في الوقت الذي ينطلق فيه الملتقى الصحي الغذائي الثاني برعاية من أمانة جدة ويستمر يومين تحت شعار «رقابة الغذاء توعية والتزام»، دعا مختصون إلى ضرورة تفعيل المراقبة الصحية على المطاعم الشعبية التي تنزوي داخل الأحياء وبعيدة عن أعين الرقابة، لافتين إلى أن تخصيص 80 مراقبا لرصد سلبيات ومخالفات 10 آلاف شعبي بجدة لايكفي لمواجهة أخطاء هذه المطاعم، خصوصا أن أمانة جدة أعلنت الشهر الماضي عن إغلاق عدد 780 مطعما مخالفا لأنظمة الاشتراطات الصحية، كما تم إنذار 5230 مطعما لوجود بعض الملاحظات الصحية. «عكاظ» قامت بجولة رصدت العديد من الملاحظات على بعض المطاعم، والتقت عددا من مرتادي تلك المطاعم، حيث شكوا من تدني مستوى الخدمة والنظافة وسوء التهوية والتخزين والتلوث في كثير من مطاعم جدة، مما قد يهدد بارتفاع حالات التسمم الغذائي ويعد تدني جودة المواد الغذائية المستخدمة في الطبخ وطريقة إعداد الوجبات وحفظها من أهم الأسباب التي تعرض المستهلكين للإصابة بالتلوث وأمراض التسمم. في البداية قال عبدالرحمن الفضيل: إن مسألة الرقابة على المطاعم خصوصا داخل الأحياء الشعبية، دون المستوى وتحتاج إلى تفعيل أكبر من الجهات ذات العلاقة، وأضاف أن التلوث في المطاعم أمر محتوم، بعد انتشارها بشكل لافت بمختلف أنواعه، وما يدخل الطمأنينة في نفوسنا طهي المواد الغذائية وتعرضها للحرارة الشديدة مما يؤدي إلى قتل كمية كبيرة من البكتيريا والفطريات الموجودة، لكن تظل نظافة العامل داخل المطعم مهمة، معربا عن أسفه الشديد لعدم مبالاة العمالة باشتراطات البلدية. ويشير مهند الدويغري إلى أن المطاعم تحتاج رقابة صارمة وحازمة من أمانة جدة، كما تحتاج إلى إعادة النظر في إجراءاتها وحماية الناس من مشاكلها التي لا تعد ولا تحصى، فأنت ليس أمامك سوى الظاهر، بلوحة جميلة على المدخل، غير أنك لو دخلت ووقفت على طريقة وكيفية إعداد الأكل والوجبات لتركت الأكل، فأنت معرض للبلاء المرتقب في أية لحظة، وهو ما حدث لشقيقي الذي قصد أحد المطاعم وطلب وجبة عبارة منه، وحين مواصلته للأكل والشرب وجد (صرصورين) داخل كوب العصير، وهذه مشكلة تلحق الضرر بالناس، تصيبهم بالأمراض نتيجة عدم المبالاة من العمالة باشتراطات الصحية، وعدم وجود مراقبة عليهم. وطالب كل من محمد النهاري، شادي حابس، وفهد القثامي بتكثيف الرقابة على المطاعم بكل أنواعها، فما نلاحظه وجود تقصير من عملية الرقابة، ويجب تطبيق العقوبات الرادعة للمطاعم المخالفة حفاظا على صحة من يرتادها. ورأى استشاري التغذية الدكتور خالد علي المدني، أن المطاعم الشعبية بحاجة ماسة إلى جولات تفتيشية ورقابية، باعتبارها مطاعم تفتقد لكثير من مقومات الصحة التغذوية وسلامة البيئة، حيث يلاحظ أن أكثر من 50 % منها لا تطبق الاشتراطات الصحية. وأضاف، أن الإقبال على هذه المطاعم كبير من أفراد المجتمع، ولكن واجهاتها لا تعكس دائما حال واقع هذه المطاعم، لأن المشاكل عادة تبدأ من المطبخ، كما يلاحظ أن كثيرا من العاملين في هذه المطاعم لا يهتمون بلباسهم ولا يعتنون بنظافتهم الشخصية، وبالتالي يشكلون مصدرا