"طلقها بعد عقد القران بيوم واحد!!" سمعت هذا الخبر بالأمس عن إحداهن، فدارت بي الذاكرة، وانثالت مقولات متعددة لزيجات فاشلة: "طلقها من أول يوم زواج ولم يدخل بها وسافر دون سبب"، "تزوجتها بناء على ما سمعت عن جمالها ونسبها ودراستها، ولكني لم أكن أعلم أنها بدائية في طريقة كلامها وتفكيرها"، "اهتماماته مختلفة تماما عن اهتماماتي"، "هو انطوائي روتيني وهي اجتماعية وسريعة الملل فانفصلا مع أن سمعتهما العلمية والدينية متكافئة"، وغيرها الكثير والكثير. لو جمعوا لي مثلا عشر فتيات لهن نفس اهتماماتي، وحاولوا أن يكون هناك تكافؤ في الصفات بشكل عام دون أن أتعرف عليهن، ثم قالوا: هؤلاء صديقاتك عيشي معهن، هل ستكون طبائعهن متساوية؟ وهل الأرواح ستتآلف جميعها؟ هل سيكون التكافؤ في الصفات الخاصة متوفرا؟ هل تقبّلي لهن سيكون بنفس المستوى؟ بالطبع لا. فكيف بمن يصفون لها زوجا واحدا تعيش معه لآخر عمرها بنظرة سريعة؛ كي تقرر مصيرها، ثم يزجون بها ويزوجونها به، أي صدمات ومفاجآت ستجد. أنا لا أدعو للتعارف المحرم قبل الزواج، ولكن أتكلم عن واقع وجرح عميق، لا بد أن نكشف عنه، ونعالجه بالشرع لا بالأهواء. صديقة لي مصرية ذكرت لي حلا شرعيا عندهم، أن السلفيين في مصر بعد أن يتقدم الشاب لوالد الفتاة، وبعد النظرة الشرعية وبعد الموافقة، وقبل الملكة بأيام "يعني خلاص ح يتزوجها ح يتزوجها" يسمحون لهما بالجلوس مع بعضهما بحجابها الكامل؛ حتى يستمعان إلى بعضهما أكثر، وربما يتواصلان مع بعضهما بالمعروف وبتقوى من الله، فقط حتى لا يقعون في خطوة حساسة كعقد القران، التي ربما يندمون بعدها، ويعتمدون في ذلك على قوله تعالى: "ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا"، يكون هناك لقاء غير سري، وبوجود الأهل وبقول معروف، كم أعجبتني الفكرة، ورأيت أنهم في مصر استطاعوا في هذه القضية، تقديم الدين على التقاليد. هذا من ناحية الاختيارات العشوائية لشريك وشريكة العمر تحت شعار "قسمة ونصيب"، و"اصبري هذا نصيبك وأهم شيء الستر"، أما راحتها النفسية وبقية الحقوق، فتعدّ هراء لا يحق للفتاة أن تطالب بها، يتناسون أن الزواج "قسمة ونصيب واختيار" ولكلمة اختيار هذه أدلة كثيرة من السنة. والجدير بالذكر أن هذه الاختيارات العشوائية محصورة فقط على السعوديين، لا بأس عليك أيتها الفتاة السعودية، فعليك أن تنتظري الرجل السعودي؛ كي يتكرم مشكورا لا مأمورا بالزواج منك، وله أن يتزوج بغيرك ومن جميع الجنسيات، الله يحفظه ويكثر فلوسه، فأنت تعرفين أنهم جعلوا العادات في هذه المسألة قائدا وضابطا لها، فما وافق عاداتهم أخذوا به وما خالف عاداتهم، فهم صمٌ بكمٌ عميٌ عنها. فلو تقدم عربي أو أي مسلم ينتمي لخارج السعودية، وعلى خلق ودين، ويضمن لك العيش الرغيد، وتقدم معه سعودي، مضيّع لصلاته، ومتكبر وسلوكه غير سوي، فما عليك إلا الخضوع للتقاليد الذكورية، بطرد الأجنبي والصبر على السعودي. ما زالت العادات والتقاليد هي من تتحكم في كثير من أمورنا وحياتنا المعيشية، لم تمحها الدراسات الشرعية، ولا التحضر المدني، ولا التقدم العلمي. للأسف ولاؤنا للعادات وتقاليد القبيلة والمجتمع، أكثر من ولائنا لأي شيء آخر، نتناسى قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم". وقول رسولنا صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجة. وغيرها الكثير من الأدلة التي تدعم وحدة المسلمين بتقديم الدين والخلق على كل جنس ولون. أخيرا: يا بنت الحلال، تراه عيب عليك و"شرهه" و"منقود" إنك تطالبين بالتعرف على خطيبك قبل الملكة، ولو بحضرة الأهل وبالحجاب الكامل، وتطالبين بتطبيق الدين على العادات والسماح بالزواج من الأجنبي، (خليك على اللي يجي من السعوديين واصبري واستسلمي لنصيبك وبلا "شرهه ومنقود").