تجاوزات بالجملة، وإهمال للمرضى، وغرف وممرات تملؤها القاذورات، ومخالفات في التوظيف، وحتى حديقة المبنى تم قص الأشجار فيها وبيعها بطرق غامضة عبر العمال كحطب. هذا هو واقع مجمع الأمل الطبي بالرياض، وفق ما رصدته "الوطن" من شهادات للعاملين. ويعاني نزلاء المجمع من مشاكل متزايدة تأتي على رأسها الأعراض الجانبية للأدوية النفسية، إضافة إلى النقص الكبير في توفير الملابس والأغطية النظيفة، مما دفع بعض العاملين إلى جمع مبالغ لتوفير احتياجات المرضى، بعد تجاهل إدارة المجمع للمطالبات. وبحسب المصادر، فإنه تم تعيين أشخاص - تحتفظ "الوطن" بنسخ من شهاداتهم- يحملون مؤهلات تعليمية في تخصص اللغة العربية، لافتة إلى أن "أكثر من 20 طبيبا سعوديا مؤهلا قدموا استقالاتهم، احتجاجا على سير الأمور في المجمع". أما نزيلات المجمع فيعانين من سوء معاملة الممرضات، إذ يتعمدن الإساءة، إضافة إلى تردي النظافة في الغرف وتقادم وعدم وجود أثاث بالغرف. مرضى بلا حيلة، وموظفون مكرهون وآخرون منتفعون، تعصف بهم أجواء محملة بالتجاوزات، أوجدت مناخا مناسبا لتزايد الأخطاء الطبية وانعدام المسؤولية، جعلت من "مجمع الأمل الطبي" بالرياض كياناً مريضاً يحتاج إلى علاج في جميع مفاصله، بدءاً من التجارب غير الإنسانية على المرضى ومعالجتهم بطرق عشوائية، مروراً بتوظيف غير المختصين، وليس انتهاء بانتشار القاذورات وانعدام النظافة في أغلب مرافق المجمع، إذ إن القائمة تطول، حتى إن البيئة لم تسلم من هذه التجاوزات بعد أن تم التعاقد لاحتطاب أشجار المبنى، بحسب مصادر مطلعة على أوضاع المجمع ووثائق حصلت عليها "الوطن". إهمال المرضى المرضى يعانون من مشاكل بالجملة يأتي على رأسها الأدوية النفسية التي تثير أعراضا جانبية، إذ يفترض أن يعقب تناولها أخذ حقنة بدواء "اتيفان" أو "كوجنتين"، والذي يعتبر دواء إسعافيا مهما في علاج الحالة النفسية، إلا أن القائمين على العلاج يتجاهلونها ولا يتم جلبها أو توفيرها للمريض، مما يجعله يدخل في نوبة هذيان أو تشنجات، وغيرها من الأعراض الجانبية التي يصاب بها المريض إذا لم يتم حقنه بها. كما يعاني النزلاء من نقص كبير في توفير الملابس والمخدات والأغطية النظيفة، مما يدفع بعض العاملين في المجمع إلى التعاون فيما بينهم لجمع مبلغ مادي لتوفير احتياجات المرضى الخاصة، بعد أن طالبوا مراراً وتكراراً إدارة المجمع بتوفير هذه المستلزمات. ويرى بعض العاملين أن المجمع قادر على توفير المتطلبات الأساسية لخدمة المرضى بناء على الميزانية المقدمة من قبل وزارة الصحة والتي تتجاوز 100 مليون ريال، مشيرين إلى أن المرضى لم يستفيدوا أي شيء منها، إذ يتم توفير مستلزماتهم من قبل تبرعات يقدمها موظفو المجمع لهم بواقع 200 ريال من كل شخص ممن لديهم شعور بالمسؤولية، ومن باب الرحمة والتعاطف مع المرضى المغلوبين على أمرهم خصوصا القسم النسائي الذي يعاني إهمالا كبيراً على مستويات عدة، أبرزها قلة النظافة وعدم توفير سبل الراحة وسوء المعاملة وجوانب أخرى كثيرة، حيث يصعب الدخول على النساء أثناء زيارة أي جهة إعلامية لهن بحجة تأمين سرية العلاج لهن. فساد إداري واستقالات بالجملة وبحسب مصادر "الوطن"، فإن المسؤولين التنفيذيين في المجمع يرتكبون تجاوزات، إذ إن المعايير التي تم بها اختيار أحد المديرين التنفيذيين للمجمع لا تناسب اختصاصه الطبي ولا يمتلك المهارة الإدارية، وتم تعيين مديري إدارات ورؤساء أقسام بناء على العلاقات الشخصية وليس على الكفاءة والشهادة، حيث تم تعيين أشخاص يحملون مؤهلات تعليمية تختص باللغة العربية ليس لها علاقة بالمجال الصحي، لمجرد علاقات شخصية مع المسؤولين العاملين في المجمع تحتفظ "الوطن" بنسخ من شهاداتهم. وذكر أحد