على رغم تكثيف وزارة التجارة والصناعة جولاتها التفتيشية على المحال والأسواق التجارية بعد إطلاقها حملة "لا تسأل بكم"، لإلزام المحال بوضع بطاقة سعر على معروضاتها من السلع، إلا أن الحملة لم تحد من عمليات التفاوت السعري بين ما هو معروض وبين سعر السلعة بعد البيع، أي ما تم تدوينه بالفاتورة، وفقا لعدد من المستهلكين. بدوره، أكد أستاذ القانون التجاري المشارك في كلية الحقوق بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور نايف بن سلطان الشريف ل"الوطن"، أن توحيد أسعار السلع والقضاء على التباين في الأسعار وحماية المستهلكين من جشع التجار يتطلب تكثيف رقابة الجهات المعنية على المحلات التجارية وتشديد العقوبات ومكافأة أصحاب البلاغات عن المخالفات وإيجاد برنامج لمراقبة أسعار السلع إلكترونياً يتم من خلاله استحداث آلية ربط إلكتروني بين المحلات التجارية من جهة والجهات المعنية، وكذلك وجود ربط بين هذه الجهات ومنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو). ولفت إلى أنه من خلال البرنامج سيمكن معرفة أسعار السلع عالمياً وقيمتها عند استيرادها من الخارج، مما يمكن من الرقابة على أسعار السلع بالشكل الصحيح. كما أن البرنامج قد يحتاج إلى دعم من خلال إصدار نظام للتسعير الجبري للسلع والخدمات الأساسية يتم من خلاله تقنين الأسعار والأرباح وتوحيدها ووضع العقوبات الكفيلة بمنع التجار أفراداً وشركات من التحكم في أسعار السلع والخدمات مما يؤدي في النهاية إلى ضبط التضخم في الأسعار وحماية مصلحة المستهلكين. وأوضح الشريف أن حماية المستهلك في المملكة تحكمها مجموعة من الأنظمة، من أهمها نظام البيانات التجارية ونظام مكافحة الغش التجاري ونظام العلامات التجارية ونظام الجمارك الموحد ولائحة الغرامات والجزاءات عن المخالفات البلدية، مشيرا إلى أن هذه الأنظمة ولوائحها اشتملت على نصوص تتعلق بحماية المستهلك من الغش والخداع في ما يتعلق بسعر أو نوع أو منشأ البضاعة وقد حددت هذه النصوص عقوبات تتراوح بين الغرامة والمصادرة والحبس وغلق المحل التجاري. واشتملت لائحة الغرامات والجزاءات عن المخالفات البلدية الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (218) وتاريخ 6/8/1422 على عقوبة التاجر الذي يقوم بزيادة الأسعار المقررة أو عدم وضع تسعيرة على البضاعة المعروضة. وتتراوح العقوبة بين 1000 ريال و5000 ريال مع جواز إغلاق المحل عند تكرار المخالفة لمدة لا تزيد على أسبوع. وأكد الشريف أن وزارة التجارة والصناعة تمارس ضبط المخالفات المدرجة في المجموعة الأولى والمجموعة الثانية من الجدول الملحق باللائحة ويلاحظ على الغرامات المنصوص عليها في اللائحة ضعفها وعدم فعاليتها في تحقيق الحماية اللازمة للمستهلك، إذ لا تتجاوز العقوبة المتعلقة بمخالفات البيع وذبح المواشي 5000 ريال و20000 ريال للمخالفات المتعلقة بالصحة العامة. ويلاحظ أن تطبيق اللائحة تتولاه جهتان تنفيذيتان مما قد يحدث تداخلا وتضاربا في الاختصاصات، ففي ما يتعلق بضبط المخالفات الناشئة عن تطبيق اللائحة نجد أن وزارة التجارة تتولى ضبط المخالفات المتعلقة بالمجموعة الأولى والمجموعة الثالثة من الجدول الملحق باللائحة بينما تتولى وزارة الشؤون البلدية والقروية ضبط المخالفات وتوقيع الغرامات في المجموعات الأخرى. كما يلاحظ على المخالفات أنها لم تجرم الأفعال المتعلقة بوضع التسعيرة على لاصق قابل للنزع وكان الواجب إلزام التاجر بتثبيت السعر على السلعة وتجريم إخلال التاجر بذلك. واقترح الدكتور نايف ترحيل مخالفات المجموعة الأولى والمجموعة الثالثة من ملحق لائحة الغرامات والجزاءات عن المخالفات البلدية إلى نظام مكافحة الغش التجاري ويتم هذا من خلال إضافة فقرة جديدة للمادة الرابعة من النظام تنص على عدم جواز زيادة الأسعار المقررة ووجوب وضع تسعيرة على البضاعة المعروضة بشكل ثابت. وقد أوجبت المادة (17) من نظام مكافحة الغش التجاري على أن تكون العقوبة الغرامة التي لا تتجاوز 50 ألف ريال أو السجن مدة لا تزيد على ستة أشهر، أو بهما معاً، كل من ارتكب المخالفة المنصوص عليها في المادة الرابعة. وبهذا تكون العقوبات المنصوص عليها في نظام مكافحة الغش التجاري أكثر فعالية من تلك المنصوص عليها في لائحة الغرامات والجزاءات البلدية، إذ تصل عقوبات النظام إلى غرامة مليون ريال أو السجن مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات. يذكر أن وزارة التجارة والصناعة أوقعت مؤخرا غرامة مالية على أحد أكبر المتاجر بالمنطقة الشرقية بسبب شكوى لأحد المستهلكين كشفت تباينا بسعر المنتج المعروض وسعره بالفاتورة، وذلك بعد أن تحقق فريق من الوزارة بالمنطقة من صحة الشكوى التي وقفت عليها "الوطن" وبناء عليها تم تحرير غرامة مالية فورية ضد المتجر.