فتح المعرض الشخصي السادس للتشكيلية علا حجازي، الذي افتتح مساء الخميس الماضي في أتيليه جدة تحت عنوان "آي وطن جدة" باب السؤال عن المعنى الذي أرادته من طرح "الأنا" بصيغتها الأدبية وفي إحالته إلى موضوع فني ليغدو "أنا جدة الوطن" فأي وطن هي جدة في رؤية الفنانة. بتأمل الأعمال المعروضة، يجد المتلقي الفنانة كعادتها تغير وتبدل في الأولويات حتى في الموضوعات، وهذا أمر طبيعي حين نكتشف أن الفنانة في جميع أعمالها تنطلق من موقف عاطفي، في لحظة تعبيرية ما فوق ذهنية، وترسم في مناخ هذه اللحظة التي هي بطبيعتها لحظة شعرية، لذلك يظهر في أعمالها كثير من الذكريات، الحنين، الحب، الحرمان، الوصال، الإلفة، وغيرها من مكونات الشخصية العاطفية. وربما على المتلقي أن يدرك الرابط بين جدة وعبدالحليم حافظ وأم كلثوم ومحمد عبده، وبينها وبين الفنانة في فقرة، وهذا مصطلح أدبي تحت عنوان "أنا وطن" "أنا غناء" "أنا موسيقى" "أنا شباك" "أنا نغمة"، هذه الأنا المتقمصة للأشياء ليست ذات معنى إلا بوصفها نداء داخليا ذا بعد عاطفي للحظة مستعادة من طفولة غنية، وهذا ما يدعو إلى الربط بين ال"شبابيك" القديمة لعلا حجازي وبين لوحاتها الطفولية، بين أغاني عبدالحليم وذكريات صباها، بين أن ترى ذاتها لوحة وبين وجودها الواقعي. البراءة التي تطل في أعمال علا حجازي، يقول عنها مدير أتيليه جدة هشام قنديل، علا لا تقلد بل ترسم كما لو أنها لا تزال في مراحل تكوينها الفني كطفلة ترسم على الجدران في الشوارع موضوعاتها الحميمة، عبر حكايات طفولية عن صغيرين يبنيان بيت المستقبل، أو يطلان من خلف الجدران ليريا أحلامهما والدفء المشع في صباح يزهو بلون البرتقال. في حين يرى الناقد المصري عصمت داوستاشي، أنها ترسم بفرشاة ساحرة (السهل المستحيل) مسجلة على سطح التوال توقيعها، حين تفتح شبابيك الفنانة المتجددة ستكتشف علمها الثري بالحكايات الحميمة والأحلام المحققة. هذا الكرسي القديم الذى لونته ورسمته.. من جلس عليه من قبل؟ وأين سيكون من بعد؟ كل هذه الأشياء القديمة التى تخلص منها الناس، لماذا جمعتها وأعادت لها الحياة، فأدخلتها لحياتنا من جديد.. هى روح الخلق والإبداع عند فنانة تملك فيضا من الحب والعطاء. أما الفنانة فتتحدث عن تجربتها الجديدة بقولها: "آي وطن جدة" قسمته إلى أربع مجموعات هي: (آي نافذة، آي وطن، آي نغم، آي اسكتش) معرضي الشخصي هو مشروع فكرة انبثقت حين كنت أتجول في الأماكن النائية بحثا عن خامات البيئة كي أجمعها لأعيد لها الحياة، وفي تجوالي عثرت على نافذة ملقاة على الأرض تشبه نافذتنا القديمة، حين كانت النافذة مفتوحة على الحرية، نشاهد من خلالها حكايات الجيران ومن هذه النافذة انبثق مشروع (آي وطن جدة).