د. صباح أبوزنادة استشارية تمريض غالبية الأسر السعودية أو بعضها يوجد من بين أفرادها من ينتسب للقطاع الصحي سواء أكانت أختا أو ابنة أو زوجة تعمل بهذا القطاع كطبيبة أو ممرضة أو اختصاصية مختبر أو أشعة أو اختصاصية اجتماعية أو سكرتيرة أو مراسلة وهن جميعاً يقمن بأعمال جليلة ومهمة لتقديم خدمات الرعاية الصحية بالمملكة، كما لا يخفى على أحد أن القطاع الصحي يعتبر من أكبر المؤسسات وأهمها على الإطلاق. ومن هذا المنطلق دعمت حكومة خادم الحرمين الشريفين ميزانية وزارة الصحة لتصل إلى 84 مليار ريال لتفهمها لاحتياج المواطنين لهذا القطاع الحيوي. كما توجه وزارة الصحة جزءا كبيرا من الميزانية للسعودة وتدريب السعوديين، ويبذل المواطنون والمواطنات جهدا كبيرا في التعليم والتدريب والعمل للرقي بالرعاية الصحية لأبناء هذا البلد الكريم. ثم بعد هذا الدعم اللامحدود والتعليم والتدريب، يأتي مغرد في هجوم غير مبرر وغير أخلاقي عبر "تويتر" يصف كل من يسمح لزوجته أو أخته أو ابنته بالعمل في القطاع الصحي بالديوث، ويتهم كل من يعملون في القطاع الصحي من ممرضات وطبيبات بإقامة علاقات مشبوهة مع زملائهن في العمل. هذه الاتهامات نالت من دين وأعراض العاملات في القطاع الصحي كما أنها تتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي الذي حرم قذف المؤمنات دون حجة أو برهان، كما تجاوزت تلك الاتهامات إلى أولياء أمورهن. ما فعله هذا المغرد يتناقض مع سماحة الدين، فتلك المرأة التي تتعرض لهذه الاتهامات الظالمة ما خرجت من بيتها إلا بحثاً عن عمل شريف يضمن لها حياة كريمة وميسورة، وهذا أفضل من أن تنتظر معونة من أحد. ولو جارينا هؤلاء في تفكيرهم ومنعنا السعوديات من العمل في المستشفيات، فمن سوف يعالج أختك أو زوجتك أو ابنتك؟. ولو قلنا إن الأجنبيات هن الحل، فهن يعملن بشكل مؤقت وسوف يغادرن البلاد آجلا أم عاجلاً، هذا إذا تناسين فوائد توطين الوظائف والعائد منها لحل مشكلة البطالة ودعم الاقتصاد المحلي وغيره! فمعنى الديوث شرعا هو من يرضى الفجور في أهله حتى لو لم يكن هذا الفجور زنا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة قد حرّم الله عليهم الجنة مدمن الخمر والعاق والديوث الذي يقر الخبث في أهله". فنحن كمجتمع سعودي ننتظر سن قوانين عقوبة التشهير والقذف على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك وتويتر" بشكل حقيقي لتزايد التجاوزات، فالنقد شيء والتجريح واستباحة الأعراض شيء آخر، فلا أحد يتعذر بحرية الرأي للإساءة للآخرين. إن غياب التشريعات الصارمة جعل البعض يتمادى فيما يكتب ويقذف من يشاء دون رادع، من هذا المنطلق نطالب بتفعيل القوانين بشكل يشمل الجميع قبل أن تتضاعف المشكلة لدرجة لا يمكن السيطرة عليها وتتجاوز مستوى القذف. علما بأن عقوبة القذف تصل وفق القانون المعمول به إلى غرامة تصل إلى ثلاثة ملايين ريال وسجن لمدة خمس سنوات. القذف حد من حدود الله تعالى بدليل قوله: (والّذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدًا وأولئك هم الفاسقون). في الحقيقة هؤلاء القاذفون للنساء في أعراضهن يغضبهم عمل المرأة بشكل عام، لكن هم في الحقيقة لا يخافون على المرأة إنما يخافون من المرأة العاملة. الدفاع عن كرامة المرأة مطلب ديني وحقوقي وحكومي، مثل هذه التغريدات التي تصدر من هؤلاء تسهم في تشويه سمعة النساء العاملات، ولا ننسى أننا مجتمع تؤثر فيه الإشاعة، فالإشاعة تجد من يضيف إليها ويكبرها وينقلها، وطبعاً الإشاعة هي النواة التي تصدر منها هذه التغريدات. كما نتوجه لكل الغيورين من المجتمع لدعم الدفاع عن كرامة المرأة والتحرك ضد من يخل بأمان واستقرار المملكة لأن ما يفعله هؤلاء كالساعي في الأرض فسادا.