كان التساؤل الذي أطلقه أستاذ العلاقات الحضارية والحوار بجامعة الإمام الدكتور عبد الله الربيعي حول "من هو السعودي" شعلة فتيل جلسات الحوار الوطني في يومها الأول، التي عقدت ليومين تحت عنوان "الثوابت الوطنية للخطاب الثقافي السعودي"، إلا أن سؤالاً آخر جعل النقاش يحتدم بشكل أكثر سخونة حينما وجه أحد المشاركين عبارة "من أنتم؟" لآخر في إشارة لانتمائه للتيار "الليبرالي". هذه المرة، كانت مائدة الغداء هي موضع الجدل، بعد أن اختتمت الجلسات الرسمية أول من أمس، لتشهد جدالاً ساخناً، أشعله العضو السابق في مجلس الشورى الدكتور محمد آل زلفة، والأكاديمي بجامعة أم القرى الدكتور محمد السعيدي. حوار هامشي على مائدة الغداء اختتم "رسمية الحوار"، وتناول مفهوم "الأغلبية" للثوابت، حينما أشار آل زلفة إلى فريق انصرف عن مسؤولياته الرئيسة والعمل في الصالح العام، وقال في حديث إلى "الوطن" إنه فوجئ بأن بعض من شاركوا في الحوار بوصفهم دعاة "مهندسون" وخريجو جامعات علمية بحتة، وأضاف أن الكثير من خريجي العلوم الشرعية أصبح عاطلاً، وانشغل بالفتوى رغم عدم كفاءته وتأهيله الشرعي، على حد قوله. وتساءل آل زلفة "السعيدي لم ينجح في تقريب وجهات النظر في المجتمع، فكيف ينجح في أن يكون محاوراً في التقريب بين الأديان، والتيارات الأخرى؟". وكان السعيدي وجه تساؤلاً أمام آل زلفة بقوله " من أنتم؟"، وذلك بعد أن تحدث الأخير قائلاً "أنتم كثر سوادكم، وادعاؤكم أنكم الكثرة في المجتمع، رغم أن المجتمع فطر على الإسلام"، متهماً إياهم باستخدام لغة التقسيم والتصنيف والإقصاء. "الوطن" وجهت تساؤلاً لآل زلفة حول من يقصد بعبارة أنتم " فأجاب بقوله " أقصد المرشدين، في القنوات الفضائية ووسائل الإعلام". وكان المشاركون في اللقاء الخامس للخطاب الثقافي الذي انعقد تحت عنوان: "الثوابت الوطنية للخطاب الثقافي السعودي"، قد حولوا اللقاء إلى منصة نقدية استهدفت مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، بعد مضي نحو 9 سنوات على تأسيسه، في حين طالب البعض بإقصاء الإعلام عن بعض الجلسات المغلقة في المستقبل بهدف المكاشفة حول ماهية الثوابت الوطنية، وبحجة أن الحوار يرفع سقف الحرية. وطالب المشاركون بضرورة سن نظام للثوابت الوطنية، إضافة إلى وجود مبدأ للمواطنة الرقمية، مع التأكيد على ضرورة عدم وجود مبدأ التعميم في سرد السلبيات، وأهمية أن يتجاوز الخبراء ومركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني مرحلة التنظير إلى مرحلة التطبيق، في الحديث عن الثوابت الوطنية. واختلف التجمع حول مواقع التواصل الاجتماعي، وما إذا كانت من مهددات الوحدة الوطنية كالمناطقية والعصبية، وأكدت الدكتور فوزية البكر خلال ورقتها "اختراقات الثوابت الوطنية السعودية في الخطاب الثقافي" أن مواقع التواصل الاجتماعي وبالتحديد "تويتر" ليست من مهددات الوحدة الوطنية. ووصفت البكر "تويتر" على أنه دواء مُر في طعمه إلا أنه خطوة نحو العلاج بوصفه ساحة فكرية تسمح بتداول النقاش والحوار.