أتاحت الشفافية التي اتسم بها ملتقى التواصل في عسير برعاية سمو أمير المنطقة الأمير فيصل بن خالد أمس، مساحة من النقد الهادف والبناء لاسيما من أبناء المنطقة الذين يقيمون خارجها، فطبيب جسد حجم معاناة المرضى الذين يتم تحويلهم من عسير لطلب العلاج في المدن الكبرى، وكلفته المادية، واقتصادي يقول للحاضرين: سامحوني لقد أخطأت في حق البيئة وتدمير أشجارها، ويلوم بشدة من أعاق تنفيذ مدينة عسير الصناعية على مدى عشر سنوات مضت، ومعاق يخاطب المنظمين: لماذا لم توجهوا الدعوة إلينا، وأكاديمي يقترح تحويل عنوان ملتقى التواصل من "مستقبل عسير في عيون أبنائها" إلى مستقبل عسير في سواعد أبنائها". وكان أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد قد أكد في تصريح صحفي عقب تدشينه الملتقى أن هذه الخطوة تعد الأولى من نوعها على مستوى المملكة، يحضر فيها الأهالي من أبناء المنطقة وخارجها، وكذلك المسؤولون ليتناقشوا بشفافية عن مستقبل عسير، وتطلعات أهلها. وأضاف: من عسير نصنع النجاح ونضع الخطوات الأولى والصحيحة نحو العالمية، مشيرا إلى أن ذلك لن يتحقق إلا بسواعد أبناء وبنات منطقة عسير، ففي هذا اليوم فرصة للالتقاء والمشاركة في إعداد الخطط المستقبلية لتطوير المنطقة وتطويع الخبرات لمستقبل واعد لجعل عسير مركزا متميزا للتنمية المستدامة والاستثمار، لافتا إلى أن الملتقى يحقق تطلعات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله في إشراك المواطن في البناء والتنمية ووضع الخطط المستقبلية. واشتمل برنامج الملتقى على كلمة لأبناء منطقة عسير ألقاها بالنيابة عنهم رئيس تحرير صحيفة المدينة الدكتور فهد عقران، تحدث فيها عما تحظى بها المنطقة من نهضة تنموية مواكبة التنمية للشاملة. وأضاف أن بادرة الاستعانة بأبناء المنطقة بالمشاركة في بنائها وتنميتها يضع عليهم مسؤولية أكبر لجعلها مركزا متميزا وقادرا على جلب رؤوس الأموال الوطنية والإقليمية في جميع المجالات التنموية والاقتصادية مقدما شكره لسمو أمير المنطقة على هذه البادرة القيمة والمميزة. ثم استمع الأمير فيصل إلى رؤى ثماني شخصيات من أبناء المنطقة الذين يقيمون خارجها خلال جلسات أدارها الزميل أحمد التيهاني، حيث أكد عضو مجلس الشورى عوض آل سرور على ضرورة إعادة رؤوس الأموال المهاجرة إلى عسير، لاسيما وأن المنطقة تتميز بتنوع تضاريسي فريد من نوعه، وتمتلك مقومات سياحية مشجعة، وتفعيل دور القطاع الخاص كشريك أساسي وإزالة العوائق التي حالت دون قيام المدينة الصناعية، والعمل على إنشاء مدن ترفيهية بمواصفات عالمية، وإنشاء هيئة مستقلة للمتنزهات الوطنية، وإنشاء مركز لتدريب القوى البشرية، لتتمكن من الإسهام في تنمية عسير بكفاءة واقتدار. وأشار سفير المملكة لدى المكسيك حسين عسيري، إلى أن الخطوة الهامة التي انتهجها سمو أمير المنطقة في إشراك أبناء عسير في مسيرة التنمية تجسيد للقيادة الواعية، لافتا إلى أن المملكة عانت في فترات سابقة من نقص الكوادر البشرية، والآن لديها الأمكانات البشرية إلا أن الكيف يجب أن يتم تفعيله في هذا العصر بالذات، ويؤكد رئيس قسم العظام بمدينة الملك فهد