شهد عام 2013 نقلة نوعية في الاهتمام بقطاع النقل العام الذي حظي ب 265 مليار ريال رصدتها الدولة لمشاريع النقل العام في المملكة، نال منها كل من مكةالمكرمة والعاصمة الرياض النصيب الأكبر من فائض ميزانية عام 2012 ب 200 مليار، ليستحوذ بذلك قطاع النقل على 38% من نسبة المخصصات في الميزانية العامة، بشكل يعكس اهتمام القيادة، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز بالتنمية المستدامة. وبحسب تقارير اقتصادية، فقد فاقت مخصصات النقل العام، مثيلاتها في قطاعي الصحة والتعليم، رغم استحواذهما على مخصصات عالية، ليكون ما خصص لقطاع النقل يعادل مخصصات القطاعين مجتمعة، حيث نال التعليم 29%، والصحة 14%. هذه المخصصات أثبتت، بما لا يدع مجالاً للشك، الاهتمام الشخصي لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، في إزالة كافة المعوقات التي تعترض سبيل التنمية، والتركيز على تطوير البنية التحتية بما يساهم في تنمية الوطن والمواطن، والتخطيط الاستراتيجي، مع الأخذ في الاعتبار المحاذير التي من الممكن وقوعها تبعا لما تشهده البلاد من نهضة عمرانية، والتطورات العديدة التي يشهدها قلب المملكة النابض، ممثلاً بالعاصمة الرياض، لتأتي الموافقة على مشروع النقل العام بمدينة الرياض، محددة بإطار زمني ترسم حدوده أعوام أربعة. حلول جذرية وفي جلسته المنعقدة في الثاني من جمادى الآخرة 1433، أعلن مجلس الوزراء الموافقة على تنفيذ مشروع النقل العام في مدينة الرياض "القطارات - الحافلات" بكامل مراحله، وفقا للدراسات التي سبق أن أعدتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بمشاركة الجهات المختصة لإيجاد حلول جذرية للاختناقات المرورية بمدينة الرياض، وأن تتولى لجنة عليا برئاسة أمير المنطقة، رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وعضوية وزراء الشؤون البلدية والقروية، والمالية والنقل الإشراف على تنفيذ المشروع، حيث شرعت اللجنة في التحضير لتنفيذ المشروع الذي يتضمن تأسيس شبكة للنقل بالقطارات الكهربائية، وشبكة موازية للنقل بالحافلات، وفقاً للخطة الشاملة للنقل العام التي وضعتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، التي تهدف إلى توفير خدمة النقل العام لكل فئات السكان، وتنويع أنماط وسبل التنقل في المدينة بطريقة فعّالة وملائمة، والحد من الاستخدام المفرط للمركبات الخاصة، والإيفاء بمتطلبات التنقل القائمة والمتوقعة، بما يتلاءم مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والمرورية. عوائد كبيرة وجاءت المرحلة الثانية بتحديد خطوات تنفيذ المشروع ووضع برنامج زمني لتنفيذه، على ضوء الدراسات والمواصفات والتصاميم ووثائق الطرح والتنفيذ التي سبق أن أعدتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض لمختلف عناصر المشروع، الذي من شأنه تحقيق عوائد كبيرة على المدينة وسكانها، تتجاوز توفير خدمة النقل العام لكافة فئات السكان، إلى الجوانب المرورية والاقتصادية والعمرانية والاجتماعية والصحية والبيئية، إضافة إلى تأسيس نظام نقل دائم يواكب النمو الكبير الذي تشهده المدينة، ويفي بمتطلبات التنقل القائمة والمتوقعة مستقبل، يتضمن مشروع القطار الكهربائي الذي ينفذ بمواصفات تقنية وتصميمية عالية، من أبرزها استخدام نظام القطارات الآلي (بدون سائق)، واختيار أحدث المواصفات والتقنيات لعربات القطار الكهربائي في العالم، والتي تتيح فصل العربات من الداخل، وتخصيص فئة خاصة للعائلات، إضافة إلى تزويدها بخدمات الاتصال وتبادل المعلومات للركاب. وكانت مصادر مطلعة قد كشفت ل"الوطن" أن مشروع تأسيس شبكة للنقل بالقطارات الكهربائية، وإنشاء شبكة موازية للنقل بالحافلات سيشتمل على 6 شبكات للقطار الكهربائي في مدينة الرياض. وبينت المصادر أن 80% من شبكة القطار الكهربائي ستكون عبر الأنفاق، وخصوصاً الشبكة الواقعة في شارع العليا العام. وطبقا للهيئة العليا لتطوير الرياض، فإن شبكة القطار الكهربائي تشكل العمود