شهدت سوق الأسهم السعودية أشد هبوط لها منذ أكثر من سنة بعد أن فقد مؤشر السوق 4.4% في جلسة أمس بقيادة سهم "سابك"، وهو الانخفاض الأشد منذ 24 فبراير لعام 2009 في أعقاب انخفاض أسعار النفط عالمياً نتيجة لمخاوف من تأثير الأزمة اليونانية على تعافي الاقتصاد العالمي وهو ما يعني انخفاض الطلب على النفط. وفقدت أسهم 139 شركة مدرجة على المؤشر أمس ما يقارب 58.7 مليار ريال من قيمتها السوقية، بعد أن هوى مؤشر السوق بمقدار 301 نقطة وبنسبة تراجع حادة بلغت 4.4 % إلى 6516.71 نقطة، لتبلغ قيمة الأسهم السوقية مع نهاية التعاملات 1.28 تريليون ريال. وكان لأسهم قطاع البتروكيماويات تأثير قوي على المؤشر بقيادة سهم سابك الذي انخفض بنسبة 4.8% إلى 100 ريال وهو أعلى انخفاض لسهم سابك منذ يوم 19 أغسطس من العام الماضي. إلا أن الرئيس التنفيذي لشركة سابك المهندس محمد الماضي أكد ل "الوطن": "أن أداء سابك التشغيلي ممتاز، ولا يوجد ل" سابك" في اليونان سوى مكتب مبيعات، ولم نشعر حتى الآن بأي تغيرات في سوق البتروكيماويات " من جهته أوضح كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي الدكتور جون اسفكياناكيس ل"الوطن" أنه من الطبيعي أن تتأثر الأسهم السعودية بانخفاض الطلب على البتروكيماويات بصورة أكبر من تأثرها من انخفاض أسعار النفط التي انخفضت بعد مخاوف من تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي نتيجة للأزمة اليونانية التي ستؤثر على منطقة اليورو. وأضاف اسفكياناكيس وهو يوناني الأصل أن انخفاض الطلب على النفط والبتروكيماويات في منطقة اليورو في أعقاب أزمة الديون اليونانية سيترك أثرا على الاقتصاد السعودي إلا أنه أكد أن هذا الأثر لن يكون كبيراً لأن تراجع الطلب في أوروبا سيتم تعويضه في الأسواق الآسيوية التي يشهد الطلب فيها على منتجات المملكة النفطية والبتروكيماوية نمواً قوياً. وأضاف"الكل قلق من انخفاض أسعار النفط، ولكن الأسعار ما زالت عند مستوى قوي عند 75 دولاراً للبرميل وهو سعر كنا نحلم به في العام الماضي" وتوقع اسفاكياناكيس أن تشهد كل الأسواق الخليجية غداً انخفاضات مماثلة، إذ إن سوق الأسهم السعودية هو القائد في المنطقة وإذا ما شهد السوق تراجعاً كبيراً كالذي حدث أمس فإن جميع الأسواق ستبدأ بالتأثر. واستبعد اسفاكيانكيس أن تبلغ المخاوف مستوى عالياً لأن الأوضاع في الدول الأوروبية الأخرى مماثلة للأوضاع لليونان حتى قبل بداية الأزمة المالية العالمية. وقال: "لا أعلم ما الجديد ولماذا الكل قلق اليوم وليس أمس أو اليوم الذي قبله!، فالقوائم المالية لليونان وإيطاليا والبرتغال وإسبانيا لم تبد جيدة حتى قبل الأزمة المالية العالمية ومع ذلك الكل يتحدث عن الأزمة وكأنها جديدة." وأكد الرئيس التنفيذي لشركة ثراء للاستشارات المالية عبد الله البراك ل"الوطن" أن ما حدث في السوق هو نتيجة لضغط نفسي سيطر على نفوس المتعاملين، عقب تراجع الأسواق العالمية الكبيرة نتيجة للأزمة اليونانية. وأوضح أن حدة انخفاض المؤشر مبالغ فيها، وقال "مشكلة اليونان مشكلة تمويلية ولا تؤثر في العجلة الاقتصادية، ويجب أن ينظر إلى أثر الأزمة من جميع النواحي ولا يقتصر على أمور معينة". وأشار إلى أن أسعار بعض منتجات الشركات البتروكيماوية حققت خلال الأيام الماضية ارتفاعات سعرية رغم الأزمة اليونانية، موضحا أن المصارف ستنخفض لديها المخصصات خلال الربع المقبل وهو مؤشر إيجابي وليس العكس. وتوقع أن يعاود المؤشر أداءه الإيجابي إثر إقرار خطة دعم اليونان لمواجهة مشكلتها المالية الحالية. من جانبه أكد عضو جمعية الاقتصاد السعودية الخبير المالي عبد الحميد العمري ل"الوطن" أن السوق كان مهيأ لعمليات جني أرباح متوقعة، إلا أن ما حدث أمس من بيع قوي وعشوائي لا يمكن قبوله فنيا، وهو أمر يشير إلى أن المتعاملين مازالوا يتأثرون بالأخبار الخارجية مما يسبب لهم ارتباكا في عملياتهم المالية داخل نطاق تعاملات السوق"، مقدرا قيمة المؤشر العادلة عند مستويات 8 آلاف نقطة. ويرى العمري أن ما يحدث في السوق من تقلبات مفاجئة ليس له علاقة أساسية بالأداء التشغيلي للشركات المدرجة أو وضع الاقتصاد المحلي، متمنيا أن يكون لدى المتعاملين ثقة في تعاملات السوق التي تعد واجهة حقيقية للاقتصاد المحلي.