يطلق حكم المباراة صافرته معلنا نهاية المباراة، بين منتخبنا الوطني والمنتخب الكويتي الشقيق، ليعلن معها تأهل المنتخب الكويتي للدور الثاني من كأس الخليج الواحدة والعشرين بدولة البحرين الشقيقة، ومع تلك الصافرة يواري "عبدالله" ذو العشرة أعوام، وجهه بقميصه وينسل من أمام التلفاز في هدوء مطبق، مختنقا بعبرته ليجلس على السلم وحيدا، يواسي نفسه بدموع رقراقة ونشيج متقطع. أحس "أبوعبدالله" باختفائه فخرج يطلبه، فوجده على ذلك السلم يداوي أحزانه ولوعته، نظر إليه يسأله: بني ما خطبك؟! قال: لقد هزم منتخبنا الوطني يا أبي، وخسرنا الكأس، أنا حزين جدا، غص عبدالله في كلماته التي جرحته قبل أن يتفوه بها. وجم "أبوعبدالله" كثيرا مما أصاب ابنه، فقال له أعلم يا بني أن منتخبنا قد خسر الكأس، وأنا حزين مثلك تماما، ولكن لا داعي للبكاء يا بني، رد عبدالله: أنا سعودي يا أبي ولا أحب أن يهزم منتخبي هكذا!!. أبوعبدالله: اسمع يابني، إن كرة القدم لعبة فيها رابح وخاسر، في إطار تنافس شريف يجمع فريقين، فمن يخسر اليوم يربح غدا، فقط كن على ثقة من ذلك، أما حزنك ونشيجك هكذا فلن يدخل السرور على قلبك، ولن يصل بمنتخبنا لمنصات التتويج والفوز، فقط عليك أن تشجع المنتخب وتدعو لهم بالفوز دائما، أما إذا انهزم منتخبنا، فعليك أن تتقبل الخسارة بروح رياضية لا أن تعترض. حوار "أبوعبدالله" وابنه، أنموذج رائع في واقع الأمر، فإدراك "أبوعبدالله" أن كدر ابنه بهذه الطريقة سيورثه تعصبا غير محمود في عالم كرة القدم، دفعه لغرس مفاهيم جميلة في نفس ابنه، حتى لا تنشأ معه عصبية مذمومة لا تحمد عقباها، ونحن نراها في كثير ممن يهوى ويميل إلى ناد معين يتعصب له بشكل يدعو للسخرية. الرسالة التي قدمها "أبوعبدالله" تستحق الالتفاتة لها جيدا، فمع ميلنا اللا إرادي بطبيعة الحال لمنتخبنا الوطني، وتعصبنا له في التشجيع، كونه الراية والمظلة التي تظل جميع مشجعي كرة القدم في المملكة باختلاف ميولهم، فإن من أهم الدروس التي ينبغي غرسها في نفوس الأجيال القادمة، هو أن كرة القدم لعبة تقبل الفوز والخسارة، وأن من نلعب ضده، هو خصم لنا في تنافس شريف داخل الملعب فقط، لا عدو نتربص به ويتربص بنا؛ ليؤول بنا الحال إلى تعصب رياضي مذموم، وبعيد كل البعد عن الروح الرياضية التي من أجلها وجدت اللعبة.