تتميز جدة التاريخية باحتضان أقدم المساجد الصغيرة التي يطلق عليها "الزوايا" قبل أن تتحول منذ القدم إلى مواقع خاصة بالصلاة، حيث ما زالت هذه الآثار قابعة في أوساط الأسواق الشعبية في المنطقة التاريخية ويتردد عليها المصلون لأداء الفرائض خلال شهر رمضان، حيث تشهد المساجد التاريخية نشاطا كبيرا من خلال حلقات حفظ وتجويد القرآن الكريم والحلقات الدينية، ومن أبرز هذه المساجد مسجد "أبو سيفين" بمحلة الشام بسوق الندى. حيث ذكرت المصادر التاريخية أن المسجد يتجاوز عمره الزمني 95 عاما وتم إنشاؤه في عام 1339 وعرف بمسجد "أبو سيفين" الذي يطلق عليه أيضا مسمى "زاوية"، كأحد أشهر المساجد التاريخية والأثرية في المنطقة التاريخية في جدة. وبين المشرف على المسجد محمد علي أنه يقع عند بداية مدخل سوق الندى الشمالي ويعود تاريخ بنائه إلى عام 1339، مستندا على اللوحة التي وضعت على باب الزاوية منقوشة بحروف بارزة تحمل اسم المسجد وتاريخ إنشائه، ويضيف: المسجد يتكون من دور واحد إلى جانب أن أسقف المسجد مصنوعة من الخشب ولا يزال الوحيد في السوق المحتفظ بهواية بنائه القديمة، موضحا أن المسجد يشهد إقبالا كبيرا من زوار السوق خلال شهر رمضان لأداء الفرائض وتقام به صلاة التراويح. وبين المشرف على المسجد أنه تم اكتشاف داخله بئر ماء عذب قديمة تعود إلى آلاف السنين بواسطة المسجد على الرغم من قرب المنطقة من البحر وهذه البئر كما أخبرني المسؤول عن المسجد ما زالت تجود بالمياه الصالحة للوضوء، مضيفا أنه تم تحليل مياه البئر وأثبتت أنها مياه صافية لا تختلط بمياه الصرف الصحي، مشيرا أن المصلي خلال الشهر الفضيل أثناء أداء الصلاة في المسجد في كل مرة يشعر أنه إنسان مختلف في كل زيارة ليكشف حقيقته من جديد بعد سنين من الضياع في عالم كبير يأخذك معه في دوامته ويشغلك عن أبسط واجباتك تجاه ربك وأبسط حقوقك تجاه نفسك وخاصة في شهر رمضان. ويضيف، الإقبال على المسجد خلال الشهر الفضيل من أجمل المشاهد الروحانية حيث يجتمع المصلون في صفوف لأداء الصلاة بسكينة وقلوب مطمئنة، فتجار السوق يحرصون خلال الشهر على تزويد المسجد بمياه الشرب والمصاحف والصيانة لدورة المياه، وما يميز المسجد هو انطباع الأجواء القديمة لكل من يأتي له من خلال مدخله الضيق المؤدي إلى ساحة المصلى والمحراب القديم الذي يقف به الإمام يوميا خلال الفروض الخمسة وصلاة التراويح. ويشهد المسجد عقد بعض الندوات الدينية خلال شهر رمضان لتذكير الناس بفضل هذه الأيام وحثهم على التواصل والتسامح، وطالب بتكثيف الصيانة وإجراء الترميم لأجزاء المسجد تخوفا من أن يفقد هويته التاريخية باعتبار أن مسجد أبو سيفين أحد المعالم التاريخية والأثرية في جدة التي لا بد أن تحظى بكثير من الاهتمام من قبل وزارة الأوقاف.