تشيع العاصمة الرياض، عقب صلاة عصر اليوم من مسجد الراجحي الكاتب الروائي إبراهيم الناصر الحميدان الذي وافته المنية أمس، بعد حياة حافلة بالكفاح والإبداع ناهزت التسعين عاما. وألقت وفاته بظلالها على أجواء معرض الرياض الدولي للكتاب، واسترجع المثقفون والمبدعون أمس روايته "ثقب في رداء الليل"، التي دشنت مسيرته الإبداعية وكتبها الراحل قبل زهاء نصف قرن، مسجلا اسمه كأحد رواد كتابة النص الروائي في السعودية وأحد مبدعيها الكبار الذين نحتوا في الصخر وعبّدوا الدروب أمام أجيال جاءت بعدهم لتواصل المسير. ومن هؤلاء الكاتب الروائي عبدالله التعزي الذي وصف الناصر: "هو أحد آبائنا من الذين لم ينفصلوا عنا في عليائهم، لم نصعد إلى عليائه، ولكنه تواضع فنزل إلينا محملاً بالحب، تابع هفواتنا الصغيرة ومنحنا الجداول الصافية لنهل الإبداع، دلنا على مصبات.. وتواصل معنا بلا زيف وبلا وصاية، فكان أن التحمنا به، ولكنه مع ذلك ظل محتفظاً بعزلته المهيبة، لا تقربه أضواء البهرجة والتلميع والظهور الفج". واشتهر الناصر بتواصله مع الأجيال الجديدة من الكتاب الشبان، خاصة في فترة ما بعد منتصف التسعينيات من القرن الماضي، بحسب الكاتب الروائي خالد اليوسف، الذي ذكر ل"الوطن" كيف غادر الراحل عزلته في تلك الحقبة وشاركهم نشاطات وأمسيات نادي القصة، وكان ودودا متفاعلا مع تلك النشاطات. إلى ذلك ارتجت مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنرتنت طوال يوم أمس، وهي تنعى الراحل الكبير، وكتب الروائي أحمد الدويحي وهو جار للفقيد، وكان من المقربين إليه، بصفحته في "الفيس بوك" قائلا: ورحلت في غفلة من الزمن ومنّا . . رحلت أيها الرائد الكبير، إبراهيم الناصر الحميدان، رحلت يا أبي وصديقي وشيخي ومعلمي. رحلت يا سيد الكلمة المجنحة والرؤية الثاقبة، وقد جمعّت حولك في ساحة قليلة الوفاء و(دفانة) أجيالاً، مهدت لهم الطريق وطبعت لهم رسالة الحب الخالدة، وسيعبرون جسوراً شيدتها. رحلت يا سيدي بعد أن نثرت عطر إبداعك في كل الأصقاع، رحلت يا أبا (عماد) بعد أن أكملت فصول رسالتك ومبادئك الإنسانية العظيمة، وتحملت في سبيلها ألوانا من الحرمان وعذاب المنافي والسجون والضنك والفاقة. رحلت وقد وتركت فينا الذهول والحسرة، أكتب إليك سيدي قبل أن يوارى جسدك الطاهر الثرى وقبل أن تجف دمعة الفجيعة. رحلت يا سيدي وتركتني بين جفاف الكلمات وقسوة الفقد. رحلت يا أستاذ وكنت دائما إلى جواري في مصائب الزمن، مسحت دمعتي في فقد أولادي، أرثي حالي بعدك وستظل ملء السمع وفي القلب والروح، ستظل خالداً بعظمة فعلك ونبل مبادئك وشموخ روحك، رحلت ولن أجد بعدك لروحي من يتلمس وجعها ويمسح دمعها.لا إله إلا الله، وسبحان الله، رحمك الله وغفر لك. ويختم الدويحي راثيا: لا بد أن تعرف أجيالنا أن لها جذوراً كتابية وقمماً إبداعية مثل إبراهيم الناصر، أشعلت الشمعة مبكراً وذهبت بنا إلى حيث يسطع الأمل.