على الرغم من أن ميثاق الشرف الإعلامي يمنع مقدمي البرامج من استخدام أي ألفاظ تسيء لأحد، وأن أي خروج عن هذا الميثاق لا يعرض مقدم البرنامج فقط، بل القناة أيضا للمساءلة القانونية، إلا أن كثيرا من النقاد وخبراء الإعلام، اعتبروا أن مُقدمي البرامج "الساخرة" في مصر، ابتعدوا عن هذا الميثاق، وتمادوا في السخرية والنقد بشكل يميل إلى الاستهزاء والتجريح أكثر من النقد نفسه، وهو ما قاد مُقدمي تلك البرامج إلى ساحات القضاء بتهم السب والقذف. هناك عدد من البرامج "الساخرة" التي تسببت في إحداث عدد من الأزمات، بين مقدميها وشخصيات عامة أو سياسية أو إعلامية وفنية، ويعد برنامج "البرنامج" الذي يقدمه الإعلامي الساخر باسم يوسف، على قناة "سي بي سي"، من أبرز الأمثلة على ذلك، حيث نشبت أزمة بينه وبين عدد من الإعلاميين المصريين، بل وامتد الأمر أيضا، إلى الاشتباك مع الفنانين، بل ومقدمي البرامج الدينية، وهو ما دفعهم إلى مقاضاة باسم بتهمة السب والقذف. ولعل من أبرز الإعلاميين الذين انتقدهم باسم بشكل لاذع، كان الإعلامي عماد الدين أديب، وكذلك الفنانة غادة إبراهيم، والكاتب الصحفي عادل حمودة، ومقدم البرامج الدينية الشيخ عبدالله بدر، حيث أقاموا جميعا قضايا ضد باسم وبرنامجه بتهمة السب والقذف. وكذلك برنامج "عزب شو" للفنان المصري محمود عزب، الذي لم يفلت أيضا من مقصلة السب والقذف، وأحدث مشكلات كثيرة بين مقدم البرنامج وعدد من النجوم أبرزهم الإعلامي أحمد شوبير، وسمير غانم، وانتهت في ساحات المحاكم. وأيضا البرنامج الساخر"لخبطة" للفنان ماجد القلعي، والذي انتقد فيه بعض الرموز السياسية والفنية، وحتى برنامج "رامز ثعلب الصحراء" للفنان المصري رامز جلال، والذي عرض في رمضان الماضي ورغم أنه برنامج فُكاهي يشبه برامج "الكاميرا الخفية"، إلا أنه دخل أيضا ضمن قائمة البرامج التي رُفع ضدها عدد من القضايا والمطالبة بمنع عرضه، بدعوى التخويف والترهيب وترسيخ مفهوم السطو المسلح والاعتداء، لدى شريحة كبيرة من الشباب. إلى ذلك قال عدد من النقاد وأساتذة الإعلام في مصر الذين تحدثوا إلى "الوطن"، إن "البرامج الساخرة" في مصر والعالم العربي بوجه عام، تفتقد إلى المهنية، مشيرين إلى أن تلك البرامج تعتمد على عرض سلسلة حلقات للوقوف على قضايا الفساد وعلى إهمال الدوائر الحكومية في مهماتها، أو انتقاد مواقف لبعض الشخصيات العامة، لافتين إلى أن تلك البرامج كفكرة تستحق المشاهدة، ولكن من يشاهد هذه البرامج يجدها استهلاكية، وتخاطب المزاج الشعبي وتميل للاستهزاء، وليست موضوعية. وأشار النقاد إلى أنه وبالرغم من أن تلك النوعية من البرامج تعرض بالأدلة، الوضع القائم من التسيب لكنها تعرضها بطريقة ساذجة للغاية، وتسب أكثر مما تنتقد، وتسخر من الجميع دون استثناء. من جهته أكد الخبير الإعلامي، وأستاذ الإعلام بجامعة "القاهرة" الدكتور إبراهيم الششتاوي، أن الإعلام الساخر يحتاج إلى كفاءة ومجهود كبير، حيث إنه يقوم على معادلة تقديم مادة حادة، وفي نفس الوقت يجب أن تكون جذابة، قائلا: بشكل عام إذا كان الإعلاميون يقومون بالضغط لحماية حقوقهم في نقد الآخرين، فالأولى بهم أن يتقبلوا النقد الذي يستهدفهم. وعن الحرية الإعلامية في النقد يؤكد الششتاوي، أن هذا الأمر يتوقف على عدة أمور وهي مدى تقبل قطاع كبير من الجمهور لما هو مقدم، وعدم التجاوز بشكل يعتبر جريمة مثل الطعن في الأعراض، إضافة لمدى وجود درجة من التسامح والرشد الاجتماعي والوعي الثقافي، وكلما زادت النزعة الفنية على حساب الاستهداف الشخصي كلما زاد تقبل هذا الأداء. من جهتها أكدت الناقدة الفنية نهى حماد، أن مقولة حرية الإعلام الغربي اللا محدودة خاطئة، مؤكدة أن أكثر الدول ليبرالية كالولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، رغم الحرية الكبيرة التي تتمتع بها، إلا أن لديها ضوابط أخلاقية، فهيئة الاتصالات الفيدرالية في الولاياتالمتحدة مثلا هيئة صارمة وحازمة، مدللة على ذلك بنموذج واضح يدرس في الإعلام وهي واقعة تاريخية في الإعلام الفرنسي، عندما قام الرئيس الفرنسي السابق فاليري جيسكار ديستان، برفع قضية على إحدى الصحف التي رسمته بشكل غير لائق، واستطاع أن يحصل من الصحيفة على تعويض ضخم.