لنقل البكتيريا والتسبب في حدوث التسمم الغذائي للمستهلكين. وأرجع الدكتور المدني أسباب حدوث التسمم الغذائي إلى تخزين الغذاء في أماكن سيئة وغير مستوفية للاشتراطات الصحية، موضحا أن هذا الأمر يجعل الغذاء عرضة للتلوث، ويتسبب بدوره في حدوث أعراض مرضية جراء تناولهم لتلك الأطعمة الملوثة، بجانب عدم ارتداء العاملين للقفازات وبالتالي يسهمون في نقل البكتيريا العنقودية التي قد تحتضنها أياديهم وبالتحديد تحت الأظافر. ولفت إلى أن الأطعمة النية التي تحفظ مكشوفة أو تترك لفترات طويلة تشكل وسطا مناسبا لنمو الكائنات الدقيقة لوجود عصارة فيها، فعدم تغليف الأطعمة أو وضعها في علب زجاجية أو بلاستيكية يجعلها عرضة للميكروبات. وفي سياق متصل، دعت أخصائية التغذية الدكتورة رويدا إدريس إلى ضرورة تكثيف الجولات الرقابية على المطاعم الشعبية المنتشرة داخل الأحياء، مبينة أنه للأسف الكثير من أصحاب هذه المطاعم يهتمون بالواجهات، أما السلبيات فترصد في المطابخ، والأسوأ عندما تخزن هذه الأطعمة في قدور متهالكة تكون مرتعا لتجمع الحشرات التي بعضها لا ترى بالعين. د. رويدا طالبت بضرورة شراء أو تناول الأكل في المطاعم التي تتوفر فيها الاشتراطات الصحية، وتجنب المطاعم والبوفيهات ونقاط بيع الأغذية الرديئة تجنبا للتعرض إلى التسمم الغذائي. من جهته، أكد مدير عام التراخيص والرقابة التجارية الدكتور بشير أبو نجم أن الأمانة والبلديات الفرعية شددت حملتها على كافة المطاعم لتطبيق الاشتراطات الصحية، مبينا أنه خلال شهر جمادى الأولى جرى التفتيش على 7210 من المنشآت الغذائية بمختلف أنواعها من مطاعم ومطابخ وكفتيريات ومطاعم الوجبات السريعة وغيرها، ما أسفر عن إغلاق 780 مطعما بشكل مؤقت لحين تصحيح أوضاعها، كما تم إنذار 5230 يجري متابعتها لحين تطبيق كافة الاشتراطات المطلوبة. وبين الدكتور أبو نجم أن هناك ملصقات يتم تعليقها على كافة المطاعم تحت شعار (معا نحو غذاء صحي آمن)، حيث تتضمن رسائل توعوية لمرتادي هذه المطاعم لإلمامهم بالضوابط اللازم توفرها داخل المطاعم، ومن أهمها وجود الكروت الصحية لكل عامل وتعليقها على الزي الموحد ولبس القفازات وتغييرها باستمرار في حالة لمس أي عنصر آخر بخلاف الغذاء مثل (النقود، فوط التنظيف، حاويات النظافة، وغيرها من الملوثات) ووضع الكمامة على الأنف والفم وغطاء الرأس والتأكد من الممارسات الصحية للعاملين بتوفير أدوات النظافة والمناديل الورقية لغسل الأيدي، والنظافة العاملة للمطعم والأدوات المستخدمة في إعداد وطهي الطعام والتأكد من خلو المطاعم من الأطعمة الفاسدة والمنتهية صلاحيتها والمحضرة من اليوم السابق، وفي حالة وجود أية ملاحظات من قبل الجمهور فعليهم الاتصال على الخط الساخن والإبلاغ عن ما يرونه من مخالفات. وأضاف الدكتور أبو نجم أن الأمانة سترعى اليوم وغدا الملتقى الغذائي الصحي الثاني بمشاركة المختصين والمهتمين بالصحة وسلامة الغذاء من وزارة الشؤون البلدية والقروية وأمانات وبلديات محافظات المملكة وعدد كبير من القطاعات الحكومية والصحية والتعليمة والأهلية ذات العلاقة.