يلاحظ المتجول بين أروقة معرض الرياض الدولي للكتاب أن "قائمة الكتب" أو "اللستة" كما يطلق عليها البعض، أصبحت رفيقا ملازما لزوار المعرض، ورغم البساطة التي تبدو عليها تلك القصاصة من الورق بيد الزائر لأول وهلة، إلا أنها تحمل بين سطورها مؤشرات آيديولوجية، ودلالات متعددة، لا يلاحظها إلا المتأمل. "الوطن" حاولت استكشاف بعض تلك الدلائل، لمعرفة ماذا تعني تلك "القصاصة" لأولئك الزوار، وكانت الحالة الأولى، لرجل في العقد السادس من عمره، تبدو عليه الحيرة وهو يقف أمام جهاز البحث في المعرض، فهو يحمل قائمة بأسماء كتب متعددة، ويبحث عن الركن الذي يمكن شراؤها منه، وبعد سؤاله تبين أن تلك القصاصة كتبتها إحدى بناته، تتضمن عددا من الكتب المطلوبة للدراسة، والتي لم يتمكن من التحصل عليها من المكتبات المنتشرة في المدينة. وتزداد الغرابة، حينما نجد شخصا يتحدث للبائع وهو لا يزيح عينه من تلك القصاصة بيده، ويبدو على ملامحه الارتباك وهو يتحدث، فيما تبدو المسميات غير مألوفة لديه وهو يقرأها، وهو دلالة على كونه إما يطلب كتبا لقارئ غيره لم يتمكن من الحضور بنفسه، أو يطلب كتبا غير معتاد على قراءتها وربما نصحه آخرون بقراءتها أو أوصى بها أحد أساتذته في الجامعة لإعداد بحث جامعي، إلا أن اللافت في الأمر هو ارتكاز عناوين الكتب في تلك القصاصات، على مواضيع تدور في إطار واحد، فيما تكررت عبارات مثل "المشروع القومي" و"الفكر" ونحوها، وهو ما يطرح تساؤلات كثيرة حول التهيؤ النفسي لدى هذا القارئ للدخول إلى قنوات معرفة يكتشفها لأول مرة كما يبدو. تلك "القوائم"، يتبين منها دائرة الاهتمام لدى الزائر، فهناك من يكون تركيزه على اسم المؤلف، فتجد أسماء مؤلفات عديدة لكاتب واحد، حرص الزائر على اختيارها، وهناك من يهتم بالعنوان نفسه، فتجده يختار في تلك القائمة عدة كتب حول موضوع محدد. ويختلف الاهتمام بتلك القصاصة، فالبعض يبدو عليه الاهتمام الشديد فتجده يكتب كافة التفاصيل، من اسم الكتاب، والمؤلف، ورقم الطبعة، والناشر، وسنة الطباعة، فيما يكتفي الغالبية بتدوين اسم الكتاب فقط، والمؤلف، بل إن البعض يبدو غير واثق من المعلومة لديه، فتجده يختم طلبه بعبارة "لكني غير متأكد". ولا يقتصر الاهتمام بهذا الجانب، حيث يمكن من خلال تلك القصاصة معرفة درجة الاهتمام لدى الزائر بالمعرض، فبلمحة سريعة على تلك القوائم، نجد أن هناك من قام بطباعتها عبر الكمبيوتر، وبذل فيها جهدا يعكس انتظاره لهذه اللحظة، وهذه المناسبة التي تحصل مرة في العام، وعلى النقيض، فهناك من يكتب قائمته بشكل عشوائي، ويتضح ذلك من خلال انتزاعه تلك القصاصة بشكل عشوائي من صحيفة ورقية، أو من ورق "الكرتون". الأمر الذي بدا لافتا إلى حد ما، هو تعامل البعض مع تلك القصاصات بشكل لا مبال، حيث تجد هذا النوع من القراء، لا مانع لديه من استبدال الكتاب بكتاب آخر، حيث يتعامل معه كأي سلعة أخرى، فعندما لا يجد الكتاب الذي يريد، يسأل عن أي كتاب مقارب له، دون إبداء اهتمام بالمؤلف، أو المعلومات التي يتضمنها الكتاب، وجودته، فيما نجد تركيز البعض على السعر قبل كل شيء، بحيث يسأل "بكم الكتاب الفلاني؟"، قبل السؤال عن توفره من عدمه.