الفقري لنظام النقل العام في الرياض؛ حيث جرى اختيار 6 محاور رئيسية بطول إجمالي يبلغ 181 كيلومترا، تتشكل منها شبكة القطار الكهربائي في المدينة. مواصفات تقنية ويتضمن مشروع القطار الكهربائي مواصفات تقنية وتصميمية عالية، حيث أشارت الهيئة إلى أن أبرزها استخدام نظام القطارات الآلي، إضافة إلى اختيار أحدث المواصفات والتقنيات لعربات القطار الكهربائي في العالم. وأشارت الهيئة إلى أنه جرى تحديد مواقع المحطات الرئيسية للقطار الكهربائي، بحيث تلتقي فيها عدة مسارات للقطار، مبينة أنه تم تصميمها على عدة مستويات وفق تصاميم معمارية حديثة، وستكون جميعها مكيفة وتشتمل على وسائل الراحة والسلامة للركاب، وتتضمن أنظمة معلومات الرحلات. وأكدت أن تصاميم مشروع القطار استوفت متطلبات الأمن والسلامة للركاب والمنشآت، وذلك من خلال تزويد العربات والمحطات بأنظمة متطورة للمراقبة، تعمل بواسطة الكاميرات، وأنظمة الإنذار المبكر، ونظم إطفاء الحريق، إلى جانب توفير أنظمة السلامة في الأنفاق، ونظم الاتصالات التي تتيح التواصل الفوري مع مركز التحكم والتشغيل والجهات الأمنية المختصة. وأشارت الهيئة إلى أن شبكة الحافلات تغطي كامل مدينة الرياض وتتكامل مع القطار الكهربائي عبر محطات مشتركة لكلتا الشبكتين في عدد من الخطوط الرئيسية في المدينة بين أربعة مستويات مختلفة. كثافة سكانية وحددت الخطة الشاملة للنقل مسارات شبكة النقل العام والوسائط المستخدمة وفق عدد من المعايير، أبرزها تركز الكثافة السكانية وتوزعها في المدينة، وخدمة مناطق الجذب المروري العالية لمناطق التوظيف والأنشطة التجارية والتعليمية مثل: الوزارات والجامعات والمستشفيات والمجمعات التجارية والمنشآت الحكومية ومطار الملك خالد الدولي والمراكز الفرعية ومركز المعارض الدولي ووسط المدينة ومركز النقل العام. وبينت الهيئة أن نظام الحافلات مع شبكة القطارات يتكامل من عدة أوجه، أبرزها اشتراك الشبكتين في عدد من الخطوط الرئيسية والخطوط المغذية لكل منهما من خلال محطات مشتركة، وتوحيد نظم التذاكر والاتصالات ومعلومات الركاب، وتصميم غرف التحكم لكلا المشروعين، بحيث يمكن الإشراف والتحكم بتشغيل كل منهما على حدة. وتتضمن شبكة القطارات والحافلات إنشاء 26 موقفاً عاماً للسيارات (Park & Ride)، يتسع كل منها لما بين 300 و500 موقف. وأكدت الهيئة أن الخطة تعمل على احتواء متطلبات التنقل القائمة والمتوقعة في المدينة، ومواكبة النمو السكاني المستمر فيها، حيث تشير دراسات الهيئة إلى أنه من المتوقع أن يستمر هذا النمو من 5,3 ملايين نسمة حالياً، إلى أكثر من 8.3 ملايين نسمة عام 1450. وسائط النقل يذكر أنه في أكتوبر 2012 ، أقر مجلس الوزراء إنشاء هيئة للنقل العام تحت مسمى "هيئة النقل العام"، تهدف إلى تنظيم خدمات النقل العام للركاب داخل المدن وبين المدن، يكون من اختصاصها تنفيذ خطط النقل العام، وتحديد شبكة خطوط النقل العام ومساراتها، ومواقع مرافقها، ووضع مواصفات وسائط النقل العام ومنح التراخيص والتصاريح واقتراح آلية لتنظيم أجور النقل العام، وتوفير الظروف الملائمة لجذب الاستثمارات في هذا المجال. وجاء قرار المجلس بهذا الخصوص بعد الاطلاع على محضر اللجنة العليا للتنظيم الإداري الخاص بدراسة اقتراح إنشاء هيئة متخصصة للنقل العام، تتمتع بالاستقلال المالي والإداري، وتهدف إلى تنظيم خدمات النقل العام للركاب داخل المدن وبين المدن، والإشراف عليه وتوفيره بالمستوى الجيد والكلفة الملائمة، وتشجيع الاستثمار فيه بما يتفق مع أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة، ويكون من بين اختصاصاتها تنفيذ خطط النقل العام على مستوى المملكة، والتأكد من توافر التمويل لأنشطة النقل العام من مصادره المختلفة، وتحديد شبكة خطوط النقل العام ومساراتها، ومواقع مرافقها، ووضع مواصفات وسائط النقل العام ومنح التراخيص والتصاريح واقتراح آلية لتنظيم أجور النقل العام، وتوفير الظروف الملائمة لجذب الاستثمارات في هذا المجال.