شهادة الدكتوراه الوهمية هي مجرد حرف يسد به الباحث فجوة نقص بذاته فتزداد فجوة نقصه بداخلنا. تأتيه شهادة دراسات عليا من جامعات لا تمت لواقع التعليم الأكاديمي بصلة، تمكنه من لقب علمي هو في الواقع لم يبذل جهداً فيه لتمنح له شهادة الماجستير أو الدكتوراه، ويشتريها عن طريق مراسلة جامعات غير معتمدة ودون أدنى معايير التعليم الأكاديمي، ولا أي تدقيق في مواضيع بحث الدكتوراه ولا في مناقشتها، ولكنهم لا يتهاونون ليمنحوها من التدقيق بحساباتهم البنكية، والتأكد من أن رسوم الشهادة قد تم تحويلها بالكامل، فهذا أهم الشروط للحصول عليها معززين مفهوم المادية على حساب النزاهة، ليأتي بعدها صاحب الشهادة دافعاً اسمه أمامه مزيناً بوشاح التخرج ومحتفياً بلقب الدكتوراه، متفاخراً به وكأنه ابنه من صلبه، ناسياً أن لقبه الجديد مجرد ثمرة علاقة محرمة بينه وبين بائعي الشهادات الوهمية؛ لينتجوا عنها وصمة عار في جبين التعليم الأكاديمي المحافظ. ونتناسى نحن بأن قوانيننا المتشددة والصارمة التي تحول بين الدراسات العليا وراغبيها هي إحدى أهم مسببات تفشي ظاهرة شهادات الدكتوراه غير المعتمدة من وزارة التعليم العالي، فلكِي نُمنح حق إكمال الدراسات العليا يجب علينا أولاً أن نحصل على موافقة جهة عملنا التي عادةً ما تحصر موافقتها بشروط يصعب على الكثير من المتقدمين الإيفاء بها؛ فيجدون أنفسهم أمام الطريق السهل وهو شراء شهادة أو مراسلة إحدى الجامعات غير المعتمدة للحصول على درجة الدكتوراه غير الشرعية، في حين لو أتيحت الفرصة لنا لإكمال الدراسات العليا دون شروط تعجيزية لمنَحنا تعليمنا الأكاديمي نخبة من الأسماء التي تسعى للحصول على شهادة الدكتوراه بجدارة.