تلعب القوى الكبيرة مثل الجغرافيا والبيئة دورا هاما في تقرير مستقبل الشؤون الخارجية للدول. أفريقيا فقيرة تاريخيا، لأنها لا تحوي الكثير من الموانئ الطبيعية الجيدة والقليل من الأنهار التي يمكن الإبحار من خلالها من الداخل إلى البحر. وروسيا لديها رهاب الشك لأن أراضيها الواسعة معرضة للغزو دون موانع طبيعية كافية. والصخر الزيتي، الذي يحبس بداخله كميات هائلة من الغاز، يشكل مصدرا جديدا للطاقة وسيلعب دورا هاما في صياغة السياسة الخارجية للدول مستقبلا، وذلك بحسب تقرير "مؤسسة ستراتفور للأبحاث". وستتمتع الدول التي تمتلك كميات كبيرة من الصخر الزيتي بمكانة أفضل في منافسات القرن 21 بين الدول. تمتلك الولاياتالمتحدة كميات ضخمة من غاز الصخر الزيتي، وسوف تكون عملاقا في مجال الطاقة للقرن ال21. ذلك التطور سيجعل منطقة البحر الكاريبي نقطة التركيز الاقتصادي لنصف الكرة الغربي، وسيشجع ذلك أكثر توسيع قناة بنما في 2014. هذه الأنباء ليست جيدة بالنسبة لروسيا التي تعتبر مارد الطاقة في أوروبا حاليا، وليس لديها منافسة حقيقية هناك. ولكن ماذا لو استطاعت الولاياتالمتحدة تصدير غاز الصخر الزيتي إلى أوروبا بأسعار تنافسية؟ الولاياتالمتحدة ليست لديها قدرات كبيرة حاليا لتصدير غاز الصخر الزيتي إلى أوروبا. وسيكون عليها بناء منشآت تمييع جديدة لتحويل الغاز إلى سائل، بحيث يمكن نقله بالسفن عبر الأطلسي، حيث تقوم منشآت أخرى هناك بإعادة تحويل السائل إلى غاز. إن تقليص الاعتماد على الغاز الروسي سيسمح بتوسيع استقلال دول أوروبا الشرقية والوسطى ويساعد على ازدهارها بشكل ممتاز. هذا قد يكون صحيحا بشكل خاص بالنسبة لبولونيا، التي ربما تمتلك مخزونات كبيرة من غاز الصخر الزيتي، وبذلك قد تصبح دولة منتجة للطاقة. الولاياتالمتحدة أيضا ستصبح أقل اعتمادا على مصادر طاقة الشرق الأوسط، ويمكن أن تركز على بناء بولونيا كقوة صديقة. بالطبع فإن الاحتياطي الهائل للنفط والغاز الطبيعي في شبه الجزيرة العربية والعراق وإيران سيجعل الشرق الأوسط يستمر كمصدر رئيسي للطاقة خلال العقود القادمة. لكن ثورة غاز النفط الزيتي سيعقد إمدادات النفط والغاز وتوزيعها بحيث يخسر الشرق الأوسط صدارته. كما أن أستراليا أيضا تمتلك مخزونات ضخمة من الغاز الطبيعي الجديد، ولديها منشآت تمييع أيضا، وهذا يمكن أن يجعلها مصدرا رئيسيا للطاقة إلى شرق آسيا. وباعتبار أن أستراليا حليف قوي للولايات المتحدة، فإن تحالف هذين البلدين المنتجين للطاقة سيعزز النفوذ الغربي أكثر في آسيا. ظهور كندا على الجغرافيا السياسية يمكن أن يضخم هذا الاتجاه، فكندا تمتلك مخزونات هائلة من الغاز الطبيعي في ألبرتا، والذي يمكن أيضا تصديره عن طريق أنابيب إلى كولومبيا البريطانية، حيث توجد منشآت التمييع، ومن ثم يتم تصديره إلى شرق آسيا. وفي الوقت نفسه، يمكن أن تستفيد منطقة شرق كندا من مخزونات غاز الصخر الزيتي التي تصل عبر الحدود إلى شمال شرق الولاياتالمتحدة. وستزيد الاكتشافات الجديدة للطاقة من تقارب كنداوالولاياتالمتحدة في ذات الوقت الذي تزداد فيه قوة تحالف الولاياتالمتحدة وأستراليا على الساحة الدولية. الصين أيضا تمتلك مخزونات ضخمة من غاز الصخر الزيتي في المناطق الداخلية، ويمكن للحكومة أن تستولي على الأرض وتنشئ البنية التحتية الضرورية لاستغلال هذا المخزون. وهذا سيخفف إلى حد ما أزمة الطاقة في الصين ويساعد اقتصادها إلى حد كبير. بشكل عام، دخول غاز الصخر الزيتي إلى سوق الطاقة سيعزز أهمية الجغرافيا. وسيحدد امتلاك الصخر الزيتي أو عدم امتلاكه علاقات القوة. ولأن الغاز المسال يمكن نقله عبر البحار، فسيكون للبلدان التي لديها سواحل أهمية خاصة.