بالرغم من الحملات المتكررة التي يقوم بها جهاز الجوازات لضبط المتسولين في وادي الدواسر، إلا أن هذه الجماعات تعاود نشاطها وبشكل سريع عبر طرق وأساليب مختلفة في تحد صارخ أمام الحملات المتكررة، بل تعدى الأمر إلى الجهر بمخالفاتها وعدم الاكتراث لأية مراقبة، حتى أن بعض المتسولات قالت: "ليس لدى الجوازات في الوادي سجن نساء"، فيما أقسمت أخرى بأنه في حال القبض عليها ستعاود نشاطها قبل مضي أسبوع. وأدى تقاسم المتسولين والمتسولات وأسرهم للإشارات المرورية والأحياء والمزارع والأسواق والصرافات الآلية بمحافظة وادي الدواسر، إلى تصاعد شكاوى أهالي وسكان وزوّار المحافظة من انتشار ظاهرة تسوّل الأطفال والنساء من المخالفين لنظام الإقامة والعمل، والذي بدى بشكل لافت ومخيف دون وجود حلول جذرية حتى الآن، في حين عززت هذه الجماعات من حيلها لاصطياد ضحاياهم بادعاء الحمل بحشوات وهمية واستخدام صمغ الباتكس لتشويه الوجوه وأكياس تشبه الأطفال. ويرى عدد من المواطنين أن عدم وجود سجن للنساء بجوازات وادي الدواسر، إلى جانب وجود المزارع والمنازل الخربة التي تؤوي المتسللين المتسولين في فترة الليل، فضلاً عن تعاطف بعض المواطنين، خصوصا المسافرين أثناء توقفهم عند الإشارات المرورية ومحطات الوقود والمطاعم، وفرت جميعها بيئة خصبة لإقامتهم، وأوجدت دخلا مميزا لهم. وتخرج النساء بصحبة الأطفال في الصباح الباكر بمراقبة ومتابعة من ذويهم عن بعد لأخذ مواقعهم التي اتفقوا عليها مسبقاً لممارسة مهنتهم اليومية، ليستعطفن قلوب أبناء الوطن الطيبين بعرض أطفالهن والرضع منهن بملابسهن الرثة، وهن يرتدين العباءة النسائية المحلية في محاولة للتمويه على المواطنين والمقيمين ورجال الأمن بأنهن سعوديات، فيما تجاوزت سلبياتهم ومخاطرهم إلى السرقة أو الخطف أو نقل الأمراض المعدية. أمام ذلك أبدى عدد من المواطنين بمحافظة وادي الدواسر تخوفهم من احتمال مخالطتهم للشباب والعمالة في الأحياء والمزارع، بعد أن أصبحت ظاهرة تسول النساء والأطفال حديث المجالس بالمدينة، فلا تكاد تمر على إشارة مرورية حتى تجد عدداً منهن يزاحمن السيارات ويعطلن الحركة المرورية بصحبة الأطفال ولا يفارقنها إلا في وقت متأخر من الليل للمبيت في العشش والبيوت الخربة والمزارع ليعدن بعدها لممارسة مهنتهن في اليوم التالي، مع ما يترتب على ذلك من مخاطر مرورية وأمنية وصحية واجتماعية، بعد أن بات عدد من الأسر يتفاجؤون باقتحام المتسولات لمنازلهم دون إذن أو طرق للباب بحجة التسول. ولم تخف المتسولات ثقتهن وارتياحهن في عملهن، وأكدن ل"الوطن" أنهن لا يخفن من القبض عليهن من قبل الجوازات، فيما رددت أكثر من واحدة: "ليس لدى الجوازات في الوادي سجن نساء"، وتابعت أخرى وهي تشاهد رصدهن بكاميرا التصوير: نحن نبحث عن رزقنا ومصدر قوتنا فاتركونا وحالنا وبدأت تشتم وكأنها تطالب بحق من حقوقها. وقالت متسولة أخرى: "والله لو قبضوا علينا ورحّلونا لنعود قبل أن