«فوق هام السحب».. شعور بالنشوة والفرح يجعلك تصرخ «يا أرض انهدي.. ما عليك قدي»، هي «المجنونة» تمنحك الفرح وقت تشاء.. وتنتزع من وجهك البسمة حين تشاء.. كلكم يعرف كرة القدم ويسميها «المجنونة» لأنها لا تقر على قرار.. كبرق لا يقر على الغيوم (كما قال غازي القصيبي) ولكنني عرفت «المجنونة» كما لم أعرف جنوناً قبلها في مثل هذا التاريخ قبل ثلاث سنوات.. هل تذكرون؟ كانت ألمانيا تمزق شابكنا ثماني مرات.. كانت المشانق تنصب لكل من له علاقة بذلك المنتخب، حينها كشف الكثيرون عن وجههم الحقيقي وأوسعوا غيرهم جلداً بالقلم واللسان.. حتى لم نعد نعرف إن كانوا حزانى لخسارة منتخب الوطن أم فرحين بها.. في تلك الأيام عرفت أن «المجنونة» ستغير حياتي وتتحكم في سعادتي وشقائي.. وما أسرع ما تتبدل أحوالها. هذه الأيام والناس تحتفل بالفوز على الكويت.. أبحث عن الفرح ولا أكاد أجده لأنني أخاف من «المجنونة» مثلما أحبها.. أخاف من قدرتها على اغتيال الفرح في الوقت الذي تمنينا فيه بالاحتفال.. هكذا علمتني السنوات الثلاث الماضية.. تعالوا نستعرض بعض الحقائق والشواهد في كرة القدم العالمي ونحن نلعب اليوم أهم مباراة للمنتخب منذ لقاء «المجنونة» أو ما يسمى عند البعض «نكسة الثمانية».. بالأمس خسرت «الأرجنتين» من «الأكوادور» وليس في الأمر خطأ مطبعي.. قبل ذلك كان «ميلان» يتقدم بثلاثة أهداف في نهائي الأندية الأوروبي فخسر في ست دقائق «مجنونة» ابتسمت فيها الكرة لفريق «ليفربول».. وفي نهائيات كأس العالم 2002م خرجت «فرنسا» من الدور الأول دون أن تسجل هدفاً واحداً وهي بطلة لكأس العالم 1998م.. وخرجت معها الأرجنتين المرشحة لنيل اللقب.. وتتواصل سلسلة الشواهد لتتوقف عند كبرى المفاجآت نهائي كأس العالم 1950 في ملعب «ماركانا» حيث مائتي ألف مشجع برازيلي حضروا للاحتفال بالفوز المضمون على «الأوروغواي» فخسرت البرازيل.. ولا زال الكثيرون يكررون نفس الخطأ رغم مرور خمسة وخمسين عاماً نردد فيها ضرورة احترام الخصم لأن كرة القدم تخدم من يخدمها ويحترم خصومه فيها.. اليوم ستزحف الجماهير السعودية لاستاد الملك فهد الدولي لكي تحتفل بوصول المنتخب السعودي لألمانيا كأول المتأهلين على مستوى العالم.. ويا له من إنجاز.. ولكن الخطر الأكبر الذي سيواجه الصقور الخضر هو الإفراط في الثقة - لا سمح الله - لأن التاريخ يقول ان كرة القدم لا كبير فيها.. فالعمل الجاد والانضباط خارج الملعب وداخله يحقق النجاح كما علمتنا اليونان في كأس أمم أوروبا 2004م. البعض كتب مباركاً بالتأهل فور انتهاء مباراة الكويت.. والبعض دخل صومعة الحزن لأنه لا يتمنى نجاح الأخضر لأسباب ليس اليوم يومها، ليبقى صوت العقل الذي يقوده الأميران سلطان ونواف ومن خلفهما جمع كبير من الإعلام الرياضي المستنير يطالبون بضبط النفس وتأجيل الفرح لحين ضمان بطاقة التأهل التي لا تزال في الملعب تنتظر من يعمل بجد وتركيز حتى اللحظة الأخيرة.. وتقول لمن لا يحترمون خصومهم: سأذيقكم كأس المرار الذي شرب منه خالد الفهد رئيس الوفد الكويتي وبونفرير مدرب كوريا حينما تعالوا على منتخبنا الوطني فلقنهم درساً في احترام الخصوم. اليوم فصل جديد مع «المجنونة».. فهل هو موعد مع الفرح؟ ليت الأمر كان بيدي.. لجعلت كل أيامي معها فرحا في فرح.. لكنني أخاف منها ومن تقلباتها.. خصوصاً حين أشعر بأنني «فوق هام السحب».. ويتوقف القلم.. ولا أملك إلا الدعاء بأن يكون التوفيق والفرح عنوان هذه الأيام.. وعلى دروب المجنونة نلتقي.. [email protected]