أطلقت مؤسّسة الفكر العربي مشروع المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت والمرصد الإحصائي (مأرب) والتقرير التأسيسي للمحتوى الرقمي العربي (الواقع- الدلالات- التحديات)، وذلك في احتفال خاص بفندق فينيسيا في بيروت أمس. وأكدت الأمينة العامة للجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو الدكتورة زهيدة درويش جبور وهي تلقي كلمة مدير عام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الدكتور عبدالله محارب، أن إطلاق مرصد المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت يُشكّل إنجازاً متقدّماً في مواكبة الثورة التكنولوجية الحديثة، كما يدلّ إطلاق التقرير التأسيسي للمحتوى الرقمي العربي على ارتكاز مؤسّسة الفكر العربي على استراتيجية علمية واضحة تهدف إلى وضع البيانات ورصد الثغرات وتحديد الأولويات والأهداف والعوائق. فيما أكد المدير الإقليمي لمنظمة اليونسكو الدكتور حمد الهمامي، على أهمية المشروع في الربط ما بين الجوانب المعرفية والاقتصادية والتقنية ورصد المحتوى الرقمي العربي على الشبكة العالمية. وأشار إلى حرص اليونسكو الدائم على حرية تبادل الأفكار والمعرفة، والوصول العالمي للمعلومة، وتشجيع النشر العالمي، وبالتالي إعادة تحديد معنى الحصول العالمي على المعلومات في اللغات كافة عبر تطوير أدوات التواصل في الفضاء الإلكتروني. ولفت إلى مبادرة "بابل" التي أطلقتها اليونسكو بهدف استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لدعم التنوع اللغوي والثقافي، إضافة إلى مبادرات عدّة، لكنه على الرغم من الجهود المبذولة من قبل المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية، لا تزال هناك فجوة رقمية بأشكال متعدّدة، تتضافر فيما بينها تبعاً للوضع الوطني أو المحلي. وشدد مدير مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي التابع لأرامكو السعودية فؤاد بن فهد الذرمان، على أن المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت يُشكّل تحدّياً كبيراً من حيث الكم والنوعية، إذ يُشكّل نحو 4 في الألف من إجمالي المحتوى العالمي، وهذا جزء من سلسلة تحديّات معرفية وثقافية لا نستطيع مواجهتها منفردين، لافتاً إلى أن مؤسّسة الفكر العربي استخدمت في مشروعها وسائل جديدة في عمليات الرصد والتتبع والتصنيف الآلي لعيّنة كبيرة غير مسبوقة في حجمها، تمتد منذ بداية الإنترنت قبل نحو 20 عاماً وتشمل ملايين الوحدات المعلوماتية بصيغة النصوص والصور والفيديو. وركّز الذرمان على العلاقة الوطيدة ما بين المركز ومؤسّسة الفكر العربي التي تبلورت في سنة 2010 بتوقيع مذكرة تعاون مشترك، مشيراً إلى أن مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي وُلد ليكون رقمياً وهو يستمدّ رؤيته من شركته الأم أرامكو، ونتطلّع ليكون هذا المركز من روائع القرن الحادي والعشرين ويُشكّل إسهاماً عربياً أصيلاً في صناعة الحضارة الإنسانية المعاصرة. واختُتم الحفل بعرض إلكتروني لجوانب المشروع كافة من قبل المشرفين عليه، إذ أكد الدكتور عماد بشير أن المشروع هو عبارة عن دراسة رقمية ذات منحى دلالي وينفرد بمنهجية إلكترونية مع تدخّل إنساني طفيف. واعتبر أن المشروع سيُسهم في تعزيز الوجود الرقمي العربي على الإنترنت، كما أنه سيدفع إلى تطوير محركات وأدلّة البحث العربية المتوافرة على شبكة الإنترنت. لافتاً إلى أن مؤسّسة الفكر العربي تنفرد بهذا المشروع على مستوى الرصد والتقييم. وتحدث أستاذ اللغويات الحاسوبية في جامعة عين شمس الدكتور خالد الغمري عن المشروع الذي يرصد المحتوى الرقمي العربي في سياقاته الجغرافية والتاريخية والاجتماعية والتقنية، مشيراً إلى أن مشكلة المحتوى العربي ليست مشكلة حجم فقط وإنما في كونه محتوى لا يُجيب عن الأسئلة، وأن المشكلة هي نوعية وليست كمية، ذلك أن المحتوى المُتاح لا يلبي الاحتياجات المعلوماتية والمعرفية لدى المستخدم العربي لشبكة الإنترنت، لذلك هو يلجاً إلى محتوى بلغات أخرى خصوصاً الإنجليزية. وقدّم خبير المعلوماتية جمال غيطاس شرحاً مستفيضاً حول المرصد الرقمي للمحتوى العربي (مأرب)، الذي يستند على عيّنة قوامها 20 مليوناً و451 ألفاً و84 وحدة معلوماتية، ويُغطي الفترة الواقعة ما بين العام 1995 و2011. ولفت إلى أنه سيتمّ تحديث المحتوى لاحقاً بصورة دورية كلّ ستة أشهر. ويُقصد بالمحتوى الذي يغطيه المرصد كلّ ما هو مكتوب بحروفٍ عربية على شبكة الإنترنت، أو ما هو مسجّل بأصوات عربية، أو مصوّر بشكل يُستَدلّ به على مصدره العربي.