لعل الزائر لتبوك أول مرة سيلفت انتباهه ذلك الصرح المسمى ب "جامعة تبوك"، كمركز إشعاع علمي يخدم أبناء وبنات المنطقة، والذي يقف شاهداً على الدعم السخي الذي حظيت به المنطقة في مجال تنمية الإنسان خلال العقدين الماضيين، بمتابعة مستمرة من قبل أمير المنطقة الأمير فهد بن سلطان لكافة مشاريع الجامعة وجهودها الأكاديمية، وحرصه الدائم على أن تكون جامعة تبوك إضافة حقيقية في صناعة مستقبل النهضة التعليمية بالمنطقة والوطن كافة. ولعل تبنيه عدداً من الكراسي البحثية في أبحاث التقنيات المتقدمة في الكشف عن الأمراض ومسبباتها، ودراسة قضايا الشباب وتنميتهم، يأتي كشاهد على اهتمام سموه بقطاع التعليم العالي بالمنطقة، وحرصه البالغ على أن تكون الجامعة الفتية منارة علمية في منطقة تبوك والمملكة، وقائدة لقاطرة التنمية والتحول بالمجتمع إلى أفق أوسع، وتشجيعه الدائم لأن تسعى الجامعة لإعداد كوادر مؤهلة نظرياً وتطبيقياً في المجالات العلمية المختلفة، من خلال توفير بنية تحتية مناسبة وبرامج ذات مضامين متجددة وجودة عالية، انطلاقاً من القيم التي تتضمن الإبداع والتميز والجودة وعمق الرؤية. انطلاقة الجامعة أنشئت الجامعة بموجب مرسوم ملكي في عام 1427، وتضم عدداً من الكليات كالطب والهندسة والعلوم الطبية التطبيقية والعلوم والحاسبات والآداب والتربية والشريعة والأنظمة والصيدلة والمجتمع والاقتصاد المنزلي والكليات الصحية للطلاب والطالبات، والكلية الجامعية بضباء وفروع الجامعة بأملج والوجه وحقل وتيماء، وكلية المجتمع في حقل، وكلية المجتمع في تيماء، وكلية المجتمع في أملج، وكلية الدراسات البحرية في الوجه، فيما يبلغ عدد طلابها في الوقت الحالي حوالي عشرين ألف طالب وطالبة. كما تقدم الجامعة العديد من البرامج الدراسية والتطويرية عبر كلياتها المختلفة، باستخدام أساليب متقدمة في التعليم والبحث العلمي، كما وفرت الجامعة التعليم عن بعد للراغبين فيه. اهتمام بالمجتمع المحلي قامت الجامعة بفتح برامج الدراسات العليا في عدد من التخصصات المختلفة بالتعاون مع جامعة جنوب أستراليا، إضافة إلى طرح برنامج الانتساب المطوّر الذي يخدم شريحة كبيرة من أبناء وبنات المنطقة، كما وقعت الجامعة عقداً مع مركز أبحاث النانو الإلكترونية في جامعة نيويورك، أحد المراكز الرائدة في هذه التقنية. ويعتبر هذا الاتفاق " الأول" من نوعه على مستوى العالم. ويعتمد الاتفاق على نظام التوأمة بين معمل النانو بالجامعة ومعمل أبحاث النانو في جامعة نيويورك الحكومية ببافلو، من خلال اتصال المعملين بشبكة خاصة بشكل متواصل على مدار ال 24 ساعة طوال أيام العام الدراسي، الأمر الذي يتيح التواصل المباشر للاستفادة من تجربة المركز الأميركي، كما أنه يتيح للجامعة فرصة إشراك طلابها في هذه الأبحاث وتعريفهم ببيئة البحث العلمي المشترك، واستثمار المعرفة التقنية لخدمة طلابها وباحثيها، والتي ستتضح نتائجها وثمراتها بإذن الله في المستقبل القريب. أما في مجال خدمة المجتمع وتنمية مهارات أفراده، فقد أسهمت الجامعة عبر عمادة خدمة المجتمع بتقديم العديد من الدبلومات والدورات التأهيلية والتطويرية، التي تستهدف فئات مختلفة من المجتمع، وتشمل تخصصات عديدة كالحاسب واللغات ودورات التطوير الإدارية والتربوية والاتصال. الجودة والبحث العلمي أما في مجال الجودة الشاملة فقد تبنت الجامعة فلسفة تقوم على توجيه كافة الأنشطة الأكاديمية والإدارية والمالية نحو تحقيق رضا العملاء، وتحسين الخدمة التعليمية المقدمة للطلاب للوصول بهم إلى التميز التنافسي في سوق العمل المحلى والإقليمي والعالمي، من خلال ثقافة تنظيمية تقوم على مشاركة الإدارة والعاملين في تحقيق الجودة والتميز في الأداء. ولعل حصول كلية المجتمع على الاعتماد الأكاديمي الدولي يعد مؤشراً واضحاً على نهج الجامعة في هذا الجانب واتجاهها بقوة نحو اعتماد كل كلياتها وبرامجها