تقاوم حقول "الصباخ" الشاهقة، أحد أشهر مزارع النخيل القديمة بمدينة بريدة منذ 150 عاما، شيخوخة الأيام وصور الإهمال التي ضربت بها والتي تتجاوز أعدادها 80 حقلاً تتمدد عبر شريط يحاذي مدينة التمور بمنطقة القصيم وترتفع فيها أشجار النخيل بشكل شاهق، بعد أن تسبب تعاقب "الورثة" وإشكالاته المتعلقة بالصكوك والملكيات في عدم الاهتمام بهذه الحقول. وتعكف الهيئة العامة للسياحة والآثار بالمنطقة بالشراكة مع أمانة منطقة القصيم على تجميل بعض المواقع في الصباخ لإعادة الحياة من قبل ملاكها مرة أخرى وتهيئة الأماكن العامة والممرات، بعد أن أسهم مهرجان بريدة للتمور بدور كبير في إحياء أحد حقول النخيل الموجودة هناك، عبر تشغيل مزرعة صغيرة بعدد من الفعاليات وتجهيز المواقع، بالوسائل التقليدية مستخدمين النخيل والسعف. ويطمح مهتمون في المجال السياحي أن يعاد تخطيط وهيكلة الموقع وتحويله لمتنزه عام، خصوصا أنه يقع وسط بريدة القديمة بالقرب من مواقع مهمة من بينها مدينة التمور الجديدة. ويشير عبدالعزيز الريش أحد الساكنين بالقرب من الصباخ إلى أن تجهيز الموقع سهل للغاية ويحتاج فقط لجدية من قبل أمانة القصيم والهيئة العامة للسياحة والآثار وجمع الملاك بورشة عمل وتجهيز الحقول التي لا يوجد لها ملاك أو تتعدد فيها الملكية، مشيراً إلى أن بقاء الموقع بهذا الشكل لا يخدم المكان، خصوصا أنه تمت سفلتة بعض الشوارع الصغيرة بين حقول النخيل وباتت مسارات سياحية مهمة، وتابع: شاهدنا حجم الإقبال الكبير على مزرعة صغيرة في الموقع مما يدل على أهمية هذا المكان وسهولة تجهيزه. من جانبه، يرى المدير التنفيذي للهيئة العامة للسياحة والآثار بالقصيم الدكتور جاسر الحربش أن مبادرة تطوير المواقع الريفية تأتي ضمن خطط التنمية السياحية في القصيم، وأن مزارع الصباخ لها أولوية في هذه المبادرة، لافتاً إلى بدء العمل مع أمانة القصيم لتطوير الموقع، إضافة إلى دعم الهيئة لفعاليات مهرجان تمور بريدة التي نفذت في الصباخ ضمن هذا المسار المهم، وأضاف: يبقى تعاون المجتمع المحلي وهم ملاك المزارع لإنجاح هذا المشروع الذي سيقدم أرياف القصيم بشكل متميز للسائح. وتوقع رئيس جمعية منتجي التمور عبدالله العياف أن تشهد الصباخ في الفترة المقبلة استثمارا في مجال السياحة الزراعية، خصوصا أن أشجار النخيل باتت شاهقة جدا ولا يستطيع أحد الوصول إليها، إلى جانب جمال تلك النخيل مع وجود أرضية جيدة للاستثمار في نزل زراعية أو تجهيز تلك الحقول لتكون متنزهات جيدة، خصوصاً أنها جاهزة ولا تحتاج لجهد إنشاء من الصفر، وأردف العياف: تحتاج فقط بعض الخطط من قبل الأمانة وكذلك السياحة لتعاد الحياة لها مرة أخرى وستشهد نشاطاً مميزاً. على الجانب الآخر، شهدت المزرعة التراثية حضورا كثيفاً خلال أيام مهرجان بريدة للتمور، إذ تقام بشكل يومي وجبة إفطار صباحية إلى جانب أنشطة وفعاليات متعددة في الفترة المسائية، فضلاً عن تواجد العوائل السعودية لمشاهدة الفلاحين القدامى وأهازيجهم، وكذلك المشاركة في الفلاحة وطرقها ومشاهدة صعود النخيل "بالكر" وجني محصول التمر في هذه المواقع.