وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رسالة لدول العالم رفض خلالها سياسة الاستبداد التي تحاول بعض القوى العالمية التفرد بها تجاه دول الأمة الإسلامية، مؤكدا أن أساس التعامل مع تلك الدول يتم وفق سياسة "الند للند". وشدد الملك عبدالله، في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز، أمام قادة الدول الإسلامية ورؤساء بعثات الحج بمنى أمس، على عدم القبول بالمساومة على الدين أو الأخلاق أو القيم، مضيفا "الأمة الإسلامية لا تسمح لكائن من كان أن يمسَ سيادة أوطانها، أو التدخل في شؤونها الداخلية، أو الخارجية"، مؤكدا على احترام المملكة والدول الإسلامية للعالم أجمع تقديرا لمساهمته الإنسانية عبر التاريخ، وأنه لا خيار أمام من يحاول أن يستبد وفق نظرته الضيقة أو مصالحه وقال: "نحن أمة سلامتها من سلامة دينها وأوطانها، وتعاملها مع الآخر الند للند"، مؤملا أن يكون الاحترام فيما بين الأمم والدول مدخلا واسعا للصداقة بينها وفق المصالح والمنافع المشتركة. ووضع خادم الحرمين الشريفين، هذه الرؤية أمام المجتمع الدولي، إدراكا أن العالم وحدة متجانسة في عصر تُنبذ فيه الكراهية، وتُرفض سطوة التسلط والغرور، وقال خادم الحرمين: "من أدرك ذلك فقلوبنا تتسع لكل مفاهيم ومعايير الصداقة، ومن رأى غير ذلك فهذا شأنه ، ولنا شأنٌ آخر نحفظ فيه عزتَنا وكرامة شعوبنا الأبية". إلى ذلك، ينفر المتعجلون من حجاج بيت الله الحرام اليوم، من مشعر منى، بعد أن يرموا الجمرات الثلاث، متجهين نحو الحرم المكي لأداء طواف الوداع ومغادرة مكةالمكرمة، وسط توقعات أن يتعجل، نصف حجاج الداخل. من أرض الرسالة ومهبط الوحي، بعث خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، رسالة للعالم أكد فيها أن الأمة الإسلامية لا تقبل المساومة على دينها أو أخلاقها، أو قيمها، ولا تسمح لكائن من كان أن يمس سيادة أوطانها، أو التدخل في شؤونها الداخلية، أو الخارجية. وقال خادم الحرمين في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، في الديوان الملكي بقصر منى أمس خلال حفل الاستقبال السنوي لقادة الدول الإسلامية وكبار الشخصيات الإسلامية وضيوف خادم الحرمين الشريفين ورؤساء بعثات الحج الذين أدوا الفريضة هذا العام: "ليعِ العالم أجمع بأننا نحترمه، ونقدر مساهمته الإنسانية عبر التاريخ، ولكن لا خيار أمام من يحاول أن يستبد، وفق نظرته الضيقة، أو مصالحه، فنحن أمة سلامتها من سلامة دينها وأوطانها، وتعاملها مع الآخر الند للند". ووجه خادم الحرمين في كلمته التهنئة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، بعيد الأضحى المبارك، سائلاً الله - جل جلاله - أن يتقبل من عباده حجهم، وأن يغمرهم جميعاً برحمته، وأن يعين الأمة الإسلامية على تحمل مسؤولياتها التاريخية، تجاه دينها وعزة أوطانها، وتعزيز وحدة الصف، والتعامل مع الغير بإنسانية متسامحة لا غلو فيها، ولا تجبر، ولا رفض للآخر لمجرد اختلاف الدين. وقال: "إننا أمة - ولله الحمد والمنة - عزيزة بعقيدتها، ما دمنا على قلب رجل واحد"، مشيرا إلى ضرورة التمسك بوسطية الإسلام، باعتباره طريقنا إلى فهم الآخر وحواره، وطريقنا للفهم الحضاري لحرية الأديان والثقافات والقناعات وعدم الإكراه عليها". وأضاف: إذا كان هذا منهجنا مع غير المسلمين، كان من الواجب علينا جميعاً، نبذ الخلافات والتناحر بين المسلمين أنفسهم. وكان سمو ولي العهد قد استقبل في الديوان الملكي بقصر منى أمس، رئيس الجمهورية التركية الرئيس عبدالله غول، ورئيس جمهورية باكستان الإسلامية الرئيس ممنون حسين، ورئيس جمهورية السودان الرئيس