المصادر أن موظفاً تم تعيينه مديراً في إحدى الإدارات، مما يخوله إعطاء "استشارات أسرية"، وإلقاء المحاضرات بصفة "أخصائي نفسي" وتارة "استشاري نفسي"، مما تسبب في نشوب العديد من المشاكل ووقوع نحو 5 حالات طلاق بسبب النصائح التي يقدمها للأزواج، في حين تقدم أحد المواطنين مؤخرا بشكوى بحق هذا الموظف بعد أن أشار على زوجة المواطن بالطلاق منه. وأضاف: "أكثر من 20 طبيبا سعوديا يحملون شهادات تخصصية في المجال الصحي والإداري، قدموا استقالاتهم بسبب استخدام النفوذ الإداري لكم الأفواه التي تطالب أو تعارض ما يحدث داخل المجمع وتفضيل الطواقم الأجنبية على المواطنين، حيث يتم التضييق على الموظف السعودي الذي يطالب ويعارض من خلال تقييم الأداء، مما يدعوه إلى تقديم استقالته بعد المفاضلة التي تحدث لصالح الأجانب غير المؤهلين للعمل الصحي بشكل سليم. وأوضح المصدر أن هيئة التخصصات الصحية لم تعط بعض الأجانب الشهادة التي تخولهم العمل بسبب رسوبهم في اختبارات الهيئة، فالبعض منهم يحمل شهادات صناعية وليست طبية. وأكد وجود إحدى الموظفات تعمل استشارية للكشف على الأطفال وتقديم الاستشارات الصحية بحقهم، في حين أنها لا تحمل مؤهلاً يخولها للعمل كاستشارية، في ظل غياب الرقيب عن تصرفاتهم التي تدل على الاهتمام بالمصالح الشخصية دون مرعاة حقوق المرضى، مع الأخذ في الاعتبار وجود كفاءات من المواطنين والمواطنات الذين لم يجدوا عملاً ويتم رفضهم حال تقدمهم بسبب تفضيل الأجانب عليهم. استغلال النفوذ وتلفت المصادر إلى استخدام مسؤولين تنفيذيين للمركبات الخاصة بالمجمع لصالح أغراضهم الشخصية، فيما تتم الاستفادة من كروت البنزين المخصصة للمجمع من قبلهم دون وجه حق، بينما المفترض استخدام سيارة واحدة فقط أثناء تأدية العمل وليست لقضاء الأمور الشخصية، الأمر الذي يدفع ضريبته المرضى الذين يعانون الإهمال وسوء المعاملة وعدم توفر العلاجات اللازمة لحالاتهم المرضية لمدة لا تقل عن 6 أشهر، مع العلم بأن هناك مطالبات بتوفير تلك الأدوية. احتطاب بالمجمع ولم تكن الأشجار الخاصة بالمجمع بمنأى عن الأذى، إذ طالتها أيدي الجشع، بعد أن كانت تشكل مشهدا جماليا في مباني المجمع، والتي يزيد عمرها على 20 و30 عاما، إذ قام أحد المسؤولين بالمجمع بتقطيعها واحتطابها وبيعها من خلال إصدار أمر بتقطيعها، والذي بدوره يعقد اتفاقا مع بعض العمال ويتم احتطابها وبيعها خارج المجمع في ظل غياب الرقابة. سوء المعاملة أما النزيلات فيعانين سوء معاملة الممرضات خصوصاً من جنسيات عربية، إذ يعتمدن في مناداة المريضات بألفاظ نابية، وعدم مراعاة وضعهن الصحي والحالة النفسية التي يمررن بها، وتم رصد حالة هروب قبل نحو أسبوعين لنزيلة عبر إحدى النوافذ المهترئة ولجأت إلى أحد أقسام الشرطة بسبب سوء المعاملة وعدم الاهتمام بها، مع العلم بأن بعض العاملين رفعوا للإدارة طلباً بإصلاح النوافذ التي أصبحت ممرا سهلا للهروب. انعدام النظافة النظافة في أقسام المستشفى شبه معدومة، في حين تعاني بعض دورات المياه من الإهمال، وما زال بعضها مغلقا بانتظار الصيانة، إذ يعود السبب في قلة النظافة والإهمال إلى الشركة المتعاقدة مع المجمع، والتي أثبتت عدم كفاءتها في السابق، وصدر أمر بعدم التعاقد معها مرة أخرى من قبل المسؤولين السابقين، إلا أن مسؤولي المجمع الحاليين ضربوا بالقرار السابق عرض الحائط، وتم التعاقد معها من جديد، فأصبح مرتعا للحشرات والقطط، إضافة إلى انتشار القمل في قسم النساء بسبب قلة النظافة التي تسببت في انبعاث الروائح الكريهة بين أجنحة النزلاء، إذ إن نفايات المجمع يتم رميها بطريقة عشوائية وغير حضارية. وأدى إهمال الصيانة إلى تهالك الجدران وتكسر الأبواب وإغلاق دورات المياه.