عندما سخر الأكاديمي الكندي المسلم عبدالهادي كرار الذي يعمل في مدينة بريدة عبر "اليوتيوب" مطلع عام 2010 من الطريقة التي يؤدي بها بعض المؤذنين الأذان في منطقة القصيم، تلقى الكثيرون ذلك برحابة صدر وابتسامة عريضة، وتم تناقل مقطع الفيديو بشكل واسع على مواقع الإنترنت آنذاك، بما يعني الاعتراف بملامسة ذلك النقد الساخر لواقع يعيشه الكثيرون خمس مرات في اليوم. ومنذ أعوام انتشرت ظاهرة سباق الكثير من المواطنين على تولي الإمامة في المساجد، إذ يهرول البعض إلى فروع وزارة الشؤون الإسلامية بطلب تعيينه رسميا لتولي الإمامة، فيما ذهب آخرون إلى أبعد من ذلك بالبحث عن واسطة تتيح لهم فرصة الدخول والفوز بوظيفة إمام أو مؤذن؛ ليظفر بكعكة السكن المجاني أو "بيت المسجد"، كما يسميه البعض، وهذا ما يؤدي بطبيعة الحال إلى ضعف عام في مستوى القرّاء ورداءة صوت المؤذنين. ويقول المواطن سليمان، إن إمام مسجدهم في الحي لا يملك أي مواصفات القارئ المتمكن، ويتولى الإمامة منذ ثمانية أعوام، مؤكدا أنهم تحرجا لم ينبسوا ببنت شفة، كون الإمام بات ذا علاقات واسعة مع جماعة المسجد وأهالي الحي، فيما أشار المواطن ماجد. غ. إلى أن إمام مسجدهم لا يحفظ إلا النذر اليسير من القرآن، إضافة إلى سوء قراءته، ومع هذا فهو يتولى الإمامة وخطبة الجمعة منذ عشرة أعوام تقريبا، مطالبا فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف بجولة رقابية يتم فيها تقييم الإمام والمؤذن، أو على الأقل تأهيلهم تأهيلا يليق بالإمامة والأذان في بيوت الله. ويؤكد عبدالرحمن بن علي السعوي، مؤذن سابق، ل"الوطن" أن الكثير من الأئمة والمؤذنين جاؤوا بهدف المسكن، والدليل على ذلك أن بعض المساجد التي لا يتوفر لها سكن تعاني من قلة المتقدمين لتولي إمامتها، مضيفا أن البعض حوّلوا الإمامة إلى تجارة ولا حول ولا قوة إلا بالله. ويرى عبدالإله الشاوي إمام أحد المساجد أن من يتقلد مثل هذه الوظائف يجب أن يكون متجردا من أي حظ دنيوي بأعظم المنازل عند الله، كيف لا وهو يقيم أعظم فرض بعد الشهادتين. ويضيف الشاوي أنه لا تثريب عليهم في ذلك، بل إنهم مأجورون أعظم الأجر بإذن الله، لما فيه من تشجيع للبقاء على هذه الوظائف الجليلة، وعونا لهم على ما قد يواجههم من مصاعب ومتاعب في سبيل إقامة أعظم ركن بعد الشهادتين. يذكر أن مجلس الشورى انتقد في جلسات سابقة أداء وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد من عدة جوانب، كان من ضمنها قلة رواتب الأئمة والمؤذنين، مطالبا بزيادة رواتبهم، وتعيين نواب لهم يحلون مكانهم حال الضرورة. "الوطن" تواصلت مع فرع الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالقصيم قبل أسبوع لمعرفة المعايير التي تعتمدها الوزارة بهذا الشأن، إلا أن إدارة العلاقات العامة بالفرع فضلت أن يتم إرسال بريد إلكتروني، وبالفعل تم ذلك، ولكن لم تجد اتصالات "الوطن" أي إجابة بعد ذلك.