يكمل وطننا عامه الثالث والثمانين اليوم، وسنحتفل به كما نحتفل به كل يوم مع مطلع شمس المنطقة الشرقية وغروبها في بحر جدة. سنحتفل به بعرضة جنوبية تحملنا غيومها لتمطر دحة شمالية وبمزمار مكة يزفنا للعرضة النجدية. سنحتفل به امتنانا لعيون وأيد تجعدت لبناء هذا الوطن، وسنحتفل به أملا لكل طفل ينشد "سارعي...". سنحتفل به شوقا لكل مبتعث لم يمنعه فراق هذا الثرى من أن يترنم بأنه "فوق هام السحب"، وسنحتفل به شكرا لمن هم على ثغور الصحة والأمن، وسنحتفل به دعاء لكل من مات شهيد واجب. سنحتفل به مترجلين عن صهوات مواطنتنا اليومية، تقديرا لوطننا في يومه، فالفارس يظل فارسا وإن ترجل، والمواطنة لا تتغير وان اتخذت شكلا آخر. سنحتفل به قبولا لحقيقة حبنا وغيرتنا جميعا على هذا الوطن لا سجالا على كيفيته وطرائقه. سنحتفل به إقرارا بأننا جميعا منه وله وإليه بدون تشكيك ومزايدة، وسنحتفل به كتفا بكتف وأعيننا متحدة على حلم لوطن أجمل وأكبر. يومنا الوطني هو اليوم الذي نترجل فيه عن جيادنا بصمت يقوده حب ورغبة في جعل هذه الأرض أروع لأبنائنا. هو اليوم الذي نترجل فيه لأخذ استراحة محارب حتى نستعد للعودة بقوة لسجالات مواطنتنا بعد أن جددنا العهود بيننا بحب هذه الأرض سواسية. هو اليوم الذي نترجل فيه لنمسح جراح مناقشاتنا ومناظراتنا فهي جراح غيرة على وطن ولن نتركها ندوبا لطائفية أو حزبية أو مناطقية أو قبائلية. هو اليوم الذي نترجل فيه لنتصافح قتلا للمزايدين والمتحزبين والعنصريين، فنحن لم ولن نستبدل الأحقر بالأجل والأعظم، بوطننا. هو اليوم الذي نترجل فيه لدعوة كل من دفعته الصراعات الحركية والحزبية والطائفية للجوء لمناطقيته وقبيلته وطائفته بالانضمام لنا فكل طير مهاجر لا بد أن يعود. هو اليوم الذي نترجل فيه لنجدد فيه جميعا رغبتنا بأن تتوقف غزوات وسجالات مواطنتنا وأن يتم توطينها بمؤسسات وجمعيات أهلية تحفظ طرائق حبنا وغيرتنا على هذا الوطن من المتسلقين والمستغلين والحركيين والمزايدين. هو اليوم الذي نترجل فيه لنؤكد أن حوارنا سيستمر، وأننا وإن اختلفنا في محتواه، فإننا نتفق على حاجتنا لقنوات أهلية تضمن استمراريته بإيجابية وتسد ثغوره. هو اليوم الذي نترجل فيه متحدين طلبا لمؤسسات مدنية تحفظ حواراتنا التنموية، بل وتزيدها فاعلية كما أراد لنا الملك حفظه الله في مقولته الشهيرة: "الحوار له قيمة وبانت الآن في الشعب السعودي كله، والحمد لله، نريد إن شاء الله المزيد منه وهذا ما أتمناه لكم". يوم وطننا هو يوم تجديد حب ودعاء لكل من في ثراه وعليه، ويوم تجديد لعقيدة المواطنة وشحذ همم لفارسات وفرسان أحبوه لم يترجلوا إلا في يومه، إجلالا واحتراما وطلبا لقنوات مدنية تنهي عقودا من سجالات مواطنتهم وتنقلها لحراك مدني تنموي يشارك بواجب حفظ البلاد التي ذكره المؤسس يرحمه الله كأساس لنهضة الأمة، حين قال: "كل أمة تريد أن تنهض لا بد لكل فرد فيها أن يقوم بواجبات ثلاثة: أولها واجباته نحو الله والدين، وثانيها واجباته في حفظ أمجاد الأجداد والبلاد، وثالثها واجبه نحو شرفه الشخصي".