أعرب قادة وزعماء الأديان العالمية عن قلقهم البالغ إزاء تصاعد وتيرة العنف في مناطق مختلفة من العالم سواء في شرق آسيا أو في الشرق الأوسط أو القارة الأفريقية، مشددين على أنه لا حل دون الحوار من أجل حل مشكلات العالم وإنهاز النزاعات المتفاقمة بين شعوب العالم. وأكد قادة الأديان في ختام اجتماعاتهم بالعاصمة الكازاخية "أستانا" أمس، بمناسبة الذكرى العاشرة لانطلاقة مؤتمر قادة وزعماء الأديان بكازاخستان، أن القادة الروحيين والزعماء الدينيين عليهم دور كبير من أجل إحلال السلام العالمي، ومواجهة أعمال العنف المتزايدة، التي تنذر بخطر كبير يهدد البشرية والسلام العالمي. ودعا المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة - إيسيسكو - الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري، إلى دعم جهود الأسرة الإنسانية لنشر السلام والوئام في العالم، وأكد في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه رئيس المكتب الفني للمدير العام للإيسيسكو عبدالقادر الإدريسي، على أهمية تعزيز الحوار بين الثقافات وأتباع الأديان، ونشر قيم التسامح والتعايش بين الأمم والشعوب، في ظل التفاهم والوئام والاحترام المتبادل. وأشاد التويجري بجهود جمهورية كازاخستان، وعدّها نموذجا رائعا للحفاظ على تقوية الوشائج بين أتباع الأديان من مختلف الأجناس والأعراق. وأشار إلى أنه منذ سنة 2003 وقعت أحداث متعددة في مناطق شتى من العالم، خاصة في محيط العالم الإسلامي، كان من مضاعفاتها تأجيج الصراع الطائفي، واشتعال نيران الحروب، وتراجع قيم التسامح واحترام الاختلاف بين الشعوب، مما يهدد الأمن والسلم الدوليين. وأوضح أن الإيسيسكو تسهم، في نطاق اختصاصاتنا، في الجهود الدولية المتواصلة من أجل تعزيز الحوار بين أتباع الأديان، والتقارب بين الثقافات، والتحالف بين الحضارات. وأوضح مفتي مصر السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر علي جمعة، في المؤتمر أن الحوار بين الأديان المختلفة والمذاهب المتعددة والثقافات المتنوعة من أهم الأمور التي تؤدي إلى الأمن الاجتماعي والمجتمعي وإلى السلام العالمي، لافتا إلى أن الحوار ليس هدفه تغيير كل من المتحاورين لدين الآخر أو رأيه، بل هو يقوم على: التعارف بين الأفراد، بحيث لا يستقي أحدنا معلوماته من مصادر مغايرة أو من خصوم ذلك المذهب أو الدين، وهذا التعارف يؤدي إلى ذوبان أكثر من 80% من جبال الثلج التي تنشأ عادة من الصور المشوهة الناتجة عن تراكم الخطأ في تلقي المعلومات والتفاهم، ويتم في هذه المرحلة البحث عن المشترك الإنساني والأخلاقي وهو أكثر مما نتصور، وهذا المشترك هو الأساس للانطلاق والعمل سويا والتعاون بين الطرفين من الناحية النظرية والعملية ومن الناحية العملية والحياتية، والغرض من هذا التعاون عبادة الله وحب الجار وتعمير الأرض ونفع الناس. وشدد رئيس المجلس البابوي للحوار الكاردينال جان لويس توران، أن الحوار بين زعماء الأديان هو السبيل لتمهيد العالم للتعايش في سلام بعيدا عن العنف والصراع بين شعوبه. وطرح رئيس الجامعة المصرية الكازاخية الإسلامية "نور" الدكتور محمود فهمي حجازي بعض الأسس الإسلامية للحوار، ومنها أن الحوار له أهميته على المستوى الوطني وعلى المستوى العالمي، وأن الإسلام يؤكد أهمية الأمن والسلام، وأن القرآن الكريم ينص على وحدة البشر وتنوعهم وأهمية تعاونهم ويحترم الأنبياء، وفي القرآن الكريم لا نفرق بين أحد من رسله، وأن الحضارة الإسلامية تؤكد أهمية حوار الثقافات واحترام الأديان الأخرى، وهذا كله أدى إلى التقدم. وأوضح حجازي أن أكبر الكتب التي أصدرتها الجامعة الكازاخية المصرية الإسلامية "نور" كان عن الإسلام ومسائل الحوار، وأن المفاهيم الأساسية في قرارات المؤتمرات السابقة لحوار الأديان منها أهمية السلام على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي، ودور الوفاق المجتمعي في الاستقرار والدين ضد التطرف والتشدد، وأهمية تكوين وعي جديد لبناء المستقبل، والدين جزء من بناء المجتمع والدولة وأهمية تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الدين. ووشدد حجازي على دور التعليم في ترسيخ مفاهيم الحوار ومفاهيم حوار الثقافات والأديان في الكتب المدرسية، مشددا على ترسيخ مفاهيم التنوع وحوار التكامل الحضاري في التاريخ والحاضر.