في مسعى للخروج من الأزمة السياسية العنيفة التي أحدثتها إعلاناته الدستورية الأخيرة، التقى الرئيس المصري محمد مرسي، بعد ظهر أمس المجلس الأعلى للقضاء، للاتفاق على حلول وسط، إلا أن المعارضة التي دعت إلى تظاهرات حاشدة اليوم، تمسكت بضرورة إلغاء الإعلان كلية. وأعلن وزير العدل أحمد مكي إمكانية حل المشكلة "من خلال إصدار مذكرة شارحة للإعلان الدستوري، أو تعديل يوضح أن الحصانة محصورة في القرارات السيادية التي يصدرها الرئيس، وليس القرارات الإدارية الصرفة". وقال: إن "الرئيس ومجلس القضاء راضيان عن هذا التفسير"، دون أن يوضح ماهية القرارات السيادية التي يشير إليها. وأضاف إن "مقصد الرئيس الأساسي من الإعلان الدستوري، هو أن يحصن مؤسسات الدولة الدستورية، وهو موافق على ما طلبه القضاة من أن هذا الأمر لا يمتد إلى القرارات الإدارية الصرفة". بدورها رفضت المعارضة التي تضم الأحزاب غير الإسلامية من كل الاتجاهات هذه التطمينات وأكدت على لسان المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، عدم قبول أي حلول وسط. وقال البرادعي: "عشت طوال عمري مؤمنا بأهمية الحوار وأعمل من أجل التوصل إلى حلول وسط للقضايا الدبلوماسية، لكن لا حلول وسط في المبادئ. لأننا أمام رئيس يفرض علينا نظاما ديكتاتوريا مستبدا، فإذا أُلغي الإعلان يمكن أن نجلس للبحث عن توافق، لأننا في النهاية لا بد أن نعيش معا". مؤكدا على أهمية أن يدرك الرئيس "أنه أخطأ وأن يتراجع عن الإعلان الدستوري، ويشكل جمعية تأسيسية تمثِّل فئات وطوائف الشعب، ويشكِّل حكومة إنقاذ وطني، تنتشل البلاد من أوضاعها الأمنية والاقتصادية المتردية". ولم يستبعد البرادعي نزول الجيش إلى الشارع مرة أخرى "ليمارس مسؤوليته في منع الفوضى وحماية الوطن، رغم أن ذلك يفتح الباب لتداعيات لا يعلم أحد إلى أي مصير ستقودنا. فعندما ينزل الجيش لحفظ الأمن، فانه سيعود حتما إلى السلطة، لا سيما إذا كان نزوله في ظروف قاسية. وفي حال تطورت الأمور إلى حرب أهلية واستمر الاستقطاب في الشارع، فإن كل هذا سيشعل البلد. وإذا أصر الرئيس على طرح الدستور بشكله الحالي للاستفتاء، فإن النظام سيفقد شرعيته". وكان العشرات من أنصار المعارضة قد أمضوا ليلة جديدة في ميدان التحرير، الذي تحول إلى معسكر تنتشر فيه الخيام، منذ أن أعلنت أحزاب وحركات المعارضة الاعتصام فيه مساء الجمعة الماضي احتجاجا على قرارات مرسي.