مع نسمات الصباح الأولى، المعطرة برائحة الورد الطائفي في الهدا، الذي تفتحت زهوره إيذانا بقرب موعد قطافه، يجلس المسن محمد علي الغريبي، الذي يبلغ عمره قرنا من الزمان يجتر ذكرياته مع الورد التي امتدت لتسعة عقود. ولم تفقد ذاكرة أكبر مزارع ورد في الهدا بالطائف تفاصيل مهمة في مسيرته مع الورد الطائفي، الذي عمل في تقطيره وعمره 10 سنوات واستمرت العلاقة بينهما، ولم تنته إلى الآن. وعلى الرغم من أن ذاكرته أخذت تفقد أشياء مهمة في مسيرة حياته إلا أن علاقته بالورد الطائفي لا تزال خالدة في تلك الذاكرة التي أنهكتها السنون. "الوطن" التقت بالغريبي، الذي أبدى أسفه لما آل إليه الورد الطائفي، الذي أصبح – حسب قوله - في أيدي العمالة وتخلى عنه أهله، مبديا تخوفه من اندثار مزارع الورد بعد أن عمد مزارعون إلى جرف مزارعهم وتحويلها إلى أراض سكنية. وأوضح الغريبي في حديث إلى "الوطن" أن علاقته بالورد بدأت عندما عمل في أحد مصانع الورد التي يملكها أحد المهتمين بتقطير الورد آنذاك على الرغم من أن والده يمتلك مزرعة للورد لكنهم يبيعون إنتاجها على من يقوم بتقطيره. وأشار إلى أنه تعلم أصول مهنة التقطير وأقام معمل تقطير لمزرعته التي ورثها عن والده، مبينا أنه كان لديه 5 قدور أحدها كلفه 5 آلاف ريال. وأشار الغريبي إلى أن الورد الطائفي اختلف عن سابق عهده، لافتا إلى شح المياه وملوحتها، التي أثرت على الإنتاج، ملمحا إلى أن في السابق كانت الأسرة كاملة ذكورا وإناثا تخرج لقطاف الورد مع بداية خيوط الفجر الأولى حتى شروق الشمس. وذكر أن 70 ألف زهرة ورد كانت سابقا تنتج تولة من دهن الورد، فيما اليوم 100 ألف زهرة لا تكمل تولة، معتبرا ذلك مؤشرا على تغير المنتج، لافتا إلى أن تولة الورد كانت تباع ب500 ريال. وأضاف الغريبي أنه سلم عهدة زراعة الورد وتقطيره لأبنائه كما تسلمها من والده، مبديا تخوفه على مستقبل الورد، خاصة مع وجود بعض المستثمرين ممن ليس لهم علاقة بالورد أساسا. من جهته، أفاد حامد الغريبي نجل المسن بأن مسيرة والده مع الورد أهلته ليكون من الخبراء في زراعته وتقطيره، متفقا مع والده في وجود مشاكل تعترض المزارعين، الأمر الذي دفع بعضهم للتفكير في ترك زراعته، معتبرا ذلك مؤشرا خطيرا على اندثار الورد الطائفي. وبين أن مهرجان الورد الطائفي، الذي يقام كل عام لا يعود على المزارعين بشيء، حيث لم يلتفت لمشاكلهم طوال العام ولم يدع جلهم للمشاركة في المهرجان، قائلا "لم نتلق أي دعوة من أي جهة للمشاركة، والمهرجان ينظمه أشخاص لا علاقة لهم بالورد".