التعليمية. وتضم الجامعة مركزاً لشبكات الاستشعار والأنظمة الخلوية، الذي يرمي إلى تطوير قاعدة للأبحاث والعلوم والهندسة والتقنية المتقدمة في مجالات الأنظمة الخلوية وشبكات الاستشعار والتحسس بالجامعة. كما يهدف المركز إلى إيجاد مبادرات وفرص مبتكرة لتعزيز التقدم البحثي ونقل التقنية في مجالات اختصاصه. كما أن أنشطة المركز البحثية والتدريبية والاستشارية ستبني وتعزز العلاقات بين طلاب وأعضاء هيئة التدريس بالجامعة مع المجتمع التعليمي والصناعي والتجاري بالمنطقة. كما أنشأت الجامعة مؤخراً معهداً للبحوث والاستشارات، يتميز بالرصانة والمستوى المعرفي الراقي، والحرفية والمهنية العالية. ويهدف المركز لتقديم الاستشارات والخدمات العلمية والبحثية مدفوعة الثمن للمجتمع، كذلك تيسير التفاعل بين الجامعة وأبناء المجتمع، وتوفير الخبرات العملية المكثفة في تطبيق أفضل الممارسات المهنية المتقدمة في مجال البحث العلمي. مشروعات طموحة أنهت الجامعة خلال السنوات القليلة الماضية، إنشاء مباني كلية الطب، فيما تستعد الجامعة خلال الأشهر المقبلة لبدء الدراسة في مباني كلية العلوم الطبية التطبيقية. كما يجري العمل حالياً في العديد من المشروعات بالجامعة، بتكلفة قدرها مليار و224 مليون ريال. وتشمل هذه المشاريع إسكان هيئة أعضاء التدريس "المرحلة الأولى والثانية"، ومباني كلية العلوم والمبنى الإداري والعمادات المساندة والمسجد الجامعي، بالإضافة للمجمع الإداري وإسكان الطلاب ومشروع المحطة المحورية الكهربائية والمستشفى الجامعي الذي سيكون إضافة وواجهة تنموية للمنطقة الشمالية بشكل عام، فيما تستعد الجامعة لطرح وترسية 6 مشاريع جديدة، والتي رصدت لها ميزانية تبلغ 775 مليون ريال وهي: مشروع كلية طب الأسنان، مشروع كلية الصيدلة، مشروع كلية التربية للبنات، مشروع كلية الأعمال، مشروع المباني المساندة للمدينة الجامعية، الموقع العام والبنية التحتية "المرحلة الرابعة". ويتوقع حال اكتمال تلك المشاريع بمشيئة الله أن تسهم في تنمية منطقة تبوك تعليميا وحضاريا، إضافة إلى تمكين الجامعة من تحقيق أهدافها، لينعم في نهاية المطاف أبناء وبنات المنطقة بطريق متميز يوصلهم لمستقبل تعليمي وبحثي واعد محليا وعالمياً. ..والطلاب يبتكرون طائرة "سهم 2" تبوك: محمد الساعد كشفت جامعة تبوك مؤخراً النقاب عن الطائرة بدون طيار "سهم 2" التي تم تصميمها وتصنيعها بالكامل في جامعة تبوك، فيما تختص مهامها بمراقبة السيول ومساندة عمليات الإنقاذ. وأوضح المشرف العام على وحدة الموهبة والإبداع البرفيسور صلاح الدين حافظ عمر أن الطائرة مصنوعة من الألياف ومواد ذات جودة عالية، ويمكن الاستفادة منها عند حدوث السيول، حيث ترسل الطيارة إلى الموقع وتكون مرتبطة مع حساسات أرضية فتحدد اتجاه السيل وعمق المياه فيه، مبيناً أنها تساهم في عمليات الإنقاذ، حيث تقوم الطائرة عن طريق كاميرا حرارية مربوطة برادار لتحديد موقع الغرقى، ليتمكن الدفاع المدني من تحديد الموقع لعمليات الإنقاذ. جاء ذلك خلال انطلاق فعاليات الملتقى العلمي الثالث لطلاب وطالبات جامعة تبوك، الذي عقد في فبراير الماضي بقاعة لمارا للاحتفالات بتبوك. وأكد عمر، حاجتهم إلى الدعم اللازم لتنفيذ كثير من الابتكارات وتطويرها، ومن ذلك تأمين كاميرات حرارية للطائرة الجديدة والاستفادة منها في المجالات التي تتطلبها. وفي السياق ذاته، كشفت الجامعة طبقا طائرا يسمى "شهاب 1" ضمن منظومة مرتبطة بمحطة أرضية، الغرض منها تحسين جودة الزراعة، حيث تثبت به كاميرا حرارية أو كاميرا أطياف تقوم بمسح المنطقة المحددة لمعرفة مدى تشبع النبات من الماء وترسل إشارات إلى المحطة الأرضية لتقوم بعملية ري المنطقة المحتاجة إلى الماء آليا دون زيادة أو نقصان، للمحافظة على جودة المنتج. وأكد البروفيسور عمر، أنهم يعملون حالياً على إطلاق "شهاب 2" وهو عبارة عن منظومة الهدف منها خدمة الحجاج.