الطبية الدكتور إبراهيم عسيري ، أن عسير من أكثر المناطق سكانا ويتم سنويا تحويل قرابة 15 ألفا من الحالات إلى المراكز الرئيسة في الرياضوجدة، ويكلف ذلك مبالغ طائلة تتجاوز مليارا سنويا، مما يستدعي تقديم خدمات صحية من المستوى الثالث في عسير، وبما يسهم في الاستغناء إلى حد ما من تحويل المرضى وما يتبعه من معاناة ونفقات. أما رجل الأعمال علي القحطاني فأكد أن الدعم الاقتصادي مهم لتنمية المنطقة وتطويرها، وعسير بحاجة ماسة إلى مدن اقتصادية منافسة على غرار مدن جازان والمدينةالمنورة وغيرها، إذ ستعمل في حال إنشائها على توفير الآف الفرص الوظيفية، مقترحا أن يتم إحداثها في ساحل عسير. ويرى عضو هيئة التدريس في جامعة الملك فهد الدكتور مسفر بن علي القحطاني، أن الوعي هو المحرك الأساسي لتنمية الإنسان أولا ومن ثم المكان، إذ لا يمكن أن تكون هناك حضارة وتنمية في ظل غياب وعي الإنسان، لافتا إلى أن الإصلاح يقوم على تعديل السلوك، وإصلاح الفكر، في حين أن إنسان عسير عاش حضارات مختلفة، وتشتد الحاجة إلى تحويل الفكر السوي إلى سلوك ممارس، يجسد تعامل الإنسان الراقي مع بيئته والآخرين. وأشارت سيدة الأعمال فاطمة القحطاني إلى أن هناك مقارنة، قد لا تسر البعض إلا أنها واقع، فبعض الدول تمتلك مقومات أقل من أبها ومع ذلك سبقتها في مجال السياحة، والتنمية، ومن هنا تظهر الحاجة إلى إعادة النظر في استراتيجيات السياحة في المنطقة، والعمل على تهيئة البنى التحتية التي تعد رافدا هاما لسياحة نوعية. عقب ذلك تم قتح المجال لمداخلات الحاضرين، إذ انتقد يحيى السميري "من ذوي الاحتياجات الخاصة" عدم توجيه الدعوة لأي من أفراد هذه الفئة للمشاركة في الملتقى، مقترحا إعداد دليل للمعاقين يوضح مقار دخولهم وخروجهم والتسهيلات المقدمة لهم، وكذلك إنشاء مركز لخدمة المعاقين يحضر إليه مندوبون من الإدارات الحكومية المختلفة لإنجاز أعمالهم. وآثر رئيس القطاع الجنوبي لشركة الكهرباء في المنطقة المهندس منصور القحطاني، مشاركة أبناء المنطقة من خارجها على مداخلته، فيما أكد رئيس مجلس الغرف السعودية المهندس عبدالله المبطي أن لأبناء المنطقة الذي يسكنون خارج عسير دورا كبيرا في التسويق للمنطقة، وتسهيل الاستثمار بها من خلال التعريف بمقوماتها، مطالبا بوضع حد لعمليات التستر على العمالة التي أثرت بشكل سلبي على الاقتصاد والتنمية، مطالبا الجميع بان يسامحوه لقاء سماحه سابقا بقطع الأشجار، ووجه لوما شديدا لمن عرقل مدينة عسير الصناعية لمدة عشر سنوات. وفي الجلسات المسائية تناول مدير جامعة الملك خالد الدكتور عبدالرحمن الداود مستقبل التعليم العالي في المنطقة، ورؤية الجامعة في هذا الجانب، لافتا إلى أنه سيتم التوسع في افتتاح الكليات التي يتطلبها سوق العمل، وتوسيع شراكة الجامعة مع المجتمع، وإشراك الطلاب في صنع القرار، فيما تناول مدير إدارة النقل المهندس علي مسفر مشروعات الطرق في المنطقة، وكذلك استعرض مدير المياه المهندس يزيد آل عائض الأمن المائي، واختتم الملتقى أعماله في يومه الأول بعرض لمدير الشؤون الاجتماعية سعيد الشهراني حول الشؤون الاجتماعية.. بين الواقع والمأمول.