بعد ثلاثة أيام من الأمطار الغزيرة على منطقة تبوك، أشرقت الشمس أمس لتكشف الأضرار الجسيمة التي خلفتها العاصفة، في حين علمت "الوطن" من مصدر مطلع عن وصول مندوبين من هيئة مكافحة الفساد، للاطلاع على الأوضاع، والبحث في أسباب الأزمة. واستيقظت تبوك على هدير معدات ثقيلة انتشرت في شوارعها، فهنا جنود ينصبون جسرا بين جانبي طريق جرفته السيول، وهناك تتمركز آليات كبيرة للجيش والدفاع المدني وقطاعات أخرى حكومية وأهلية، في فيما سمي "منطقة إسناد".
توقفت أمطار تبوك أمس، وأشرقت شمسها بعد غياب لثلاثة أيام، كانت تعيشها من الماء إلى الماء.. مطر منهمر، وسيول متدفقة، فيما شهدت وصول مندوبين من هيئة مكافحة الفساد. تبوك التي تتقاطع فيها أودية كثيرة منها "ضبعان، وأبو نشيغة، والبقار، ودمج، والأخضر" وتنام على ضفاف واد عملاق يسمى "ضم" قال فيه أحد الشعراء قبل 100 عام "تسعين وادي ينطلق في ضم، ويامن درى هو ضم وين يسل"، فهي تشكل حضناً للأودية التي لا تجد لها مسرباً إلى البحر، بل تنتهي معظمها في "قاع" كبير شمال المدينة. شوارع تبوك أمس كانت هادئة، إلا من أصوات المعدات الثقيلة التي انتشرت لمعالجة الأضرار، وسحب المياه المتجمعة، فيما تمركزت معدات كبيرة للجيش والدفاع المدني وحرس الحدود وقطاعات أخرى حكومية وأهلية، في ما سمي "منطقة إسناد". وكان لصدور توجيهات أمير المنطقة الأمير فهد بن سلطان بإلزام الشقق باستقبال السكان الذين أخلوا من منازلهم بالأحياء الجنوبية، وتأمين الإعاشة والاحتياجات، الدور البارز في إنهاء معاناة البعض، حيث طالب وكيل الإمارة عامر الغرير، أثناء لقائه بعض المواطنين، بأن يبلغوا الدوريات الأمنية في حال رفض الشقق أو الفنادق إسكانهم بموجب خطاب الالتزام الصادر من فرع وزارة المالية. وقال الناطق الرسمي لإمارة تبوك علي القحطاني إن تنفيذ الإجراءات الاحترازية والاستباقية ومنها إخلاء السكان كان لضمان سلامة الإنسان وتجنيبه أي خطر، لا سمح الله، مشيراً إلى أنها حالت دون تفاقم الأضرار مقارنة بحجم الأمطار والسيول، وأضاف بأن مدينة تبوك والمحافظات التي شهدت أمطارا كثيفة تعيش وضعا طبيعيا هذا اليوم ولم يسجل أي حوادث. وقال القحطاني إن الأسر التي تم إخلاؤها من بعض الأحياء الجنوبية، من خلال اللجنة المختصة بالإسكان، تم إسكانهم في أماكن مناسبة بما يتناسب وحجم كل أسرة، كما تواصل اللجنة المختصة بحصر الأضرار مهامها وفق الضوابط الموضوعة في مثل هذه الظروف. من جانبه، أكد أمين المنطقة المهندس علي العمري، الذي تحدث ل"الوطن" أمس، أن الجميع لاحظ أن العائق الأكبر لجريان الأودية هو طرق وزارة النقل، لعدم وجود عبارات لها ولارتفاعها عن منسوب مجرى الأودية، مبيناً بأنهم طالبوا منذ أكثر من عامين إدارة الطرق والنقل لتوسيع عبارات "وادي ضبعان" موضحاً بأنهم كانوا يعتذرون بسبب الاعتمادات المالية، ثم بإعداد الدراسات، متسائلاً لماذ لم يتم ذلك حتى اليوم. وقال العمري "نؤكد أن الوضع، بفضل الله، تعالي مستقر وتحت السيطرة، سواء كان ذلك في الأودية أو الشوارع داخل المدينة، وأن ما يتم تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي هو جريان المياه داخل الأودية، وتوضح بعض الصور بعض المساكن العشوائية والتي أقيمت بالتعدي على وادي ضبعان والتي صدر بحقهم مؤخراً حكم من ديوان المظالم بضرورة إزالتها من مجرى الوادي والبالغ عددها حوالي 72 منزلا وستتم إزالتها قريبا بعد تأمين المساكن لهم من قبل الجهات المختصة". وأكد العمري أنهم انتهوا من دراسة شاملة لدرء أخطار السيول ولصرف مياه الأمطار بمبلغ ثلاثة مليارات ريال . "الوطن" حاولت التواصل مع مدير إدارة النقل المهندس خالد الوكيل، لإتاحة المجال له للرد، إلا أنه لم يجب على الاتصالات والرسائل النصية، كما قامت بالاتصال عدة مرات على المتحدث الرسمي للإدارة عبدالله العمري إلا أنه لم يرد أيضاً. من جانبه، أكد الناطق الإعلامي للدفاع المدني العقيد منصور العنزي، إسكان 250 أسرة في شقق مفروشة، و409 أخريات في أماكن مناسبة، مبيناً أن مركز العليا والسلمان يستقبل المتضررين من الأمطار والسيول الراغبين بالسكن وكذلك حصر الأضرار. وأشار العنزي إلى إخلاء 8 عائلات في محافظة تيماء، وإسكانهم في شقق مفروشة، بعد أن داهمتهم المياه. وعلمت "الوطن" من مصدر مطلع، بوصول مندوبين من هيئة مكافحة الفساد صباح أمس، حيث تم التواصل مع المهندس إبراهيم الدوسري "أحد المندوبين" إلا أنه اعتذر عن الحديث واعداً بالتواصل لاحقاً، وتم الاتصال به مرات عديدة بعد ذلك، وإرسال رسائل نصية، إلا أنه لم يجب.