عمر حسن البشير، ورئيس الجمهورية الموريتانية الرئيس محمد ولد عبدالعزيز، ورئيس جمهورية غينيا بيساو الرئيس مانويل ناماجو، ورئيس الوزراء الأردني الدكتور عبدالله النسور، ونائب رئيس جمهورية جزر القمر المتحدة نور الدين برهان، وكبار المسؤولين في عدد من الدول الإسلامية. إعادة الثقة للمسلمين وألقى وزير الحج الدكتور بندر حجار، كلمة خلال الحفل قال فيها، إن رؤساء مكاتب شؤون الحجاج يقدرون عالياً ما تم، ويتم من جهود لرعاية الحرمين الشريفين، والمشاعر المقدسة، ويسجلون فخرهم، واعتزازهم بالمشروعات العملاقة التي أمر بإنجازها خادم الحرمين الشريفين، وتلك التي في طور الإنجاز. ثم ألقى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله التركي كلمة قال فيها: إنه في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها الأمة الإسلامية، اشتدت التطلعات إلى المملكة العربية السعودية وقادتها، أملاً في مضاعفة الجهود في حقن الدماء النازفة وتضميد الجراح المبرحة، وإخماد الفتن المهلكة، وإصلاح ذات بين المسلمين، وإعادة الثقة لهم بدينهم الذي هو عصمة أمرهم ومناط عزتهم. وبين أن الرابطة تعكف الآن على التحضير لمؤتمر إسلامي عالمي، حول التضامن بين المسلمين، يكون ردءاً لمؤتمر القمة الاستثنائي الرابع الذي دعا خادم الحرمين الشريفين لعقده في العام الماضي في رحاب مكةالمكرمة. بعد ذلك، ألقى وزير الشؤون الدينية التونسي الدكتور نور الدين الخادمي، كلمة رؤساء مكاتب شؤون الحجاج، أشاد فيها بالتوسعة الكبرى للحرم المكي، وقال "إن ضيوف الرحمن لهذا العام يعبرون عن مدى إعجابهم بهذه الإنجازات العظيمة، والتي تمثل إسهاما نوعيا وإضافة مبتكرة في خدمة حجاج بيت الله الحرام وتسهيل الحج وإحكام سير عملياته وأطواره بما يضمن سلامتهم وحسن قيامهم بشعائرهم. وفي ختام الحفل تشرف الجميع بالسلام على سمو ولي العهد. بعد ذلك، ودع الأمير سلمان بن عبدالعزيز الضيوف متمنياً لهم حجاًّ مبروراً وسعياً مشكوراً. الحضور حضر الاستقبال الأمير فيصل بن تركي بن عبدالله، وأمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية الأمير خالد الفيصل، والأمير خالد بن فهد بن خالد، والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين الأمير مقرن بن عبدالعزيز، ووزير الشؤون البلدية والقروية الأمير الدكتور منصور بن متعب، والأمير فهد بن عبدالله بن مساعد، ووكيل الحرس الوطني بالقطاع الغربي الأمير الدكتور خالد بن فيصل بن تركي، والأمير تركي العبدالله الفيصل، ووزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا الأمير محمد بن نايف، والأمير الدكتور عبدالعزيز بن سطام، والأمير بندر بن خالد الفيصل، ورئيس هيئة الهلال الأحمر السعودي الأمير فيصل بن عبدالله، وأمير منطقة المدينةالمنورة الأمير فيصل بن سلمان، ونائب وزير الدفاع الأمير سلمان بن سلطان، والمستشار في مكتب وزير الدفاع الأمير نايف بن سلطان، ورئيس ديوان ولي العهد المستشار الخاص لسموه الأمير محمد بن سلمان، والأمير بندر بن سلمان، والعلماء والوزراء وكبار المسؤولين وسفراء الدول العربية والإسلامية. نص كلمة الملك عبدالله التي ألقاها الأمير سلمان بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على من بُعث رحمة للعالمين، شاهداً ومبشراً ونذيراً، داعياً إلى الله بإذنه، وسراجاً منيراً. ونحمده تعالى القائل: (اليومَ أكملتُ لكم دينَكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلام دينا). وقوله: "الحجُ أشهرٌ معلومات فمن فرضَ فيهن الحجَ فلا رفثَ ولا فسوقَ ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب". أيها