات، وأدركت حينها كلام والدي الذي قال، إن الدين كالبحر ليس له نهاية". أم ياسر، التي تعمل موظفة في أحد القطاعات الحكومية تقول: "أثقلتني الهموم، فقد كان الدين غلطة كلفتني الهدوء والاستقرار الأسري". وتضيف "قمت بشراء منزل كلفني 450 ألف ريال، إذ اقترضت 180 ألفا من البنك، وقدمت لصاحب المنزل أرضا بقيمة 100 ألف ريال، واستدنت من أحد المكاتب 180 ألفا ريال أخرى حتى استكملت قيمة المنزل، وعلى الرغم من تلك المبالغ التي قدمتها، إلا أن صاحب العقار أصر على البقاء في المنزل لحين تسديد الصندوق العقاري بقيمة 248 ألفا، وهكذا وجدت نفسي أغوص في مستنقع من الديون لا مفر منه". من جانبها، حذرت أخصائية الاقتصاد المنزلي إبتسام الجهني، من الوقوع في فخ الفرحة الموقتة للمال، التي تأتي دونما أية تخطيط ووعي بميزانية الأسرة، وقالت: "كثير من الأشخاص يتمتعون باللحظات الأولى، عندما يحصلون على المبالغ المقترضة أو المديونيات، لكن النتائج والالتزامات تكون مرهقة عندما لا يخطط لها بشكل صحيح، وفي حال عدم التخطيط الاقتصادي بين الدخل والالتزامات، يلجأ بعض الأشخاص إلى أخذ المديونيات من أكثر من مصدر، وهمه الوحيد يكون في سداد الدين الذي يستحق الدفع، وهكذا تكون معالجة الدين بالدين، وبالتالي يقع الشخص في شراك المديونيات المتتابعة، دونما أي فائدة يجنيها سوى الأسى الذي تحمله، والأثر النفسي السيئ لجميع أفراد الأسرة". وتابعت الجهني: "تشهد البنوك إقبالا متزايدا على القروض الشخصية، وذلك يثير أكثر من علامة استفهام، ويحصل البعض عليها أيضا من مكاتب مديونيات، أو بالدخول في "جمعيات" مع زملاء العمل أو الجيران".