كشف المشرف على عقود إعادة تأهيل المناطق المتضررة من حرب الخليج بالرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة المهندس عبدالله بن صالح الغامدي، أن المملكة هي الدولة الوحيدة التي بدأت في تنفيذ برنامج إعادة التأهيل المناطق المتضررة من حرب الخليج - تحرير الكويت عام 1991 - حتى الوقت الحالي، مشيرا إلى أن الأممالمتحدة أنشأت لجنة لمعالجة المطالبات ودفع التعويض عن الخسائر والأضرار للدول المتضررة كنتيجة مباشرة للغزو والاحتلال للكويت بواسطة العراق، وحددت اللجنة تعويضات المملكة ب1.200 مليار دولار. وأكد الغامدي في حوار مع "الوطن" أن المهمة شاقة ومضنية للغاية لمن يعرف تلك المناطق وحجم ما تأثرت به، وما يزيد من صعوبتها أنها تجربة لم يكن لها مثيل في السابق، فإلى نص الحوار: بداية نريد أن نعرف ما حجم المناطق السعودية التي تضررت بالتلوث النفطي والتي تعملون حاليا على إعادة تأهيلها؟ لا يخفى على أحد ما سببته الحرب من كارثة بيئية طالت آثارها المدمرة الهواء والماء والتربة وأثرت على الكائنات الحية بمنطقة الخليج بشكل غير مسبوق، طبعا السبب وراء ذلك هو سكب كمية هائلة من النفط الخام تجاوزت 12 مليون برميل في مياه الخليج وهذه الحادثة تعد أضخم كارثة بيئية تمر على البشرية حيث تأثر قرابة 800 كيلو متر من شواطئ المملكة بهذه الكارثة مما تسبب في تدمير الموارد الطبيعية، كما طال الدمار السلسلة الأولى من غذاء الأحياء البحرية، وقد أدى أيضا إلى تراكم تحت الشواطئ السعودية أكثر من 8 ملايين متر مكعب من الرمال الملوثة بالزيت المرئي والذي امتد أثره إلى جزء كبير من الأحياء البحرية، فضلا على تأثر نحو 600 كيلو متر مربع من المناطق البرية بيئيا من جراء الحرب، وقد فقدت بيئة هذه المنطقة الجزء الأكبر من طبيعتها كما أن هذه الحادثة وبحسب التقارير والدراسات أدت إلى قتل حوالي 52 فصيلة من الكائنات البحرية والسلاحف والطيور وقد أثر ذلك سلبا على المخزون الإحيائي والموارد الطبيعية والاقتصادية في السواحل والجزر. الكثير لا يعرف ماذا تعني لجنة الأممالمتحدة للتعويضات وما دورها في إعادة تأهيل المناطق المتضررة من حرب الخليج؟ أنشئت لجنة الأممالمتحدة للتعويضات في عام 1991، بوصفها جهازا فرعيا لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وقد أوكل إليها مسؤولية معالجة المطالبات ودفع التعويض عن الخسائر والأضرار للدول المتضررة كنتيجة مباشرة للغزو والاحتلال للكويت بواسطة العراق، وتهدف لجنة التعويضات التابعة للمجلس الحاكم إلى تقييم وضع التعويضات البيئية التي تحصل عليها الدول نتيجة حرب الخليج الثانية 1991، وبالنسبة إلى المملكة فهي ترمي إلى إعادة تأهيل المنظومة البيئية في المناطق الشرقية من المملكة خاصة البادية التي تضررت نتيجة الحرب وتشمل تأهيل الغطاء النباتي والمراعي ورفع كفاءة الإنتاج الحيواني في البادية. ما حجم التعويضات التي تسلمتها المملكة وهل هي كافية لتأهيل هذه المساحة الهائلة من المناطق المتضررة؟ عملت الرئاسة على التفاوض مع الأممالمتحدة للحصول على استحقاقات المملكة من التعويضات لإعادة تأهيل المناطق المتضررة من حرب الخليج، وللدور الكبير الذي لعبه الأمير تركي بن ناصر في هذا الجانب تم ترشيح المملكة في 2005 من قبل الدول المتضررة من جراء الحرب لتمثيلها أمام المجلس الحاكم بجنيف، وقد تم فعليا تقديم نتائج الدراسات والمسوح والمرافعات مع لجنة الأممالمتحدة للتعويضات، وحصلت المملكة على موافقة المجلس الحاكم للجنة الأممالمتحدة للتعويضات لعدد من برامج التنظيف والمعالجة وإعادة التأهيل البيئي، كما أكدت اللجنة المشكلة للتعويضات البيئية المنبثقة من الأممالمتحدة بناء على قرار من مجلس الأمن وتدعمها عدد من القرارات الأممية المتمثلة في المجلس الحاكم للجنة بالتشديد على أن البيئة لا يجب أن تستخدم أداة في الحروب وتجسد هذه القرارات الإرادة الدولية في أن تكون رادعا لمن تسول له نفسه بالأضرار بالبيئة، وعلى الرغم من أن الدراسات التي أجرتها المملكة ممثلة في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة قدرت الخسائر التي تعرضت لها المملكة نتيجة هذا التلوث بأكثر من 28 مليارا كون الأضرار البيئية التي لحقت بالمملكة باهظة جدا نتيجة حرق المئات من آبار النفط وسكب ملايين البراميل من النفط الخام في مياه الخليج العربي. كيف بدأت عملية التأهيل خاصة بعد هذه الفترة الزمنية الطويلة التي تجاوزت العشرين عاما؟ مرت عملية التأهيل بمراحل عدة وطويلة وقد بدأت بتوجيه الأمير تركي بن ناصر ببدء عمل دراسات علمية استقصائية للعديد من طرق الاستصلاح المتعددة، والقيام بعمل تجارب لذلك، فضلا على توظيف جميع الأبحاث العلمية والتقنية في عمليات الإصلاح وإعادة التأهيل للمناطق الساحلية والبرية المتضررة من جراء حرب الخليج، بالتعاون مع العديد من الشركات المتخصصة والمراكز العلمية والجامعات السعودية وفي إبريل 2003 قام الرئيس العام بجولة تفقدية في محافظة حفر الباطن للوقوف على الأعمال التي تم البدء فيها، والدراسات التي تجريها الرئاسة في عدد من المناطق المتضررة لإعادة تأهيل المناطق وإرجاعها إلى ما كانت عليه، حيث أكدت الدراسات أن الضرر الذي لحق بالشواطئ والمناطق البرية السعودية سيمتد لعشرات السنوات في حال لم يتم معالجته. يقول البعض إنه لا معايير واضحة لمشاريع ولا رقابة على مشاريع تأهيل المناطق المتضررة؟ لا بد أن نعرف أن لجنة الأممالمتحدة المعنية بتعويضات حرب الخليج تشرف بشكل كامل على هذه المشاريع وتقوم بزيارات منتظمة للوقوف فعليا على سيرها ومدى تطبيق المعايير المتفق عليها، كما أن المملكة والدول المتضررة الأخرى تعقد اجتماعات دورية في الأممالمتحدة لمراجعة أعمال اللجنة والمشاريع المعدة والاشتراطات وآلية التنفيذ وقد استضافت المملكة في 2012 الاجتماع الفني الخامس للدول المتضررة من حرب الخليج المجموعة الاستشارية لإصلاح البيئة الإقليمية بمشاركة المملكة الأردنية والعراق ودولة الكويت وجمهورية إيران الإسلامية بالإضافة إلى وفد من الأممالمتحدة، حيث أحيطت لجنة التعويضات التابعة الأممالمتحدة حول تطورات ومسيرة برنامج المتابعة.