يمضي الأسبوع"، وذلك في تحد صارخ للأنظمة والتعليمات وثقة غير محدودة بالنفس وكأن خلف الأمر من يساعدهن من عصابات نقل المخالفين، فيما رصدت "الصحيفة" إحدى دوريات الأمن وهي تمر بجوار المتسولات عند الإشارات المرورية دون مساءلتهن أو القبض عليهن وإبعادهن عن البلاد. ويقول علي الدوسري، إن المتسولين من النساء والشيوخ والأطفال يجيدون التمثيل لكسب عطف المارة وعابري السبيل فتجد المعاق والأصم وتجد المرأة الحامل وتكتشف أنه حمل وهمي، وطفلا محمولا على ذراعي أمه الحنون ولكنه من أكياس الطحين، وتجد المشوه الذي طلى خده بصمغ الباتكس وشعيرات الموكيت اللاصقة وغيرها من الحيل التي لا تخفى على من يدقق جيداً، مشيراً إلى الحرج الكبير الذي يشعر به المواطنون أثناء خروجهم من منازلهم ومواجهة الغرباء أمام أبوابهم. وأضاف الدوسري أنه رغم جهود إدارة الجوازات وحملاتهم المتكررة، إلا أن المتسولين يعودون بعد فترة وجيزة، مؤكداً أن من المفارقات العجيبة أن هؤلاء الدخلاء يمدون أيديهم حتى لبعض منسوبي قطاع الأمن وهم في سياراتهم الرسمية دون مبالاة ولا خوف، وتابع: نأمل ممن يهمه الأمر التوجيه لجميع قطاعات الأمن بما فيهم الشرطة والهيئة ومن له الصلاحية بالتعاون مع قطاع الجوازات كون اليد الواحدة لا تصفق. من جانبه، طالب المواطن محمد فنيس آل أبو سباع، الجهات ذات العلاقة بضرورة تطبيق عقوبات مشددة على من تثبت عودته بعد ترحيله منهم حتى لا تضيع جهود رجال الجوازات وإدارة الوافدين سدى، وذلك بعد أن تبين أن أغلب من يتم ترحيلهم يعودون في غضون أيام قليلة لممارسة مهنتهم، التي تشكل مخاطر كبيرة على الوطن والمواطن من جميع النواحي الأمنية والصحية والاقتصادية والاجتماعية. إلى ذلك، أوضح نائب رئيس المجلس البلدي السابق بمحافظة وادي الدواسر ناصر بن غنام الغنام، أن تفشي ظاهرة التسول من المخالفين بمحافظة وادي الدواسر لم يعد خافياً وبدأت تشكل هاجساً خطيراً يتوجس منه كافة المواطنين، فيما لا يخفى ما يسفر عنه هذا المشهد غير الحضاري وغير الإنساني من أسى وحرقة في قلب كل مواطن لما يشاهده من استغلال لهؤلاء النسوة وأولئك الصبية من قبل المتسللين ونشرهم بهذا الشكل المريب، فضلاً عما تشكله الظاهرة من خطر على حياة الناس وأمنهم من جهة، وصحتهم وسلوكياتهم من جهة أخرى، خصوصاً أنهم يوجدون في أطراف المدينة وعلى حافة المزارع المتطرفة البعيدة لكي يكونوا في مأمن من الملاحقات الأمنية. ودعا الغنام إلى الحزم والضرب بيد من حديد على من يؤوي أو ينقل أو يسهل انتشارهم أو تسللهم إلى البلاد وتطبيق أقصى العقوبات عليه حماية لأمن الوطن وأمن المواطن، تابع: إن غالبية المتسولين هم من النساء والأطفال، وجوازات المحافظة بدون سجن للنساء والسجن العام يرفض استقبالهن فيجب وضع حلول عاجلة لهذه المشكلة، والمهم أيضاً افتتاح إدارة لمكافحة التسول لتسهم في القضاء على هذه الظاهرة وتسهم أيضاً في إيواء الفارين من العاملات.