الإخوة الحضور.. أيها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أهنئكم بعيد الأضحى المبارك، سائلاً الله جل جلاله أن يتقبل من عباده حجهم، وأن يغمرنا جميعاً برحمته، وغفرانه، وعفوه، وأن يعين الأمة الإسلامية على تحمل مسؤولياتها التاريخية، تجاه دينها وعزة أوطانها، وتعزيز وحدة الصف، والتعامل مع الغير بإنسانية متسامحة لا غلو فيها، ولا تجبر، ولا رفض للآخر لمجرد اختلاف الدين، فما اتفقنا عليه مع الآخر فله المنزلة توافقاً مع نوازع القيم والأخلاق وفهم مدارك الحوار الإنساني وفق مبادئ عقيدتنا، وما اختلفنا عليه فديننا الإسلامي والقول الفصل للحق تعالى "لكم دينُكم ولي دين". أيها الإخوة والأخوات: إننا أمة - ولله الحمد والمنة - عزيزة بعقيدتها، ما دمنا على قلب رجل واحد، فهمومنا واحدة، وآمالنا مشتركة، ولا عز ولا تمكين إلاّ في التمسك بعقيدتنا، واستنهاض كل القيم الأخلاقية التي أمر بها رب العزة والجلال، فكان الإسلام وما زال بوسطيته، واعتداله، وتسامحه، ووضوحه، فيما لا يمس العقيدة النقية، طريقنا إلى فهم الآخر وحواره، وطريقنا للفهم الحضاري لحرية الأديان والثقافات والقناعات وعدم الإكراه عليها، يقول الحق تعالى "لا إكراهَ في الدين قد تبين الرشدُ من الغي". ومن هذا المنطلق تم إنشاء مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، ليكون مدخلاً بين المسلمين وبين أتباع الأديان والثقافات الأخرى، لنقول للعالم إننا نمد أيدينا محترمين جميع الأديان السماوية في مبادرة تنبذ الكراهية، والعنف، وتبين للعالم أن الإسلام دين الصفاءِ، والنقاءِ، والوسطية. فإذا كان هذا منهجنا مع غير المسلمين، كان من الواجب علينا جميعاً، نبذ الخلافات والتناحر بين المسلمين أنفسهم، وعلى هذا الأساس دعونا لإنشاء مركز الحوار بين المذاهب الإسلامية في المدينةالمنورة، والذي تبناه مؤتمر التضامن الإسلامي الذي عقد في مكةالمكرمة في شهر رمضان المبارك سنة 1433، هدفنا من ذلك صلاح أمر المسلمين، وخشية من الفرقة، والشتات. قناعة منا بأن الحوار بين المذاهب الإسلامية، هو بعد الله - جل جلاله - وبقدرته، المدخل السليم لفهم بعضنا بعضا، فما اتفقنا عليه فالحمد لله فضلاً ومنة، وما اختلفنا عليه يجب أن لا يكون طريقاً لهدم وحدة الأمة الإسلامية، فباب الاجتهاد سنة الله في خلقه، ولذلك جاء الخلاف في الرؤية بين المذاهب رحمة للعالمين، على أن لا يكون مدخلاً للمساس بعقيدتنا السليمة التي لا نقبل المساومة عليها. أيها الإخوة المسلمون: من أرض الرسالة ومهبط الوحي، نقول للعالم أجمع، إننا أمة لا تقبل المساومة على دينها، أو أخلاقها، أو قيمها، ولا تسمح لكائن من كان أن يمسَ سيادة أوطانها، أو التدخل في شؤونها الداخلية، أو الخارجية، وليعِ العالم أجمع بأننا نحترمه، ونقدر مساهمته الإنسانية عبر التاريخ، ولكن لا خيار أمام من يحاول أن يستبدَ، وفق نظرته الضيقة، أو مصالحه، فنحن أمة سلامتها من سلامة دينها وأوطانها، وتعاملها مع الآخر الند للند، ولذلك نأمل أن يكون الاحترام فيما بين الأمم والدول مدخلاً واسعاً للصداقة بينها وفق المصالح والمنافع المشتركة، إدراكاً منا بأن هذا العالم وحدة متجانسة في عصر تُنبذ فيه الكراهية، وتُرفض سطوة التسلط والغرور، فمن أدرك ذلك فقلوبنا تتسع لكل مفاهيم ومعايير الصداقة، ومن رأى غير ذلك فهذا شأنه، ولنا شأنٌ آخر نحفظ فيه عزتَنا وكرامة شعوبنا الأبية. وختاماً أكرر لكم التهنئة بعيد الأضحى المبارك، سائلاً المولى سبحانه أن يتقبل من الجميع حجهم وصالح أعمالهم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.