أدى ضعف العقوبات الخاصة بالمطاعم المخالفة إلى انتشارها بشكل كثيف، إضافة إلى تواجدها داخل الأحياء العشوائية وبشكل ملفت للانتباه في ظل غياب شروط السلامة والوقاية، وبمعزل عن أعين رجال الرقابة التابعين للبلديات والأمانة، حيث يعتمد أصحاب هذه المطاعم على ترويج الأكلات بشكل عشوائي ودون الخضوع لشروط السلامة. ولم تقتصر هذه الظاهرة على الأحياء العشوائية، بل امتد الأمر إلى شوارع المدينة الرئيسية، وأحيائها المنظمة، عبر استغلال عمالة وافدة لشقق سكنية حولتها إلى مطابخ، تمتهن في داخلها صناعة الأطعمة، غير مبالين بما يمكن أن تسببه صناعتهم من حرائق في تلك العمائر. خطر صحي في جولة ميدانية ل"الوطن" على مطاعم الجاليات الآسيوية ومطاعم الأرز البخاري، حيث ينفرد أصحاب تلك المطاعم بجذب بني جلدتهم بأصناف شتى من الأطعمة التي ترضي أذواق هذه الجاليات، وبأسعار رخيصة الثمن مع افتقارها لجميع اشتراطات السلامة، بسبب بعدها عن أعين الرقابة من الناحية الصحية والبلدية وهيئة الغذاء والدواء، مما جعلها بؤرة للخطر على صحة الساكنين في تلك المناطق، حيث أصبحت من أكثر المواقع تعرضا لإصابة مرتاديها "بالتسمم الغذائي" لعدم تطبيقها لاشتراطات السلامة والمعايير الأساسية. ويقول المواطن صالح القحطاني "من سكان الرويس": لابد من تكثيف الرقابة على مطاعم الأحياء العشوائية، حيث أهم ما يميزها سوء منظرها وارتكاب العمالة لشتى أنواع المخالفات دون أن يكون للأمانة دور في الرقابة عليهم، مشيرا إلى أن أغلب هذه الأحياء تسكن بها أسر من محدودي الدخل والعمالة الوافدة، ما دفع العديد من أصحاب تلك المطاعم لاستغلال هذه الفئة في بيع الأطعمة التي لا تنطبق عليها الاشتراطات الصحية. وأضاف أن نساء من العمالة الأفريقية يخالفن النظام داخل هذه الأحياء، حيث يقمن بإعداد الوجبات داخل منازل شعبية متهالكة، وتوزيعها على المطاعم المنتشرة في كافة أرجاء الأحياء العشوائية، موضحا أن غياب الرقابة على بعض المطاعم يعرض صحة الأشخاص للعديد من المخاطر الصحية، إلى جانب الإصابة بالفيروسات المسببة للأمراض. ويشاركه الرأي المواطن أصيل عبدالغني "من سكان الصفا" بأن انتشار مطاعم الأكلات الشعبية التي اعتاد على زيارتها الكثير لشراء الوجبات الغذائية خاصة في وجبة الغداء والعشاء، كمطاعم الأرز البخاري التي تحمل خلف جدرانها العديد من المخالفات الصحية وتدني مستوى النظافة العامة واستخدام المواد الغذائية التي تم تخزينها بطرق مخالفة. وأضاف أن العاملين في هذه المطاعم يلجؤون لاستخدام أدوات الطبخ غير الصالحة للاستعمال الآدمى وعدم صلاحيتها للاستهلاك، مما قد يتسبب في حدوث النزلات المعوية والإصابة بالبكتريا لعدم تطبيقها للاشتراطات الصحية، مشيرا إلى أن معظم مطابخ المطاعم العشوائية تنتشر بها الحشرات والفئران الناقلة للأمراض دون أن يكون هناك تكثيف للرقابة من قبل المراقبين أو تغليظ للعقوبات. اعترافات رسمية وكشف مدير إدارة صحة البيئة والصحة المهنية في الشؤون الصحية في جدة الدكتور فهد قمري ل"الوطن" تجاوز حالات الإصابة بالتسمم الغذائي منذ بداية مطلع عام 2012م إلى نحو 100 حالة تسمم غذائي للأشخاص من جنسيات مختلفة، مرجعا ذلك إلى عدم تطبيق هذه المطاعم للاشتراطات الصحية وتناول العديد من الوجبات المنتهية الصلاحية، موضحا أنه من خلال مشاركة إدارة صحة البيئة بالجولات الميدانية للكشف على عمال المطاعم المبلغ عنهم أثناء وقوع حادثة تسمم غذائي وإخضاعهم للتحاليل والكشف المبدئي عن إصابتهم بأمراض ميكروبية تعرف ب "سالمونيلا" والبكتريا العنقودية في الأمعاء والجهاز الهضمي، كاشفا أن هذه الأمراض تعتبر من أنواع البكتريا الوبائية المعدية. وأضاف قمري أن عدد المراقبين الصحيين الذين يقومون في الجولات على المطاعم يبلغ 80 مراقبا صحيا في مدينة جدة تابعين للشؤون الصحية، بينما الجولات اليومية من اختصاص الأمانة. وأشار إلى أن دور إدارة صحة البيئة في الرقابة على المطاعم