"القيادة توصف بأنها القدرة على التأثير في الناس، وتوجيههم لإنجاز هدف معين"، فمثلا في بيتك أنت قائد حينما توجه بعض أفرد أسرتك للقيام بعمل ما وتحدد له المكان والزمان المناسبين، فأنت هنا تظهر بمظهر قائد. كذلك إن كنت فى منصب إشرافي أو إداري، فستمارس هذه القيادة بصورة أوسع، ويتضح هنا هل أنت قائد أم مدير. ولمعرفة الشخصية القيادية: فالقيادة صفات ومهارات وفنون، وربما فطرة بني عليها ذلك الشخص، لها قوة التأثير في الأشخاص المحيطين به في إدارته أو شركته أو أي مكان. فالشخص القيادي هو الذي يحتل مرتبة بارزة في مجموعة ما، ويتوقع الجميع أنه سوف يقوم بتأدية عمله بأسلوب معين ليتناسق مع تلك المرتبة، فالأشخاص ينتظرون من القائد ممارسة التأثير في تحديد أهداف المنظمة أو المؤسسة وتحقيقها. أما القائد الأمين فهو الذي يتقدم الصفوف، وليس الشخص الذي يناور ليتصدر الناس. أما المدير فهو موظف كبير في الدرجة، يتمتع بالكفاءة والمتابعة لسير العمل.. يبدأ عمله بالتخطيط لأي مهمة، ثم توزيع المهام على موظفيه ثم المتابعة والإشراف على سير العمل، ويقضي عمره الوظيفي في متابعة اللوائح والقرارات. وجاء في "دليل المدير إلى العالمية" للمؤلف ستيفن راينسمث عن الفرق بين القائد والمدير: القائد يبتكر والمدير ينفذ.. القائد يبادر والمدير يدير.. القائد ينمي والمدير يصون ويحافظ.. القائد يثق والمدير يراقب.. القائد لا متناه النظرة والمدير محدود النظرة.. القائد يسأل: لماذا؟ والمدير يسأل: كيف؟ القائد يطلب الحد الأقصى والمدير يطلب الحد الأدنى.. القائد يعمل الصحيح والمدير يعمل بطريقة صحيحة.. إذا القيادة تركز على المستقبل وتحقيق الأهداف، ولا يمثل القادة إلا نسبة بسيطة لا تزيد عن 2% من الناس. والقيادة فطرة تخلق مع الإنسان، ويمكن أن تكتسب بالتدريب وبالتعليم، بداية من تغيير المفاهيم والأفكار والاهتمامات وتعزيز المهارات، ثم لا بد أن يتوفر الحد الأدنى من الصفات التي يمكن أن تنمي القدرات الإدارية لدى الإنسان كمستوى الذكاء والجرأة وروح المبادرة والتوازنات النفسية والعاطفية وخلافه. والمهتم يجد أن القادة دائما نشؤوا في وضع من تحمل المسؤولية المبكرة منذ الطفولة، كأن يكونون أيتاما مثلا، كحال أعظم قائد عرفته البشرية، نبينا صلى الله عليه وسلم، أو تأثروا بأقاربهم القادة.. وهكذا. ولعل الأزمة اليوم في بعض المنظمات الحكومية أو الخاصة تكمن في عدم وجود القائد الفذ، لأن شخصية المدير تقادمت في هذا العصر، ولا بد من الشخصية التواقة للوصول إلى الأهداف بكل طريقة ممكنة بروح العصر وبإطار الموضوعية وبشرف القيم. قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: "إن لي نفساً تواقة، وما حققت شيئاً إلا تاقت لما هو أعلى منه، تاقت نفسي إلى الزواج من ابنة عمي فاطمة بنت عبد الملك فتزوجتها، ثم تاقت نفسي إلى الإمارة فوليتها، وتاقت نفسي إلى الخلافة فنلتها، والآن تاقت نفسي إلى الجنة فأرجو أن أكون من أهلها". والقيادة في أي منشأة أو منظمة أو في مختلف المستويات من الأهمية بمكان أن تحمل روح المبادرة والأفكار والقدرات، وألا يكلف بها إلا من بلغ الحد الأدنى من شروطها، وأن يعلم من ابتلي بها بأنها مرحلة من التكليف لا التشريف، كما قال أحد المفكرين: "عبارة مسؤول أو مسؤول كبير" ترسم معنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.. الحديث".. فكلما كبرت زاد السؤال والحساب.