احتشد أكثر من 9 آلاف شخص بالأحساء مساء أول من أمس، لمشاهدة العرض المسرحي والسينمائي "أرض الإلهام"، في مسرح على سفوح جبل القارة "12 كيلومترا من مدينة الهفوف". العرض، الذي جمع بين التمثيل والإنشاد، استمر ل45 دقيقة متواصلة، طارحا حزمة من المعلومات التاريخية عن إقليم الأحساء قبل أكثر من 2000 عام، مذ كان الإقليم يسمى "هجر"، وبها المدينة التي أذهلت عقول الإغريق وهي "الجرهاء"، وبها نهر "محلم" ذو العيون الفوارة والمياه العذبة، وترجح تسميته "محلم" نسبة إلى إحدى الشخصيات في تلك الحقبة، وتسقي مياه هذا النهر نخيل قرى "هجر". وأكد العرض أن "هجر" وتحديداً حصن "المشقر"، الذي يقع بجوار جبل القارة، (الموقع الحالي للعرض)، كان محط تجارة الكثير من الشعوب، وكان يشهد "المشقر" في كل عام توافد التجار من مختلف أقطار المعمورة لمزاولة التجارة في هذا الموقع وبالأخص من بلاد فارس والهند والشام والجزيرة العربية والصين، وسبب تسميته ب"المشقر" نسبة إلى لونه القريب من اللون "الأشقر" وهو القريب من اللون الأحمر، وتولى بناءه على الأرجح قبيلة "طسم" القبيلة العربية المنقرضة وذلك في عام 20 للميلاد. واشتمل العرض على تأكيد أهمية عين "هجر" في العهد البابلي، وورد ذكرها في أنشودة افتخار آلهة "الحب والحرب" في تلك الحقبة، وأنها غسلت رأسها في أرض جبل "دلمون" في إقليم الأحساء، وفيها ملحمة "الطوفان" السومرية، كما تضمن العرض الإشارة إلى أن التجارة في إقليم الأحساء "لا تبور"، وكان بنو محارب وبنو عامر من أحفاد عبدالقيس يديرون وينظمون السوق في حصن "المشقر"، بمساعدة من بني تميم، وكان لموقع إقليم الأحساء دور كبير في نجاح التجار فيه، كما أبان العرض أنه لا تعرض تجارة ولا يقوم بيع حتى تباع تجارة الملك كاملة، أسوة بسوق دومة الجندل، وتعتمد تجارتهم على الملامسة "الإيماءات" فيما بين البائع والمشتري ولا يتكلمون حتى يتراضوا في البيع والشراء، والهمهمة حتى لا يحلفون كذباً. وأشارت مقاطع العرض إلى أن الشعراء العرب كانوا يجدون سوق "المشقر" ميداناً مناسباً للأدب والشعر، وأن قبيلة عبدالقيس من إقليم الأحساء ذهبت طواعية إلى مكةالمكرمة لمقابلة النبي محمد صلى الله عليه وسلم والدخول إلى الإسلام غير كارهين، ووصفهم النبي صلى الله عليه وسلم ب"أنهم خير أهل المشرق"، وقال في الأشج من قبيلة عبدالقيس إن فيك خصلتين يحبهما الله تعالى ورسوله هما "الحلم والأناة"، وأقاموا 10 أيام في مكةالمكرمة يسألون النبي صلى الله عليه وسلم فيها عن القرآن والفقه. وبدوره، قال مخرج العرض أيمن المحمد ل"الوطن" إن فكرة العمل كانت تراوده منذ فترة زمنية، وإن العمل جمع بين المعلومة والفرحة، بالإضافة إلى الفخر والاعتزاز بالمعلومات والوثائق التاريخية، التي يجهلها أغلب سكان المنطقة. يذكر أن العمل جسد أدواره نخبة من الممثلين والمنشدين تجاوز عددهم 80 شخصية، واستغرق تجهيزه أكثر من 6 أشهر.