يتمثل في التعاون مع الأمانة من خلال أخذ عينات من الأطعمة ومياه الشرب وإرسالها إلى المختبر الإقليمي الذي بدوره يرسل تقريرا مصورا للأمانة عن مدى سلامة هذه المطاعم، وفي حال اكتشاف أن أحد هذه المطاعم غير لائق صحيا يتم إبلاغ الأمانة بذلك حتى يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة سواء بالغرامة أو الإغلاق. وأشار قمري إلى أنه في حالة إبلاغ صحة البيئة أن هناك حالات تسمم غذائي في المستشفيات أو المراكز الصحية يقوم المراقبون بزيارة المرضى المتضررين ويتم التعرف على التاريخ المرضي والاطلاع على التحاليل التي أجريت لهم، مشيرا إلى أن المراقبين الصحيين يقومون أيضا بزيارة المطاعم المشتبه بها في حدوث التسمم الغذائي للأشخاص المنومين في المستشفيات والمراكز الصحية، وإذا تم اكتشاف أن هذه المطاعم غير ملتزمة بالاشتراطات الصحية تقفل لمدة 5 أيام احترازيا ويتم إرسال العمالة للمختبر الإقليمي لأخذ مسحات من اللعاب والأظافر ومن الجهاز التناسلي حتى يتم التعرف على نوع الأمراض المصابين بها، وإذا ثبت أن العمالة والمطعم غير لائق صحيا يتم إغلاقه نهائيا وتفرض غرامة على صاحب المطعم. ضعف العقوبات من جهتها علمت "الوطن" من مصدر مطلع من هيئة الغذاء والدواء أن قصور تنفيذ العقوبات على المطاعم ساهم في زيادة المخالفات داخل المطاعم، مبررا بأن تعدد الجهات المسؤولة عن الرقابة على المطاعم تسبب في ضياع مسؤولية رقابة مخالفات تلك المطاعم. وأكد المصدر أن الجهات المشتركة في الرقابة على المطاعم تتمثل في البلديات، والشؤون الصحية، وهيئة الغذاء والدواء، مما جعل مسؤولية الرقابة تصاب بوهن وضعف وضياع، واتهم المصدر الأمانات بعدم تطبيق قرار لائحة المطاعم الصادرة من الشؤون البلدية والقروية في إلزام كافة المطاعم بأن تقوم بإعداد الوجبات أمام الزبائن، وكشف منطقة إعداد وجبات الطعام أمام المستهلكين، وأضافت أن عدد المصابين بالتسمم الغذائي في جميع أنحاء المملكة بلغ 3000 حالة تسمم غذائي أكثرهم من الشباب. من جهته أكد مدير عام التراخيص والرقابة التجارية بأمانة جدة الدكتور بشير أبو نجم، بأن الأمانة لها دور كبير في الرقابة على المطاعم من خلال التأكد لتطبيقها للاشتراطات الصحية، حيث يقوم المراقبون بجولات تفتيشية على المطاعم في كافة أحياء جدة، للتأكد من تطبيقهم لضوابط واشتراطات الصحة، حيث تم قبل 8 أشهر إغلاق 1581 مطعما في جدة، مبررا ذلك بارتكابهم العديد من المخالفات، حيث تم رصد هذه المخالفات خلال فترة وجيزة من قيام فرق التفتيش على المطاعم بجولاتهم الاعتيادية، كما تم إنذار 7373 مطعمًا آخر. حملات مكافحة وكشف أنه تم رصد مخالفات صحية عدة من قبل المراقبين وذلك خلال الجولات التفتيشية التي شملت 10600مطعم وكافتيريا في داخل الأحياء، إلى جانب تلقي بلاغات من مواطنين عن هذه المنشآت الغذائية، وتأتي هذه الحملات ضمن المحافظة على تطبيق الاشتراطات الصحية لكافة المطاعم حتى تضمن سلامة المواطنين، مشيرا إلى أن نسبة الأسر التي تعتمد على شراء غذائها من المطاعم تبلغ 35%، ونسبة الجولات الميدانية التفتيشية على المطاعم تبلغ 60%. وأضاف أن المخالفات المرتكبة في المطاعم تتدرج فيها العقوبة بين الغرامات في البداية والإغلاق المؤقت حتى يتم إصلاح الوضع ثم تتفاوت العقوبات إلى الإغلاق النهائي وغرامة 40 ألف ريال. وأشار إلى أن هناك توعية للمواطنين من خلال وضع ملصقات توعوية تشمل عبارات توضح أهمية وجود الكروت الصحية وتعليق ذلك على الحائط أمام الزوار، ولبس القفازات وتغييرها باستمرار، ولابد على العاملين أن يرتدوا الكمامات "غطاء الأنف" وعلى الزبون أن يطالب بذلك. إلى جانب التأكد من أن إدارة المطعم وفرت كافة أدوات النظافة من صابون ومناديل وخلافها التي يحتاجها المستهلك أثناء القيام بتناول الوجبات داخل المطاعم، وشدد على أهمية أن يتبع المطعم أحدث الطرق لحفظ الأطعمة داخل الثلاجات الحديثة وتحت درجة تبريد مناسبة.