تشكل هواية تحجير السيارات التي يمارسها عدد كبير من الشباب في متنزه غابة رغدان السياحي والطريق الدائري ظاهرة سنوية متكررة حيث تختفي طوال العام وتبدأ بالظهور مع دخول الإجازة الصيفية لتشكل ملمحاً من ملامح السياحة في المنطقة. ويقوم الشباب برفع السيارات عن مستوى الأرض باستخدام مجموعة كبيرة من الأحجار التي ساعدت الطبيعة المحيطة بالمكان في توفرها وبكثرة, وذلك في محاولة لعمل تكوينات جذابة بين السيارة والحجارة وتختلف بالطبع وفقاً لمهارة كل منهم. وعن تلك الهواية يقول كل من عبدالله الزهراني وأحمد صالح الزهراني من أبناء المنطقة القادمين من جدة إنهما وأصدقاءهم يتوافدون إلى مدخل متنزه غابة رغدان السياحي كل عام منذ عدة سنوات مع مجموعة من الشباب من مكةالمكرمةوجدةوالطائف والمدينة والرياض إضافة إلى بعض أبناء المنطقة ويقوم كل فريق باستعراض الشكل الذي كونه بتحجير السيارة والذي يستغرق أكثر من 5 ساعات بينما تمكث السيارة وهي بهذا الشكل إلى ما يزيد عن 12 ساعة في كثير من الأوقات. وتثير التشكيلات المختلفة منافسة حامية بين مجموعات الشباب العاشقة لتلك الهواية. ويؤكد منصور الغامدي أن طلاب المرحلة الثانوية والجامعية عندما ينتهون من العام الدراسي يجدون أنفسهم في حاجة ماسة إلى ممارسات رياضية واجتماعية وليست ثقافية فقط, وذلك مع وجود نقص في أعداد الصالات الرياضية والأماكن الترفيهية لتجمع الشباب, مما يدفعهم إلى ممارسة ظاهرة التحجير لملء وقت الفراغ وتفريغ طاقاتهم ومواهبهم, مشيراً إلى أن تلك الهواية ليست مقتصرة على الباحة بل هناك تجمعات مشابهة في أبها وكذلك الطائف. ويشير الشاب عبدالله سعد (طالب جامعي) إلى أنه ينزعج فقط من بعض الشباب الذين يمارسون هذه الظاهرة عندما يختارون مواقع تخص العائلات، وعلى لجنة التنشيط السياحي بالباحة دراسة هذه الظاهرة وإدراجها ضمن برامج التنشيط السياحي ودعمها مادياً ومعنويا معتقداً أنه في ظل عدم وجود أماكن ترفيهية خاصة بالشباب فإن ظاهرة التحجير سوف تكون في تزايد حيث يجد الشباب فسحة ومتعة في هذا العمل. ويؤكد العديد من رواد تلك الأماكن أن ظاهرة "التحجير" تثير العديد من التساؤلات، ومنها: لماذا يفعل هؤلاء الشباب ذلك؟ وهل للأمر علاقة بغياب المؤسسات الفنية التي تتبنى إقامة ورش عمل فنية تستثمر مكونات البيئة واستغلال مواهب وقدرات هؤلاء الشباب؟ يشير أحد السياح المعجبين بهذه الظاهرة المواطن محمد الشمري من الرياض إلى أن هذه الهواية فيها شيء من المجهود البدني والفكري وبالتالي فهي تعتبر رياضة وهي بحاجة إلى الدعم وإنشاء نواد أو جمعيات تختص بهذه الهواية وتهتم بهذه الفئة من الشباب لتمارس وفق مظلة وضوابط تحقق مخرجاً سليماً وواضحاً أبرزها إشباع رغبة الشباب وتوجيههم التوجيه السليم. ويقول عبدالحي من مكةالمكرمة فعلا الشباب بحاجة إلى من يحتويهم ويشبع رغباتهم ويوجههم ويستغل طاقاتهم وأنا زرت الباحة وأبها قبل سنتين وشاهدت الشباب وهو يقومون بتحجير السيارات وبصراحة المنظر رائع، وهو إضافة للسياحة, ويستحقون الإشادة وأن يكون لهم ناد ومقر مناسب وهي جديرة بالاهتمام من المسؤولين في الرئاسة العامة لرعاية الشباب والهيئة العليا للسياحة والجهات الأخرى ذات العلاقة. ويطالب الفنان التشكيلي رئيس قسم الفنون التشكيلية بجمعية الثقافة والفنون بالباحة عبدالله الدهري برعاية وتشجيع وتوجيه الشباب الذين يقومون بعمل أشكال جميلة بالتحجير ويعتبرهم مبدعين قائلاً لو تم دعم ومنهجة هذه الهواية لأصبح لدينا مبدعون مبتكرون وفنانون يضاهون فناني العالم في الإبداع الفني. فالتحجير ظاهرة تدل على وجود الحس الفني عند هؤلاء الشباب وهي ظاهره غريبة بغض النظر عن صحة أو عدم صحة هذا السلوك، إلا أنها تدل على وجود عنصر الإبداع والبحث عن الإثارة الفنية بأساليب بسيطة في متناول اليد. وحول هذه الظاهرة يطالب المرشد الطلابي عبدالعزيز بضرورة تعزيزها وإيجاد الحوافز التي تكفل نجاحها واستمرارها وتطويرها نحو الأفضل، وجذب أكبر شريحة من فئات الشباب لممارسة هذه الهواية المحببة لهم معللاً ذلك بقوله: إن الشباب من خلال تلك الممارسة يقوم بتحقيق مفهوم الذات الاجتماعية والعامة ويعبر من خلالها الفرد عن ذاته وانفعالاته وطاقته التي يجب أن تستثمر وتوجه التوجيه السليم من الجهات المختصة بما يشبع رغبات الشباب ويلبي احتياجاتهم وينمي قدراتهم بشكل إيجابي". ويضيف الزهراني قائلاً لو قمنا بالتخطيط السليم لمثل هذه الظواهر لدى شبابنا لكانت بديلاً ناجحاً عن ممارساتهم لبعض السلوكيات الخاطئة والمنحرفة والتي بلا شك قد تكلف الأسر والمجتمع والوطن الكثير من الخسائر البشرية والمادية.