تحظى قرية "القصار" التاريخية بجزيرة فرسان في جازان، بإقبال كبير من السياح والزائرين للجزيرة، وتعتبر مصيفا وملتقى ثقافيا للفرسانيين، يقضون فيها ما يزيد على ال3 أشهر متزامنة مع موسم يطلقون عليه اسم "العاصف"، وهو رياح الشمال الصيفية المعلنة عن موسم استواء رطب نخيلها، إضافة إلى أهالي فرسان ينتقلون إليها على ظهور الجمال بعد موسم صيد سمك الحريد في أواخر أبريل. وتعتبر أحد أهم المواقع السياحية والتي تتميز بمبانيها الحجرية وجريد النخل، وتمت تهيئتها أخيرا من قبل الهيئة العليا للسياحة ومجلس التنمية السياحية في منطقة جازان، لتكون محطة جذب للزائرين لها من خلال تنفيذ ممرات للمشاة، وتنفيذ جلسات مظللة، وإنشاء مركز خدمات مصغر، وترميم الأسوار المطلة على الممرات، والمسجد ودورات المياه، وعدد من المنازل القديمة وتحويلها إلى نزل بيئية ومركز استقبال للزوار، وإنشاء مدخل للقرية ذي طابع تراثي. تبعد قرية القصار عن جزيرة فرسان بنحو5 كيلومترات جنوبا، ويمكن للسائح زيارتها من خلال مرسى جنابة، ومرسى الحافة، حيث تحتوي مرافق قرية القصار، وعثر الباحثون في المنطقة على نقوش خطت على بعض حجارتها بالخط الحميري ونقوش أخرى بالحروف اللاتينية القديمة، ونقوش تعود إلى العام 24 قبل الميلاد في منطقة الكدمي الواقعة في قرية القصار، كما وجدت كتابات بخط المسند الجنوبي تعود للعهد الحميري، كما أن قرية القصار خصبة بالآثار التي تعود إلى العهد الروماني، إذ بداخلها ما يشبه كنيسة قديمة وفيها بعض الرسومات والكتابات القديمة بعضها يرجع للعهد الحميري، إضافة إلى الحصن الأثري الذي يعود إلى الفترة الإسلامية المتأخرة. يقول الباحث والشاعر إبراهيم عبدالله مفتاح، والمهتم بالآثار في المنطقة: "قرية القصار هي الجرح الدامي فهي منطقة خصبة بالآثار التي تعود إلى العهد الروماني، إذ بداخلها ما يشبه كنيسة قديمة وفيها بعض الرسومات والكتابات القديمة جدا، بعضها تعود للعهد الحميري والمؤسف في الأمر أنها تتعرض في بعض الأحيان إلى السرقة من قبل أناس لا يعون أهمية التراث، وتباع على مرأى من الناس من دون أي اهتمام بقيمتها التاريخية، ولم تنل القرية اهتمام المسؤولين الآثاريين". وتقع بالقرب من القصار أيضا قلعة لقمان على بعد 2 كلم منها، فتظهر على مكان مرتفع أطلال لبرج أو حصن دفاعي قطره أكثر من 10 أمتار مبنية بحجارة ضخمة، وهو في مكان استراتيجي بالنسبة للجزيرة. ويعود هذا الحصن الأثري إلى الفترة الإسلامية المتأخرة، وذلك يتضح من نوعية الفخار المنتشر حول الموقع. وأضح المدير التنفيذي لفرع الهيئة العامة للسياحة والآثار بجازان المهندس رستم الكبيسي، يقول: إن مشروع تهيئة قرية القصار يأتي ضمن خطة الهيئة لإحياء القرى التراثية بجازان، وستكون القرية تراثية سياحية ترفيهية شعبية تحتوي على المطاعم والمقاهي الشعبية ومعرض للحرف البحرية ومتحف للتراث الفرساني، ومحلات لبيع المنتجات الفرسانية الأثرية. وأضاف الكبيسي نسعى الآن إلى إنشاء جمعية تعاونية لملاك قرية القصار وذلك من أجل استثمار أصحاب تلك المنازل لمرفقات القرية التراثية، من محلات ومطاعم وغيرها، حتى تعود بالنفع عليهم أيضا، مؤكدا أن الاهتمام بالقرية لن يتوقف عند انتهاء مراحل المشروع، بل سيستمر حتى بعد ذلك، فصيانتها ومتابعتها من الأمور المهمة، وكذلك تنفيذ أية أفكار مستقبلية من شأنها تطوير هذا المعلم السياحي المهم.