قالوا إنه لاعب تقدم به العمر وحان وقت الاعتزال، وإنه غير مفيد وطالبوا بإبعاده عن ناديه، إلا أن نجم وسط الهلال محمد الشلهوب اختار الصمت إيمانا منه أنه سيأتي يوم وتنقشع الغمامة أمام أعين منتقديه وسيدركون قيمته كلاعب موهوب. وظل الشلهوب ابن ال32 عاما يتدرب مع بقية زملائه اللاعبين في بداية هذا الموسم بجد واجتهاد على الرغم من أن مدرب الهلال السابق الفرنسي كومبواريه أخرجه من حساباته، إلا أن ذلك لم يجعله يتقاعس عن التدريبات أو يتأخر أو تسجل عليه أي ملاحظة إدارية أو فنية، ويشاهد الشلهوب وهو أقدم لاعب في الفريق نفسه على دكة الاحتياط تارة وخارج التشكيلة تارة أخرى، وطالبه البعض أن يبتعد عن النادي في هذه الفترة لأن مكانه قد ذهب لغيره. لم يرد اللاعب، فكان السكون والهدوء عنوانه وداخله طاقات تريد أن تتفجر، فهو يقول عن تلك المرحلة التي عاشها "كنت أتدرب بجد واجتهاد فكرة القدم لا تخذل من يعمل بجد، وأنا لاعب محترف واحترمت قرار كومبواريه". وفي يناير الماضي تناقلت وسائل الإعلام بقوة خبر إعارة الشلهوب إلى نادي الشباب، وأنباء أخرى نقلته إلى أندية خليجية، ولكن رغم ذلك أشاد المدرب الفرنسي بالموهوب وقال عنه "هو من أفضل اللاعبين الذين شاهدتهم خلقا وأدبا وموهبة، ولكن لا أستطيع أن أجعله يشارك معي كون لدي خمسة لاعبين في مركزه وهو ما يجعلني أبعده". ولم يدرك كومبواريه أنه هو من سيكون خارج حسابات النادي حيث أقالته الإدارة بعد النتائج المتردية والمستويات المتواضعة، وعلى الرغم من ذلك لم ينتقده الشلهوب، بل قال "أنا لاعب وأحترم مدربي ولا أحب أن أتحدث عن المدربين، وكومبواريه مدرب أحترمه وأقدره". وعندما جاء البديل "زلاتكو" نفض غبار دكة الاحتياط عن الشلهوب وأطلق للعنان ساقيه، وراهن عليه وعلى موهبته وأعاده إلى التشكيلة الأساسية، ومنحه كامل الحرية داخل الملعب، وكافأ الشلهوب بأن جعله يحقق لقب كأس ولي العهد على حساب الغريم التقليدي النصر حيث سجل الشلهوب هدف السبق وركلة ترجيح. وأشار زلاتكو إلى أن الشلهوب أحد أفضل صناع اللعب، مستغربا من يقول إن الهلال لا يملك صانع ألعاب، مبينا أنه سيعيد اكتشافه من جديد، وقال "إنه لاعب مميز وذكي وله إمكانات كبيرة، وهو مفتاح الفوز بالنسبة لي، وأستغرب كيف يبقى على دكة الاحتياط في الفترة الماضية". ويؤكد الشلهوب أن زلاتكو قدم كرة جميلة في الفريق الهلالي، وأضاف "ليس لأنه أشركني أساسيا أمتدحه ولكن هذا هو الواقع فهو مدرب يعتمد على الأسلوب الجديد للعب كرة القدم". وفي غمرة الفرحة الكبرى التي عاشها الهلاليون تذكر الشلهوب والديه اللذين رحلا في وقت قصير، حيث قال عنهما "لا أنسى دعواتهما لي طيلة مسيرتي ووقوفهما معي رحمهما الله". 25 لقبا في 14 عاما وبات الشلهوب أكثر لاعب يحقق الألقاب، فبتحقيقه كأس ولي العهد أول من أمس وهو العاشر في مسيرته تخطى قائدي الهلال السابقين يوسف الثنيان وسامي الجابر اللذين بلغ عدد بطولات كل منهما مع الفريق 24 بطولة، والشلهوب وصل للرقم 25 في مسيرته الكروية التي تخطت 14 عاما. وكان الشلهوب بدأ مسيرته مع الهلال عام 1993، عندما دخل النادي الأزرق وهو ولم يتخط ال10 من عمره مرتديا قميص المنتخب الأرجنتيني حاملا الرقم 10، ومنها ارتبط اسمه بالنجم الأرجنتيني الشهير مارادونا وشبهه كثيرون به في ذلك الوقت، واحتضن موهبته مدرب البراعم في نادي الهلال في ذلك الوقت زوران وصقل إمكاناته. ولعب صاحب الجسم النحيل والعقل الكبير مع لاعبين أكبر منه سنا، واستطاع مقارعتهم، فحقق إنجازات مع الهلال في الفئات السنية، وظل الجميع ينتظر صعوده للفريق الأول، لكن البعض شكك في استمراريته كون كثير من المواهب الكروية تخبو عندما تسلط عليها الأضواء، إلا أن الأضواء زادت الشلهوب بريقا. وفي عام 1999 استدعاه مدرب الفريق الأول البرازيلي لوري ساندري ليكون أحد العناصر الأساسية في صفوف الكتيبة الزرقاء المليئة وقتها بالنجوم أمثال يوسف الثنيان وفهد الغشيان وخالد التيماوي إلى جانب سامي الجابر، ويقول الشلهوب متذكرا تلك الأيام "كنت أستمتع بمشاهدة هؤلاء النجوم في الفريق الأول وأنتظر لحظة لعبي بجانبهم بفارغ الصبر إلا أن المدرب لوري استدعاني في وقت مبكر وأنا مازلت لاعبا في درجة الشباب". وانطلق مع الهلال في ذلك الوقت يحصد عددا من الألقاب حتى بلغت 25 بطولة محلية وخارجية إلى جانب بطولات مع المنتخب السعودي الأول، ولا يزال الشلهوب يلعب بنفس الوتيرة التي بدأ فيها مسيرته رافعا شعار الانضباطية واحترام العمل والثقة في النفس، وينقل ذلك للجيل الجديد في الفريق. قالوا عن الشلهوب أشاد كثير من المدربين بموهبة الشلهوب، فقال المدرب عبداللطيف الحسيني عنه "هو من أكثر اللاعبين انضباطا وتميزا وخلقا، فلا عجب أن يكون أكثر لاعب سعودي يحقق الألقاب ويصل إلى الرقم 25". بدوره، لا يخفي لاعب الهلال السابق والمدرب الحالي سامي الجابر إعجابه بالشلهوب، وقال "من اللاعبين القلائل في الملاعب السعودية، وأقولها صريحة الشلهوب هو المحترف الوحيد في الأندية السعودية كونه يطبق أنظمة الاحتراف بحذافيرها". وكشف الجابر أنه كان يراقب الشلهوب منذ أن كان في الفئات السنية بالهلال وانتظر تصعيده للفريق الأول بفارغ الصبر، وعندما تم ذلك أصبح صانع ألعاب بارعا، وكان سببا بعد الله عز وجل في أن يسجل عددا من الأهداف. من جهتهما، أشاد مدير الكرة بالنادي الأهلي طارق كيال، ونائب رئيس نادي الشباب السابق تركي الخليوي بإمكانات "الموهوب" واعتبراه مثالا للاعب المحترف والمنضبط في أدائه بفضل عبقريته الكروية وخلقه الرفيع.